كانت الطباعة في دولة الكويت نشطة وميسرة في الثمانين الهجري وما بعدها، فكان بعض الشعراء من الشباب في ذاك الزمن الجميل، يحب أن يطبع ديوانه في الكويت. ومن ذلك، الشاعر الغزلي فهد مناحي السهلي الذي طبع ديوانه في التسعينيات الهجري. وكانت له علاقات جيدة مع شعراء الشباب في الكويت وبخصوص الشاعر على القحطاني الذي كان قد اشتهر بالكويت مدة من الزمن إبان تسجيلات الوادي الأخضر بالكويت. ولهذا كتب الشاعر على القحطاني المقدمة لديوان فهد السهلي، وعنوان الديوان "خطوة على الطريق". ولعل الشاعر على القحطاني هو الذي انتقى هذا العنوان للشاعر فهد نظراً لأنه أول ديوان منشور للشاعر فهد السهلي. فهو أول خطوة إلى طريق نشر شعره وطبع في مطابع دار اليقظة التابعة لمجلة اليقظة الكويتية، فيما اعتقد. والديوان من الحجم الصغير وتظهر على غلافه صورة قافلة من الجمال تمشي في صحراء في شمس مشرقة. والحروف في الديوان صغيرة جداً، لا ترى إلا بالمجهر لمن هو كبير في السن. والمقدمة للديوان في الصفحة الأولى، يقول فيها الشاعر علي القحطاني: "والشاعر الشاب فهد مناحي السهلي هو شاعر عربي ولد في مدينة الرياض من قبيلة السهول من آل المحيميد وهو شاعر جاد ذو تجربة جادة عرف أبجدية الشعر منذ نعومة أظفاره، منذ سن الخامسة عشرة والقارئ لأشعار السهلي، يجد نغمة عربية أصيلة ضربت جذورها في أعماق الصحراء العربية فترك فيها التوحد والاندماج والالتصاق". انتهى كلام القحطاني. والديوان كما قلت هو أول عمل شعري للشاعر فهد السهلي، ولذلك لم يكن للديوان أي فهرس لقصائده بل جعل عنوان لكل قصيدة. اما لغة الشاعر فهد السهلي في سلسلة سهلة جداً، فكأن شعره غنائي والقصيدة لديه قد لا تتجاوز سنة أبيات أو تزيد قليلاً، ولعل أطول قصيدة الألفية وقد أطال فيها الشاعر فهد النفس وهي ألفية جميلة وحلوة وجذابة وكانت الألفيات في أيام الشاعر فهد السهلي لها عشاق ومحبون وحفظة. وخصوصاً بعدما غنى الفنان المبدع سالم الحويل ألفية ابن عمار فكانت إبداع في إبداع. والشاعر فهد في ألفيته نظمها على قافية واحدة، وقد وفق في هذه الألفية. وأبدع فيها وجسد المعاناة والأسى التي كانت في خواطره وهاجسه يقول فهد: الف لفا بالقلب تسعين هاجوس وشلون ابجحدهن وهن احرقني والبا بدأ بالقلب تسعين نيه فهن عيوني ليلهن يسهرني والتاء تراني لو جحدت الصوابي وسلي نفسي لين حتى اطمئني ويستمر الشاعر السهلي في حروف نظم الألفية على عدد حروف الهجاء وهذه الألفية مما يستدرك على أستاذنا الباحث والأديب أحمد الدامغ –رحمه الله- في كتابه ديوان الألفيات الذي طبع عام 1413ه. والناشر دار عالم الكتاب وهما مجلدان. وإن شاء الله سوف نصنع قراءة لهذا الكتاب في عدد قادم. ومن القصائد التي نظمها شاعرنا فهد السهلي هذه القصيدة وهي تفوح بالمعاناة والأسى وألم الفراق. وقد انتقى السهلي أن يكون الشطر الأول وهو صدر البيت على قافية صعبة وهي الواو الساكنة وهذه براعة من الشاعر ودليل تمكنه من نظم الشعر، يقول فيها: يا عين يا للي كن في حجرها ضو من كثر ما تنثر دموعن غزاير على عشيرٍ من وطنا أبعد النو ياما على شوقه عطيت البشاير عز الله أنهم ابعدوا وخلو الجو أثر التعرف يا جماعة عزاير الله لا يسقي نهار به اقفو ما لي جدى الا ونتي والعباير والحزن على فراق المحبوب والولع حين تذكره والشوق آليه فيما يمر على ذكره في خاطره أو يشاهد منازل أهل المحبوب، هو سمة ضاهرة على شعر فهد السهلي ومن هذه القصيدة ننتقي هذا الإحساس والمشاعر لدى شاعرنا الذي كان ديوانه أغلب في الغزل والوجد والصبابة والحنين والشوق وهذه هي قصيدته: انا كل ما مريت بيت بقي مهجور على عتبته تبني رياح الهوى سافي تجدد جروحن ما عرف طبها الدكتور جروح التفرق ما لها علاج يا كافي انا عقب فرقا صاحبي يا هلي مخطور شفولي طريقه ويمكن الروح بسعافي إلى آخر قصيدته هذه التي مثل بقية قصائد الديوان إنه شعر الشباب والصبا والهوى والغزل والوجدان والحب والأسى والغرام والعشق. وبعد فهذه إطلالة سريعة على شعر ذاك الزمن قبل أربعين سنة قبل عصر النت على ديوان الشاعر فهد بن مناحي السهلي. صلاح الزامل