ندوة مستقبل الإعلام السعودي في ضوء الثورة الرقمية ضمن النشاط الثقافي لمهرجان الجنادرية 31 كانت واضحة في التعبير عن الواقع، وتحدياته، وتحوّلاته، ومهمة في توقيتها، وتعدد الآراء فيها؛ بحثاً عن حلول تساهم في تطوير وتمكين وسائل الإعلام السعودية من أداء رسالتها، وتحقيق أهدافها، بما ينسجم مع رؤية المملكة 2030. المتحدثون في الندوة د. عبدالعزيز الخضيري، ود. إبراهيم البعيّز، ود. محمد الحيزان، ود. فهد الطياش؛ اتفقوا جميعاً على أن وسائل الإعلام السعودية بحاجة إلى مشروع وظيفي بمحددات تنظيمية وقيمية ومهنية وتقنية؛ ترسم ملامح العلاقة والممارسة مع الواقع الجديد في بيئة الإعلام التفاعلي، وتحديداً شبكات التواصل الاجتماعي. د. الخضيري دعا إلى إبراز الهوية الوطنية، والقيم، والتقنيات، وتحديث التنظيمات الحالية؛ للخروج إلى الأفق الجديد من المنافسة مع الإعلام الرقمي، ود. البعيّز طالب بأن يكون لدينا إعلام دولة وليس إعلام حكومة، وزيادة الاستثمارات في الجوانب الإخبارية والتفاعلية والترفيهية، واستيعاب مخرجات أقسام الإعلام في الجامعات، بينما يخشى د. الحيزان أن يمثّل الإعلام السعودي أشخاص أو جهات غير معروفة في الإعلام الجديد الذي ابتلع الوسائل التقليدية، مستعرضاً أهداف مؤسسات الإعلام الرسمية التي لم تكن واقعية في جانب المنافسة، مختتماً ورقته بسؤال: هل مستقبل الإعلام السعودي يسير نحو المستقبل؟، أما د. الطيّاش فيرى أن الحل في العمل الاستراتيجي من خلال الإنتاج، والأبحاث، والتدريب، إلى جانب العمل المؤسسي بالاهتمام بالشأن المحلي وقضاياه، والتعامل مع الإعلام كسوق، وزيادة قنوات التفاعل مع الجمهور. د. فهد العسكر رئيس الجلسة وجد نفسه أمام كم هائل من المداخلات، والتساؤلات، حيث اكتفى الأستاذ صالح القلاب بتفاؤله بمستقبل الإعلام السعودي، بينما يرى آخرون أن الواقع لم يتغيّر، وبالتالي الحديث عن المستقبل لا يزال مبكراً. وعلى الرغم من تعدد الآراء حول الإعلام السعودي، ومستقبله، وتحدياته، إلا أن الحقيقة أن هذا الإعلام لا يزال رسمياً في توجهاته، ومواقفه، بغض النظر عن تقسيماته (حكومي، خاص، أفراد)، وتنوع وسائله، وهو شأن كثير من الأنظمة الشمولية، وأنا على قناعة أن المسؤولين في وزارة الثقافة والإعلام لديهم من الحلول والأفكار والمشروعات ما تكفي للمستقبل، ولعل مستهدفات الوزارة في برنامج التحول الوطني 2020 خير دليل، ولكن الأهم في هذه المرحلة فصل إعلام الدولة ككيان وقيادة، عن إعلام الحكومة كسلطة تنفيذية، بما يتيح فرصة أكبر من حرية الرأي والتعبير والمشاركة المجتمعية في صناعة القرار، ويضمن تعديلاً على التنظيمات، وأهمها السياسة الإعلامية التي مضى عليها (35) عاماً، والدخول إلى الفضاء الإعلامي الجديد كشريك مؤثر، وليس مستورداً تابعاً لما يثار فيه.