حاول الاطباء انقاذ حياة رئيس الوزراء الاسرائيلي ارييل شارون الذي خضع امس لتصوير مقطعي جديد للدماغ ولا يزال في حالة غيبوبة عميقة في مستشفى هداسا في القدسالمحتلة. واعلن المتحدث باسم المستشفى رون كرومر لوكالة فرانس برس «ان هذا التصوير المقطعي كان مقررا ولا يعني ان شيئا تغير». ومع ذلك، يستعد الاسرائيليون والمسؤولون عبر العالم لوفاة شارون بين الخوف من اندلاع اعمال عنف جديدة في الشرق الاوسط وبين الامل في التوصل الى سلام بعد نزاع استمر عشرات السنين. وغداة عملية جراحية جديدة كانت الثالثة خلال يومين، عمد اطباء شارون الى تصوير مقطعي جديد. وبحسب المستشفى فان هذا التصوير دام حوالي نصف ساعة وسيدرس الاطباء نتائجه. وقد اعيد شارون الى غرفة العناية المركزة في المستشفى. ومساء الجمعة، لاحظ الاطباء ان ضغط الدم داخل الجمجمة تراجع ولم يعد هناك نزيف. لكن الخبراء الذين يقولون ان حالة شارون «خطيرة لكنها مستقرة»، يحرصون على عدم ابداء تفاؤل كبير لان الاضرار التي لحقت بدماغ رئيس الوزراء الذي سيبلغ 78 عاما الشهر المقبل، قد تكون غير قابلة للعلاج. لكن هذا لم يمنع احد الجراحين الذين شاركوا في العملية التي خضع لها شارون من المجازفة بالقول للمرة الاولى انه ما زالت للمريض فرصة للنجاة. وقال البروفسور فيليكس اومانسكي «لا اعرف اذا كان ذلك سيتم بنسبة مئة في المئة لكنني آمل ذلك». واضاف «ان حالته افضل. علينا ان ننتظر يومين او ثلاثة ايام وسنجري تصويرا مقطعيا اخر واذا ثبت عدم وجود مشاكل اخرى فسنبدأ باخراجه من الغيبوبة». وقال البروفسور شلومو مور يوسف من مستشفى هداسا في القدس حيث نقل شارون منذ مساء الاربعاء ان «هناك تحسنا ملحوظا بالمقارنة مع الصور المقطعية السابقة». واضاف ان «حالة رئيس الوزراء تبقى خطيرة لكنها مستقرة». وما زال الوضع الصحي لشارون يحتل العناوين الرئيسية للنشرات الاخبارية الاذاعية والتلفزيونية في اسرائيل والعالم. وما زال مئات الصحافيين من جميع انحاء العالم والفضوليين يتجمعون امام مدخل قسم الطوارىء في المستشفى. وكان نجلا شارون وعدد كبير من مستشاريه والقريبين منه سياسيا موجودين في المستشفى امس. ويصعب التكهن بمضاعفات احتمال وفاة شارون الذي بدأ اعادة رسم الحدود بين اسرائيل والفلسطينيين عبر الانسحاب من قطاع غزة الصيف الماضي. وتزامن تدهور صحة شارون مع حالة من الفوضى الداخلية تشهدها الاراضي الفلسطينية وضعف الرئيس الفلسطيني محمود عباس قبل نحو ثلاثة اسابيع من موعد الانتخابات التشريعية التي يمكن ان تؤثر على مسار عملية السلام. وقال مصدر طبي ومعاون قريب من شارون ان الجلطة الحقت ضررا كبيرا بدماغه. ونقلت صحيفة «معاريف» عن طبيب آخر في مستشفى هداسا قوله «نعتقد ان الضرر سيتمثل في شلل واحتمال مواجهته صعوبات في النطق بدرجة معينة، لكن قدراته الادراكية ستكون اقل تأثرا». ويثير مرض شارون قلق عدد كبير من الحكومات في العالم وخصوصا الادارة الاميركية التي الغت وزيرة خارجيتها زيارة الى اندونيسيا واستراليا لتتابع وضع رئيس الوزراء الاسرائيلي من واشنطن. وقال رئيس الوزراء العمالي السابق ايهود باراك لشبكة التلفزيون الاميركية «سي ان ان» ان «شارون قال بوضوح انه يريد دولتين منفصلتين». وقال الكاتب الاسرائيلي المعروف عاموس اوز في مقال نشرته صحيفة الغارديان البريطانية «ان كل المستوطنات في الضفة الغربية وهضبة الجولان لا تزال قائمة كنصب على شرف شارون سابقا». واخذ هذا الناشط في حركة السلام الان المناهضة للاستيطان على شارون ايضا انه «لم يحاول ابدا الجلوس مع الفلسطينيين لاجراء محادثات كما يفعل جيران». وتساءل اخيرا عن الاسباب التي «حملت شارون في خريف حياته على التغير بهذا الشكل الجذري، وعن الاجراءات الاخرى التي كان يفكر فيها للتقدم نحو السلام والمصالحة». وفي السياسة الداخلية، تشير استطلاعات الرأي حول نوايا التصويت في الانتخابات التشريعية التي ستجرى في 28 آذار/مارس ان حزب «كاديما» (الى الامام) الذي اسسه شارون حديثا لا يزال في الصدارة امام الاحزاب الاخرى. وفي حال كان رئيس الوزراء بالنيابة ايهود اولمرت مرشح «كاديما» للانتخابات المقبلة، سيفوز هذا الحزب باربعين او 39 مقعدا من اصل 120. اما في حال كان المرشح رئيس الوزراء السابق شمعون بيريز (82 عاما)، وهو احتمال ضئيل جدا، فقد يحرز «كاديما» نتيجة افضل. من ناحية ثانية يؤكد مستوطنو غزة السابقون انهم يرفضون البكاء على شارون الذي كان لعقود مهندس الاستيطان، معتبرين انه «طردهم» من «ارض اسرائيل» المزعومة في آب/اغسطس الماضي.