ككل الأشياء التي غيرها ترامب، حوّل أخيرا من ملامح المشهد الاتصالي، سواء بشقه الكلاسيكي، أو حتى الرقمي، وعبّد طريقا جديدا لخطاب الإدارة الأميركية عبر الشبكات الاجتماعية، أو الرئيس على وجه التحديد، على منصة "تويتر"، لنكون أكثر دقة. ليس مستغربا ما يفعله ترامب، فهو كما يبدو اختار أن يملك منصاته الإعلامية، وينشر بمنأى عن الإعلام غير النزيه، كما يصفه، ما اضطره للتغريد شبه اليومي، المتتابع والصريح، والذي يعكس بشكل مباشر ما يدور في أروقة البيت الأبيض، وجمجمته. ما يؤسس له ترامب، سواء بوعي أو بدون، هو تغيير العمل الاتصالي المصاحب للعمل السياسي والدبلوماسي، والانتقال بشكل واضح لنقل الصورة بشكلها الكامل، بعيدا عن التنميق، وفرازات خبراء الاتصال، وسياسات المتحدثين الرسميين، ما قد يضطره مستقبلا للتراجع عن كثير من هذه القرارات، بعدما يصطدم بجبل من المحاسبة البرلمانية والشعبوية، نظير الشفافية (الزائدة)، والتي ينثرها يوميا، بلا حساب! لم يعد الأمر مبكرا، لذلك على المؤسسات الأكاديمية، ومراكز الأبحاث، العمل للوصول إلى النظريات الاتصالية الحديثة، بدءا من تحول المشهد الأميركي في الانتخابات، إعلاميا، ومرورا بعمليات التنصيب وما صاحبها من حملات مناهضة أو مؤيدة، وليس انتهاء بمنهجية العمل الاتصالي الحديث، المعتمد -بشكل شبه كلي- على القناعات الذاتية، كما يبدو. يعتقد البعض أنه دونالد غير مدرك لما يفعل، يمارس عمليات اتصالية بطريقة عشوائية، لكن المحلليين يقولون إنه يحاول أن يستخدم تكنيكات الReality Show، تلفزيون الواقع، التي تمرس عليها جيدا في برنامجه، ويستغلها في العالم الرئاسي الذي يعيشه، كما لو كان واقعا فعليا، والذي يعتمد على تأصيل الروايات التي يرغب بتأكيدها، ما يصعّب من عمليات التعقب والتعقيب عليها، حتى تحقق أهدافا يريد الوصول إليها. أحد أهم النظريات الاتصالية الشهيرة التي يعمل عليها، ويستخدمها من المشهد الاتصالي التقليدي، رغم أنه يحاول أن يجدد بشكل جذري، هي ما تعرف بنظرية التأطير، الframing، وتحديدا مع من يخالفونه، أو يعادونه، لذلك كثيرا ما يكرر "الفاشلة نيويورك تايمز The Failing NYT"، أو "المتلاعبة هيلاريcrooked Hillary"، حتى صارت بمثابة الشعارات، التي يحاول أن يكرسها، ليكررها غيره، ويحلق أصحابها في هذه الأطر. يبدو ذكيا، وغير ذلك في الوقت نفسه، لكن الأهم كيف نبدو نحن في فهم ما يقول؟ أو ما يريد قوله.. أو قوله لنا! والسلام..