عودة السفير الإيراني الى صنعاء بعد عام من مغادرته لها على إثر اعتراض الجهات الرسمية اليمنية على وجوده في اليمن بسبب تدخله في الشأن الداخلي اليمني، عودة سيبدأ معها وضع جديد لمأساة جديدة، فقد حولت هذه العودة ادعاءات الطرد السابقة لممثل الدبلوماسية الإيرانية إلى صيغة سياسية مقبولة في العلاقات بين البلدين، فالسياسية الإيرانية لم تتغير ولكن القناعات والقوة والأرض والسيادة في اليمن تغيرت، فكسبت دبلوماسية طهران بعداً جديداً يقوم على ركيزتين: إن التدخل الإيراني السابق في اليمن كان تدخلاً عملياً كسبت أيران اليوم نتائجه ودفعت في السابق ثمنه " طرد السفير" الركيزة الثانية أن طهران ستتحمل مهمة ترتيب الأوضاع السياسية في اليمن عن طريق أطراف سياسية يمنية ثبتت وجودها الرسمي والشعبي بالقوة العسكرية والإغراءات المالية.. وبهذا تكون طهران موجودة بكل مفاوضات أو ترتيبات تستهدف المصلحة اليمنية، وليست قوة خارجية تعمل على العبث بالأمن اليمني، في سعيها لتصبح عنواناً من عناوين الحل للأوضاع اليمنية إن لم تكن أبرز العناوين. التفجير الذي ضرب منزل السفير الإيراني في صنعاء والاتهام الذي وجه للقاعدة لإدانتها بالتفجير، سيعجل من أمر الترتيبات الأمنية بين واشنطنوطهران في محاربة القاعدة في اليمن، ولكي تكون تلك الترتبات ضرورة من ضرورات الاستقرار في اليمن يتطلب ذلك سحب بعض الأطراف السياسية اليمنية لها وتكون أطرافاً من خارج تحالفات طهران السابقة، ولعل أكثر الأطراف تأهيلاً للقيام بهذا الدور في الوقت الحاضر الرئيس اليمني السابق على عبدالله صالح، الذي يتوقع أن يعمل سمساراً للترتيبات الإيرانية - الأمريكية ويقدم لها بعض من المشروعية السياسية لكي تعمل على الأرض، وخاصة وإن طهران وحليفها الحوثي استفادا كثيراً من خدمات الرئيس السابق، وعرفا جيداً اهدافه التي لا تتعدى الدفاع عن بعض المصالح والقصاص من زعماء الثورة الذين أخرجوه من الحكم.. فطهران تجيد لعبة طلب الثأر لحلفائها، فقد نجحت قبل ذلك في جعل طلب ثأر سياسة في العراق. إن كانت واشنطن لديها القدرة على صناعة الفوضى في المنطقة فطهران لديها القوة على الاستثمار الجيد في الفوضى فقد كسبت خبرات كبيرة في هذا المجال وتقدمت تقدماً سريعاً ومتمكناً، الموقع الوحيد الذي خسرت فيه هو القاهرة، وستعمل بكل قوة على تحييدها عن المنطقة في المرحلة القادمة، وربما تساعدها روسيا على ذلك، لكي تشارك واشنطن في النفوذ بالمنطقة، فطهران قوة نافذة تحاول الأطراف الدولية الاستفادة منها. اليمن لن تكون مع وجود طهران لليمنيين ولكن ستصبح معمل اختبار لمصالح الأطراف القوية، ولن يصبح أمام اليمنيين من خيار آخر، القبول بمحاربة القاعدة، أو الاتهام بمساعدة الإرهاب، وحالهم أقرب إلى حال العشائر السنية العراقية، مواطنو طوارئ أو مواطنون مع وقف التنفيذ. لمراسلة الكاتب: [email protected]