يعد الشاعر محسن الهزاني أحد رموز الشعر العامي في الجزيرة العربية وقد شدني كتاب طبع عنه بعنوان «الشاعر محسن الهزاني:نسبه،موطنه،حياته،شعره»جمع وتحقيق تركي بن سعود الهزاني،وعن سبب تأليفه يقول المؤلف في مقدمة الكتاب «..وبما أنني أحد أقاربه المهتمين بشعره وبالتراث الشعبي،فقد كان واجباً علي جمع وتحقيق هذا الديوان..»والكتاب يتكون من تمهيد وبابين اشتمل الباب الأول على اسم الشاعر ونسبه ومولده ونشأته وتعليمه وثقافته ..وأما الباب الثاني فتضمن شعر محسن الذي قسمه إلى ثلاثة أقسام حسب المواضيع حيث جعل القسم الأول لقصائد المواعظ والحكم واشتمل على أربع قصائد منها قصيدة محسن الشهيرة التي يقول فيها: غنى النفس معروفٍ بترك المطامع وليس لمن لا يجمع الله جامع ولا مانع لما يعطي الله حاسد ولا صاحبٍ يعطيك والله مانع ولا للفتى أرجا من الدين والتقى وحلمٍ عن المجرم وحسن التواضع وصبرٍ على الفايت ولو رأس ما غلا فما فات من الآفات ما هو براجع والقسم الثاني لقصائد الغزل ومنها هذه القصيدة التي كتبها محسن بنفس أسلوب الموشحات الأندلسية وهذا ما لم أجده في الشعر العامي عند من سبقه في ذلك ونختار منها: تعطف يا ظبي بانه وهج الغي بيبانه أحبك جهد ما أقوى كتمته والبكا بانه بانه على وجنتي دمعٍ صبابه مال والقلب يا صاح من فرط الصبابة قال يا غصن موزٍ الى هب الصبا به مال عليك الروح عطشانه عطشانه الى عسعس وخدين الملا عسعس وليل قرونها عسعس تنقى الصبح با وجانه اوجانه التبر والترياق مرشافه يقتل الى حط تحت الطوق مرشافه مورد الخد لو ان القمر شافه طلب حسنى من احسانه حسنه بالسجنجل جل وعنقه بالمجلجل جل ظبيٍ من ظبا جلجل قطفنا ورد بستانه بستانه الخد والثغر الذي سلسله عمن ترشف الى جن الدجى سلسله جن الدجى مثل شعره كل ما سلسله شمينا ريح ريحانه ريحانه المعثكل كل قطفنا الغي ولكل كل نعشني صافي الكلكل بوصله بعد هجرانه هجرانه المر وتلول العسل في فيه ومن الهوى والمحبة ليت مافي فيه لو شبت ما تبت عن بدع القوافي فيه ورشفي كاس اسنانه والقسم الثالث لمساجلات الشاعر مع شعراء عصره. والكتاب قيم في مجمله وإن كان هناك بعض الملحوظات الجوهرية وسنعرج عليها بعد أن نبدأ بالايجابيات ومنها: 1-أعطى المؤلف نبذه تاريخية وافية عن نسب أسرة الشاعر وعن بلد الحريق وجغرافيته وتوسع في الحديث عن ذلك. 2- حدد المؤلف مولد الشاعر محسن الهزاني في سنة (1145ه) وكان الأفضل لو وضح على ماذا اعتمد في تحديد ذلك. وهناك بعض الملاحظات على الكتاب عسى أن يتلافاها المؤلف في الطبعة الثانية نختصر منها ما يلي: 1-يقول المؤلف "للشاعر محسن فضل كبير على الشعر الشعبي فقد أدخل الأوزان(السامرية)كما أنه أول من أدخل نظام القافيتين على الشعر الشعبي خارجاً بذلك عن القاعدة الهلالية بالنظم..فأدخل بحر المسحوب ذا القافيتين الملزمتين وأصبح الشكل معتمداً بعده..كقوله: من ناظري دمعي على الخد مسكوب ومن الحوادث شاب رأسي وانا شاب لا لذ لي زادٍ ولا حلو مشروب ولا لموق العين طيب الكرى طاب لا شك ما يجري على العبد مكتوب طول الزمان وكل شيءٍ له اسباب". أقول:هذا قول فيه مغالطة والمؤلف معتمد على ما ذهب إليه الشاعر طلال السعيد الذي أخطأ في اجتهاده وتناقله الآخرون عنه دون تمحيص فالسامري فن غنائي وليس بحرا شعريا وإنما أخذ تسميته من انه شعر يغنى في سمر أهل نجد ويختلف في لحنه وإيقاعه من بلد لآخر مثل سامري عنيزة سامري حايل وسامري الحريق وسامري وادي الدواسر وغيره كما أن الواقع التاريخي للشعر العامي يثبت أن تقفية الشطرين في بحر المسحوب وغيره من البحور سابقة لعصر الهزاني ومن ذلك قصيدة زوجة عروج من بني لام من أهل القرن الحادي عشر الهجري والتي تقول فيها: يا بكرتي وش علم حالك ضعيفي اشوف حالك وانيٍ عقب الاردام عقب الفسق ومهادرك بالمصيفي ومصاول القعدان مرباعك العام عقب الاباهر والسنام المنيفي صرتي كما المفرود من فعل لزام قطع عليك ديار قوم ٍ تخيفي تسعين ليلة راكب الهجن ما نام وكذلك نجد لنفس الشاعرة قصيدة أخرى تقول فيها: يا الله يا عايد على كل مضماه يا مخضر الارض الهشيم المحايل انت الكريم ورحمتك ما نسيناه تروف باللي دوم عينه تخايل تلطف بمن لكن عينه مداواه اللي بقلبه حاميات الملايل الوج مثل ايوب من عظم بلواه واسهر الى ما يصبح النجم زايل على حبيبٍ كل ما قلت ابا انساه لذكره تفطني من الهجن حايل وكذلك نجد قصيدة خليل بن عايد شاعر القرن الحادي عشر الهجري المشتهر بمطوع المسوكف بعنيزة التي يسندها على جبر بن سيار المتوفى عام 1085ه.والتي منها هذه الأبيات: مقصودي الباري مزيل المهمات عوني على الحاجات مغني المفاقير زبني عن أسباب الأمور العظيمات أوي زبنٍ من تنصاه ما ذير ربي إلهي مقصدي فيه مكفات رجواي مذخوري عليه التدابير قلته وباجفاني عن النوم سهرات والقلب كنه فوق بعض المجامير فجميع القصائد المذكورة تؤكد شيوع السامري وتقفية الشطرين (الصدر والعجز)قبل زمن الشاعر محسن الهزاني وكان الأحرى بالمؤلف أن يتحرى عما ينقله ويناقشه بعلمية. 2- إن المؤلف في إيراد النصوص لم يبين المرجع الذي اعتمد عليه وان كان تبين لنا من مراجعة مخطوط ابن يحيى انه نقل عنها الأغلب وكذلك لم يحقق النصوص ويقارن بين الروايات المتعددة لها وصحة نسبة بعضها للشاعر وليته فعل خاصة وانه كتب على الغلاف "جمع وتحقيق".