إيماناً بالله العزيز القدير وتسليماً بقضائه وقدره نحتسب عند الباري عز وجل فقيد الأمة العربية والإسلامية ملك الانسانية الراحل المغفور له بإذنه تعالى الملك عبدالله بن عبدالعزيز رحمه الله واسكنه فسيح جناته. وبقلوب آلمها هذا المصاب الجلل وبنفوس مؤمنة مطمئنة نرفع أحر التعازي والمواساة الى مقام خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله ورعاه- وإلى صاحب السمو الملكي الأمير مقرن بن عبدالعزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وإلى صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن نايف بن عبدالعزيز ولي ولي العهد النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية -سلمهما الله- والى أصحاب السمو الملكي أبناء الفقيد الكبير كافة والأسرة المالكة الكريمة جمعاء وأبناء الشعب السعودي النبيل. سائلين الله أن يتغمد ملك القلوب بواسع رحمته وكريم غفرانه إنه لسميع مجيب. ولكم آلمني الا أتمكن من حضور مراسم الدفن والعزاء والمشاركة فيها لوجودي في الولاياتالمتحدة الاميركية في رحلة علاج واستشفاء. وهذا ما دفعني إلى كتابة هذه الكلمة هنا لعلها تنوب عني في تقديم واجب العزاء بقائد فذ وملك حكيم وقد رحل عنا بجسمه إلاّ أن روحه النبيلة ونفسه الراضية المرضية ستظل بيننا وحولنا ومعنا تطمئن على المسيرة وترعاها. كان عبدالله بن عبدالعزيز الملك القائد رمزاً منيراً من رموز الوطن السعودي والأمتين العربية والإسلامية، وقد اشتمل على وفرة من الصفات الكريمة والمزايا والسمات والأخلاق الطيبة ستظل تذكر به الناس أجمعين. كما أن عهده الزاهر -طيب الله ثراه- تميز برسوخ الحكم واستقراره ونماء الوطن وازدهاره، وبلغ التقدم في مختلف مجالات الحياة أشواطاً بعيدة وغير مسبوقة بفضل الله وتوفيقه وبقيادة هذا الملك الباني والمعزز الذي حرص على أن تكون المملكة العربية السعودية الشقيقة الكبرى لكل الدول الخليجية والعربية والإسلامية؛ تساندها وتدعمها وتتعاون معها في السراء والضراء من أجل المصالح الكبرى المشتركة.. تعطي بلا منة وتدعم بلا حساب وتتعاطف بقلب مفتوح وتمد يدها دائماً للجميع بالخير والنفع العميم. وقد خصنا نحن في مملكة البحرين بالعديد من مواقفه النبيلة ودعمه الكريم الأمر الذي يذكر فيشكر ويثمن ويقدر، ويحمد له في كل حين. لقد أعطى الملك عبدالله بن عبدالعزيز وإخوانه الملوك والأمراء والحكام مجلس التعاون دول الخليج العربي كل الجهد والدعم والتعزيز وحرص -رحمه الله وطيب ثراه- على توفير جميع الظروف الحاضنة للتعاون والتنسيق المشترك وصولاً إلى طموحنا وهدفنا الأسمى وهو الاتحاد الخليجي، ونحن اليوم نتطلع إلى الملك سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله ورعاه- وإخوانه اصحاب الجلالة والسمو ملوك وأمراء وحكام دول المجلس بكثير من الثقة والأمل والتفاؤل للمضي على نهج المغفور له الملك عبدالله وتحقيق هذه الغاية التي تطمح وترنو اليها شعوب دولنا كافة وفي وقت قريب بمشيئة الله تعالى. أما على المستوى العربي فقد كان التضامن العربي وتعزيزه وتوثيقه هو غاية الفقيد الكبير وهدفه، وقد بذل في سبيل ذلك كل جهده ونجح في مساعيه الكريمة في كثير من المبادرات التي حملت الهم الفلسطيني والقضايا العربية إلى مواقع متقدمة في المحافل الدولية. وكذلك كان حرص الملك الراحل على التضامن الاسلامي وإبقاء صورة الإسلام والمسلمين ناصعة جلية في العالم كله. كما أولى اهتماماً ملحوظاً للتعاون الإنساني ولحرية المعتقدات وحرص على تنمية حوار الثقافات والأديان والحضارات وتعزيز الأمن والسلم الدوليين مثلما كان مبادراً في مواجهة الإرهاب والعنف والتطرف في كل مكان. ولن أستطيع في هذه العجالة أن أفي الملك الانسان حقه وفضله وإن اجتهدت في سبيل ذلك، إلا أنها نماذج لعطائه ولمحات موحية عن كرمه وإشارات دالة على جهوده. بالأمس ووري جثمان فقيدنا الكبير الراحل ثرى الأرض التي أحبها والوطن الذي بناه، وهاهي المسيرة الواثقة تتواصل على النهج الذي اختطه -رحمه الله- وإخوانه الملوك من آل سعود الكريم الذين مضوا على نهج والدهم الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن -رحمه الله- وما بدلوا تبديلاً. وها هي الراية تنتقل بثبات وثقة إلى يد الملك سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله وحماه- ليكمل الطريق ويواصل مسيرة العمل والعطاء والبناء. وها نحن اليوم نشد على يده الكريمة مباركين ومهنئين وقد بايعه الشعب السعودي العزيز على سنة الله ورسوله في المنشط والمكره والسراء والضراء على السمع والطاعة والولاء والوفاء. وهذه هي السفينة السعودية تبحر بسلام واطمئنان بقيادة هذا الربان الماهر والقائد الفذ والملك الحكيم مستلهماً تعاليم كتاب الله الكريم وسنة وسيرة النبي الأمين صلى الله عليه وسلم وصحابته الاطهار وسلفنا الصالح، في كل ما يخدم الامة ويعزز قدرات الوطن ويجمع الشمل ويوثق العلاقات ويمكن للاسلام والمسلمين في دولهم وأوطانهم بالعيش الرغيد والأمن والأمان والاستقرار. وهي مناسبة كريمة نغتنمها فنتقدم بواجب التهنئة الصادقة الخالصة إلى خادم الحرمين الشريفين وولي عهده وولي ولي العهد؛ وفقهم الله جميعاً إلى مايحب ويرضى؛ وحقق على أيديهم الكريمة كل ما يصبو إليه أبناء هذا الوطن العزيز والأمتين العربية والإسلامية من مجد ورفعة وتقدم؛ وما تتطلع إليه الإنسانية جمعاء من ازدهار واستقرار وأمن وأمان. والله ولي التوفيق. *سفير مملكة البحرين لدى المملكة العربية السعودية