لايوجد شخص حالياً -إلا ما ندر- لا يحمل هاتفاً نقالاً يكون في متناول يده أينما ذهب، ويرافقه إلى أي مكان يجلس فيه، إلى درجة أن البعض أصبح شغله الشاغل الهاتف وما يحتويه من تطبيقات وفيديوهات وغيرها، ينشغل بها في كل مكان، في المسجد وأثناء قيادة السيارة وفي المجالس الرسمية والمناسبات كالولائم ومجالس العزاء، يتصفح الهاتف ويتكلم بصوت مرتفع وهذا يدل على عدم الوعي والذوق، وهذا ملاحظ في المجالس التي أصبحت تعاني في الفترة الأخيرة من انشغال البعض بشكل مفرط بهواتفهم النقالة، ومع ظهور وسائل الاتصال والتواصل الحديثة والمتمثلة في: الفيسبوك وتويتر وسكايب والواتس أب وغيرها. وبالرغم من الإيجابيات التي حققتها الهواتف الذكية ووسائل الاتصال والتواصل من سرعة الاتصال بين أفراد المجتمع والعالم كافة، واختصار المسافات البعيدة والوقت والجهد، وتحويلها العالم إلى ما يشبه القرية الصغيرة، وإمكانية متابعة كل ما يستجد من أخبار ومعلومات في كل المجالات، إلا أنها في المقابل أفرزت بعض السلبيات القليلة والمتمثلة في فقدان الترابط الاجتماعي والأسري بمعناه الطبيعي وجهاً لوجه والانعزالية بين الناس في المجالس العامة ومجالس الأسرة وعدم تبادل الأحاديث ومشاركة الجالسين آراءهم ومداخلاتهم والاستماع إلى كبار السن والتعلم من تجاربهم في الحياة، فحينما يتحدث شخص ما في مجلس ويسرد القصص والأخبار تجد غالبية الحاضرين في المجلس بجواره وأمامه وكل واحد منهم منشغل بهاتفه النقال؛ فكيف لهم الإنصات والمشاركة في الأحاديث؟ كما أن المتحدث سيشعر بنوع من التجاهل واللامبالاة من قبل الجالسين ويحس بنوع من عدم الاحترام، وإلى عهد قريب كانت المجالس لها نوع من القدر والمهابة والآداب حيث الكل ينصت ولا ينشغل بأي شيء حتى ينتهي المتحدث ولا يقاطع أو يصرف نظره. هذا لا يعني تجاهل الهواتف النقالة تماماً في المجالس، ولكن لابد من حصر استعمالها على الأشياء الضرورية ولا بأس من الاطلاع على ما يرد من رسائل ومكالمات عاجلة لكن ليس بالشكل المفرط الذي نراه الآن، خاصة في المجالس العائلية وبحضور كبار السن فهنا يتضاعف الخطأ، فهل نعي آداب المجالس ونغفل عن هواتفنا النقالة ولو لفترة زمنية قصيرة؟