وهذه القصيدة من غرر الشعر العربي، وأنا أعتبرها من أعظم قصائد الشعر العربي ولو أن فاروق شوشة لم يذكرها في كتابه "أعظم 20قصيدة غزل عربية" وقد سمعت هذه القصيدة من المغنين الحجازيين حسن جاوة ومحمد سعيد أبوخشبة بل إن أمي كانت تغنيها لي لكي أنام، وكانت تغنيها مغنية من مغنيات حفلات الزواج في مكة اسمها حمادة وكانت صديقة لأمي وكانت تتردد إلى أمي وتغنيها لها ولهذا حفظتها عن ظهر قلب دون أن أقرأها مطبوعة، ولو أنني قرأت أخيراً ان له ديواناً مطبوعاً حققه صديقنا محمد العيد الخطراوي، ولا نعرف الكثير عن حياة الشاعر سوى أنه ولد في الشام، ولا نعرف على وجه التحديد يوم مولده ولكننا نعرف أنه نفي إلى المدينةالمنورة واستقر بها إلى أن مات في عام 1052ه ولا أستطيع ان أنشر هنا كل القصيدة لأن هذا الحيز لا يتسع لها ولكنني سأنشر ثلاثة أجزاء منها تمثل تقلبات حياته وسيرته مع الحبيب والزمن وهو يستهلها عن الأرق كباقي الشعراء: بات ساجي الطرف والشوق يلح والدجى إن يمض جنح يأت جنح وكأن الشرق باب للدجى ماله خوف هجوم الصبح فتح ثم يتحدث عن حاله وحال المحبين: لا تسل عن حال أرباب الهوى يا ابن ودّي ما لهذا الحال شرح إنما حال المحبين البكا أي فضل لسحاب لا يسحّ وبعد ذلك يتحدث عن ترحاله: لا أذم العيس للعيس يد في تلاقينا وللأسفار نجح قربت منا فماً نحو فم واعتنقنا فالتقى كشح وكشح وتزودت شذى من مرشف في فمي منه إلى ذا اليوم نفخ وتعاهدنا على كأس اللمى انني مازلت حياً لست أصحو ثم يصف أيام اللقاء والوصال: صبحتك المزن يا دار اللوى كان لي فيك خلاعات وشطح حيث لي شغل بأجفان الصبا ولقلبي مرهم منها وجرح كل عيش ينقضي ما لم يكن مع مليح ما لذاك العيش ملح والبيت الأخير يؤذن بالفراق الذي حدث أخيراً: يا ترى هل عند من قد رحلوا أن عيشي بعدهم كد وكدح كم أداوي القلب قلّت حيلتي كلما داويت جرحاً سال جرح ثم يأتي هذا البيت الذي مازلت أردده حتى الآن: حسّنوا البعد وقالوا غربة إنما الغربة للأحرار ذبح