قوبلت محاولات جماعة الاخوان المسلمين المحظورة في مصر، وبعد أن ضمنت 20٪ من مقاعد مجلس الشعب، لازالة هواجس الأقباط واظهار حسن النوايا من جانبها، بتصلب من الطرف الآخر، وذلك بعد أن وجهت الجماعة دعوة مباشرة لقيادات الأقباط لتقديم أسماء ألف قبطي لخوض انتخابات المجالس المحلية المقبلة على قوائم الجماعة، لكن قوبلت الدعوة بالرفض . وأعلن القيادي البارز في الجماعة الدكتور عصام العريان في ندوة نظمها صالون ابن رشد بالقاهرة تحت عنوان «الإخوان المسلمون في البرلمان الجديد .. جماعة دينية لتقييد الحريات أم قوة معارضة سياسية» موافقة الإخوان على تشكيل أحزاب ذات مرجعية مسيحية وقال إن الدستور لا يمنع أيضا إنشاء أحزاب ذات مرجعيات إسلامية مشيرا إلى أن الجماعة عرضت ترشيح ألف قبطي على قوائمها في انتخابات المحليات القادمة إلا أن هذا الأمر قوبل برفض من الجانب القبطي لرفض الكنيسة . وقال إن الإخوان لا يسعون لخوض انتخابات الرئاسة بأنفسهم ولكن يهدفون لإتاحة الفرصة أمام اختيار حر لرئيس الجمهورية . وأكد أن الإخوان بدأوا معركة الإصلاح والتغيير وأن الجماعة لا تطلب شيئا لنفسها وأنها تجاوزت مرحلة المطالبة بالمشروعية السياسية منذ فترة، وستبذل أقصى جهدها لتحقيق الطموحات التي يعلقها عليها جموع المصريين . ورأى العريان أن نتائج الانتخابات الأخيرة حملت دلالتين مهمتين هما انتهاء النظام الحزبي الرسمي بجناحيه الحاكم والمعارض إلى جانب ضعف أداء العمل الجبهوي مشيرا إلى أن الجبهات التي تشكلت مؤخرا تحتاج للبحث والتطوير لكنه نفى في نفس الوقت انسحاب الإخوان من التحالف الديمقراطي من أجل التغيير، الجبهة التي تضم الأحزاب والقوى الوطنية المعارضة، مؤكدا أن الإخوان لن يكونوا بأية حال من الأحوال سببا في انهيار هذه الجبهة . وأضاف العريان أن من أهم دلالات الانتخابات البرلمانية الأخيرة هي رغبة الشعب في تحقيق الإصلاح والتغيير والتي ظهرت في نسبة التصويت، مؤكدا أن تحليل تلك الأصوات من جانب عدد من الخبراء لم يكن أمينا وكان الهدف منه بث اليأس في قلوب الناس من خلال القول بان النسبة التي شاركت في الانتخابات كانت متواضعة في حين أن النسبة التي شاركت تعتبر جيدة قياسا إلى الأخطاء التي تشوب الجداول الانتخابية . واعتبر العريان أن الإخوان أصبح واجبا عليهم قيادة عملية الإصلاح في حالة تقاعس الآخرين، والمشاركة معهم إذا أرادوا الإصلاح، منتقدا خوف النخبة من الجماهير رغم أن تلك الجماهير أثبتت قدرتها على التغيير ونضجا سياسياً كبيراً . وأكد العريان انه لا توجد في البلاد ثقافة أو ديمقراطية حتى يهددها الإخوان كما يروج البعض مشددا على الحاجة إلى التجديد في قضايا الفقه الإسلامي لافتا إلى أن الإخوان لن يحصلوا على حزب سياسي عن طريق الصفقات كما فعل البعض ملمحا في ذلك إلى تجربة نشأة الحزب الناصري مشيرا إلى انه وحسب أدبيات الجماعة فإنهم يدخلون الآن مرحلة تحرير الوطن وإصلاح الحكومة حيث تعيش البلاد استقلالا زائفا . وأشار العريان إلى أن الإصلاح الدستوري والسياسي يأتي في مقدمة أولويات نواب الجماعة، منتقدا إصرار البعض على اتهام نواب الإخوان في المجلس السابق بالتركيز على قضايا تتعلق بحرية الإبداع والفكر رغم أن النواب كان لهم أسهاما كبيرا في عدد كبير من القضايا وأهمها مواجهة الفساد وتزايد الدين العام وغيرها . وأكد العريان أن قوة الدفع التي نتجت عن الانتخابات البرلمانية والتي شاركت فيها الجماهير بشكل متميز يجب أن تستمر وان يتم استثمارها بعد التضحيات التي قدمها الناس بسبب إصرارهم على المشاركة، مطالبا برد الاعتبار للنقابات المهنية والعمالية والجامعات والمؤسسات الحقوقية لإثبات الذات في المرحلة الانتقالية التي تمر بها مصر والتي إما أن تقود مصر إلى مستقبل أفضل أو تعيدها خطوات إلى الخلف، مشيرا إلى أن تلك المرحلة تتطلب توافقا وطنيا من كافة القوى السياسية والوطنية في مصر . ولم يكن هذا هو المحفل الوحيد الذي تطرق الى العلاقة بين الاخوان والأقباط الذين عبروا صراحة عن مخاوفهم من وصول هذا العدد الكبير من الاخوان الى مقاعد البرلمان، «88 نائبا»، بل عقد مركزُ سواسية لحقوق الإنسان ندوة لمناقشة وثيقة بعض الأقباط عن مطالبهم من جماعة الإخوان بعد فوزهم بنسبة 20٪ من البرلمان، وأكد المشاركون أنه ليست هناك مشكلة بين الأقباط والإخوان، وأن المشكلة افتعلها النظام المصري لترسيخ التنافر بين أبناء الوطن . وقال المشاركون في الندوة إنه لم يكن هناك حدث يستدعي هذا التخوف والقلق من فوز الإخوان، مؤكدين أن القضية سياسية وليست متعلقة بموقف جماعة الإخوان من الأقباط . وأكد الدكتور محمد حبيب نائب المرشد العام للاخوان المسلمين أن المناخ السياسي الفاسد بمصر هو الذي دفع لهذه المخاوف، واصفا هذا المناخَ بأنه مريض وغير صحي وتسوده ثقافة الشك والريبة، مطالبا بضرورة نشر الشفافية بشكلٍ مباشر بين كل الأطراف في الوطن بمن فيهم الإخوان والأقباط . وأكد الكاتب الصحافي فهمي هويدي أنه لم يكن هناك داعٍ لإثارة هذه الأزمة عن موقف الإخوان من الأقباط معتبرا أنها أزمة مفتعلة لم يكن هناك حدث يبررها في وقت توجد فيه قضايا أخري أكثر إلحاحا من المفترض أنها تتعلق بواقع ومستقبل مصر . وأضاف هويدي أنه ليس من المعقول أن يكون مجرد سطر في حوارٍ نُشر منذ عدة سنوات في جريدةٍ بغير اللغة العربية، وممكن أن يكون هناك خطأ في الترجمة بشأنه، في إشارة الى حوار للمرشد الراحل مصطفي مشهور، مازال هو المشكلة حتى الآن ويثير هذه الضجة عن موقف الإخوان من الأقباط، في الوقت الذي يوجد فيه تراث مكتوب لا يستطيع أحد أن ينكره سواء الأقباط أو الإخوان أو غيرهم وهو ما قاله الإمام الليث بن سعد «ان جميع الكنائس التي في مصر بنيت بعد الإسلام». وطالب هويدي الأقباطَ الذين ينادون الإخوان بمراجعة مواقفهم من الآخر، أن يراجعوا هم أنفسهم وقبل غيرهم مواقفهم من الآخر أيضًا حتى يصل الجميع لاتفاقٍ من شأنه الارتقاء بالوطن.