كما يعلم الجميع أن العالم الآن أصبح مكشوفا، وفرص الاحتفاظ بالخصوصية بدأت بالانحسار، فمن خلال مواقع التواصل الاجتماعي والثورة الكبيرة التي تشهدها تكنولوجيا الاتصالات وتقنية المعلومات أتيح للبشر- في كل بقعة من بقاع الأرض - فرصة الاطلاع على أحوال وثقافات بعضهم البعض بسهولة وسرعة. ولكن ما يتوجب علينا إدراكه الآن هو مدى تقبل العالم لأحوالنا الاجتماعية وعاداتنا اليومية والتي تكفل كثيرون بتوثيقها ونقلها للعالم بأسره من خلال تلك الفيديوهات التي امتلأت بها مواقع التواصل الاجتماعي واطلع عليها بشر كثيرون من مختلف دول العالم والذين منهم من تفاعل مع عدد منها إما بالرد أو النقد، حتى إن كثيرا من وسائل الإعلام العالمية أصبحت تبث عددا من تلك الفيديوهات للتعليق عليها وأخذ الرؤى حولها، وقد تابعنا بعضا من تلك التعليقات خصوصا تلك التي غلب عليها طابع السخرية أو الاندهاش وكل ذلك بالطبع يولد انطباعا عند شعوب العالم عن مجتمعنا وعن أفراده. طالعت مؤخرا مقطعا صوتيا انتشر على مواقع التواصل الاجتماعي لسعودي يحذر المواطنين السعوديين المسافرين إلى أميركا من أن تحتوي هواتفهم النقالة على فيديوهات رمي الرصاص الحي أثناء مناسبات الزفاف وهي وسيلة يلجأ لها البعض في مجتمعنا كتعبير عن الفرح حيث يروي هذا الشخص قصة أحد السعوديين تم القبض عليه من قبل الأمن في إحدى مطارات ولاية أميركية بسبب احتواء هاتفه النقال على فيديوهات من ذلك النوع ما تسبب في احتجازه لثلاثة أيام تخللها تحقيق دقيق حتى تم الإفراج عنه مع إبعاده وعدم السماح له بالعودة للولايات المتحدة الأميركية، هذه الحادثة التي وردت في ذلك المقطع الصوتي وبغض النظر عن حقيقتها من عدمه هي في الحقيقة ممكنة الحدوث لأن هناك الكثير من مثل تلك الفيديوهات امتلأت بها هواتف السعوديين إلى جانب تلك الفيديوهات التي توثق رحلات الصيد وما تحتويه من صيد جائر تركت انطباعا سيئا لدى عدد من أفراد مجتمعنا فما بالنا بأفراد شعوب تهتم دولهم بالكائنات الحية وسنت أنظمة لحماية الحيوانات وخصوصا تلك المهددة بالانقراض. تحدثنا كثيرا عن موضوع سوء تعامل بعض من أفراد مجتمعنا مع وسائل الاتصال الحديثة وعدم إدراك الغاية الأساسية منها كوسائل وضعت لخدمة الإنسان ولتسهيل الحياة، والواقع أثبت ذلك فتلك الفيديوهات والتعليقات المسيئة التي يبثها سعوديون في الفيس بوك وتويتر والواتساب هي دليل على إساءة التعامل مع وسائل الاتصال واستغلالها للنيل من الآخرين وكأن تلك المواقع وسائل لتصفية الحسابات وتشويه للذوق العام. ما يجب أن يعيه أفراد مجتمعنا أن العالم الآن لم يعد هو العالم قبل عشرين عاما، وأن المؤسسات الرسمية في مجتمعنا أصبحت تتفاعل مع كل مادة تنشر في مواقع التواصل الاجتماعي ولا أدل على ذلك من ملاحقة وضبط عدد من المتحرشين بالفتيات وأولئك الذين أسرفوا في الصيد وظهرت لهم فيديوهات توثق أفعالهم المشينة والتي تتنافى مع قيم ديننا الإسلامي ومع الإنسانية. فهل نستطيع رسم صورة مثالية عن مجتمعنا أمام العالم في المستقبل؟! أم أننا سنسمع عن حالات احتجاز وضبط لسعوديين من خلال تلك المقاطع التي قاموا بنشرها أو من خلال تلك التي تحتويها هواتفهم النقالة والتي هي في الحقيقة بمثابة توثيق لفعل خطير وسلوكيات مرفوضة؟!.