قال إمام وخطيب المسجد الحرام الشيخ الدكتور أسامة بن عبدالله خياط أن العبد مازال بخير ما اتقى الله عز وجل واخذ من دنياه لأخراه وخالف هواه. وتابع فضيلته في خطبة الجمعة امس //آية من كتاب الله عز وجل اشتملت على جميع مصالح العباد في معاشهم ومعادهم فيما بينهم وفيما بينهم وبين ربهم فهي جديرة بفهم معانيها وفهم مرامها وكمال الحرص على العمل بما جاء فيها إنها قوله عز اسمه (وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان واتقوا الله إن الله شديد العقاب) فإن كل عبد كما قال الإمام ابن القيم رحمه الله لا ينفك عن هاتين الحالتين وهذين الواجبين وهما واجب بينه وبين الله وواجب بينه وبين الخلق. فأما ما بينه وبين الخلق من المعاشرة والمعاونة والصحبة فالواجب عليه فيها أن يكون اجتماعه بهم وصحبته لهم تعاونا على مرضاة الله وطاعته التي هي غاية سعادة العبد وفلاحه ولا سعادة له إلا بها وهي البر والتقوى اللذان هما جماع الدين كله فإن حقيقة البر هو الكمال المطلوب من المنافع التي به والخير كما يدل عليه اشتقاق هذه اللفظة فالبر كلمة جامعة لجميع أنواع الخير والكمال المطلوب من العبد وفي مقابله الإثم وهو كلمة جامعة للشرور والعيوب التي يذم العبد عليها فيدخل في مسمى البر الإيمان وأجزاؤه الظاهرة والباطنة ولا ريب أن التقوى جزء هذا المعنى وأكثر ما يعبر به عن بر القلب وهو وجود طعم الإيمان فيه وحلاوته وما يلزم من ذلك من طمأنينته وسلامته وانشراحه وقوته وفرحه بالإيمان فإن للإيمان لذة وفرحة في القلب فمن لم يجدها فهو فاقد الإيمان أو ناقصه. وأضاف وقد جمع الله خصال البر في قوله تعالى ( ليس البر أن تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب ولكن البر من آمن بالله واليوم الآخر والملائكة والكتاب والنبيين وآتى المال على حبه ذوي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل والسائلين وفي الرقاب وأقام الصلاة واتى الزكاة والموفون بعهدهم إذا عاهدوا والصابرين في البأساء والضراء وحين البأس أؤلئك الذين صدقوا وأولئك هم المتقون) فاخبر سبحانه أن البر هو الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وهذه هي أصول الإيمان الخمسة التي لا قيام للإيمان إلا بها وأنه الشرائع الظاهرة من إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة والنفقات الواجبة وأنه الأعمال القلبية التي هي حقائقه من الصبر والوفاء بالعهد فتناولت هذه الخصال جميع أقسام الدين. وأوضح فضيلته أن الله سبحانه أخبر أنها هي خصال التقوى بعينها.. وقال (وأما التقوى فحقيقتها العمل بطاعة الله إيمانا واحتسابا أمرا ونهيا يحمل العبد أن يفعل ما أمر الله به إيمانا بالأمر وتصديقا بوعده وترك ما نهى الله عنه إيمانا بالنهي وخوفا من وعيده). فإن كل عمل لابد له من مبدأ وغاية فلا يكون العمل طاعة وقربة حتى يكون مصدره عن الإيمان فيكون الباعث عليه هو الإيمان المحض وليس العادة ولا الهوى ولا طلب المحمدة والجاه وغير ذلك بل لابد أن يكون مبدأه محض الإيمان وغايته ثواب الله وابتغاء مرضاته وهو الاحتساب ولهذا فالمقصود من اجتماع الناس هو التعاون على البر والتقوى فيعين كل واحد صاحبه على ذلك علما وعملا، فإن العبد وحده لا يستقل بعلم ذلك ولا بالقدرة عليه، فاقتضت حكمة الرب سبحانه أن جعل النوع الإنساني قائماً بعضه ببعض معينا بعضه لبعض ثم قال تعالى(ولا تعاونوا على الإثم والعدوان) والإثم والعدوان في جانب النهي نظير البر والتقوى في جانب الأمر، والإثم هو ما كان جنسه محرما كالسرقة والزنا ونحوهما. والعدوان ما حرم لزيادة في مقداره فهو تعدي حدود الله التي قال فيها (تلك حدود الله فلا تعتدوها ومن يتعد حدود الله فأولئك هم الظالمون ) وقال سبحانه (تلك حدود الله فلا تقربوها ) فنهى عن تعديها وعن قربائها لان حدوده سبحانه هي النهايات الفاصلة بين الحلال والحرام فهذا حكم العبد فيما بينه وبين الناس.وهو أن تكون مخالطته لهم تعاونا على البر والتقوى علما وعملا. وقال فضيلته: وأما حاله فيما بينه وبين الله تعالى فهو آثار طاعته وتجنب معصيته وهو قوله تعالى (واتقوا الله) وهو إرشاد إلى ذكر الواجب للعبد بينه وبين الخلق وإلى واجبه بينه وبين الخالق سبحانه ، واللبيب من قام بهذين الواجبين أتم قيام ورعى حقهما أكمل رعاية لتكمل له أسباب السعادة في الحياة الدنيا ويحظى بالرضوان ونزول رفيع الجنان في الآخرة. وأرشد الشيخ أسامة خياط إلى أن من أظهر المعينات على ذلك تربية النفس وتعويدها على هذا الخلق لاسيما في مراحل النشأة الأولى داخل الأسرة بأن ينشأ أفرادها على أساس متين من التعاون على الخير فيما بينهم ، ويبين لهم ضرورته ولزومه وجميل آثاره وحسن العاقبة فيه ، ثم تتسع الدائرة لتعم ذوي القربى والجيران ببر الحقوق وأداء الواجبات المفروضة من صلة وإحسان وتآزر وتراحم تمتد حلقاته فتشمل المجتمع المسلم كله الذي وصف واقعه رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله (مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى). وأهاب فضيلته بالمسلمين العمل على القيام بما أمروا به من تعاون على البر التقوى وما نهوا عنه من تعاون على الإثم والعدوان استجابة لأمر الله الذي فيه نفعهم واستقامة أحوالهم وطيب عيشهم وقياما بحقوق إخوانهم عليهم. وقال (فالمؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا كما أخبر بذلك رسول الهدى صلى الله عليه وسلم ، وليكن لكم نصيب في الدعوة إلى دينكم وإلى سبيل ربكم بالإسهام في إظهار الصورة الحقة للآثار العظيمة للتعاون على البر والتقوى في بناء المجتمع المسلم الذي يقدم للعالمين المثل والأنموذج للحياة الطيبة الناشئة في رحاب الإيمان والمهتدية بهدي القرآن وسنة سيد ولد عدنان صلى الله عليه وسلم.واحذروا من الحيدة عن كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم). من جانب آخر قال فضيلة إمام وخطيب المسجد النبوي الشيخ عبدالمحسن القاسم “ إن الله سبحانه وتعالى غني بذاته عمن سواه له الكمال المطلق في ذاته وصفاته وأفعاله أسماؤه حسنى بلغت الغاية في الحسن والجمال وصفاته عُلا بلغت المنتهى في العلو والجلال ، ومن أسمائه سبحانه الكريم أعطانا ما سألناه وأنعم علينا بما لم نسأل ، وإذا رفع العبد إليه يديه يستحي أن يردهما صفرا خائبتين بابه مفتوح لمن دعاه وأرزاقه وخزائنه مدرارة على عباده ولا تنقص من العطاء كريم قريب من عبده ليس بينه وبين عبده في طلب حوائجه حجاب ويعطي عباده فوق ما تمنوه بل نهى عبده إذا دعاه أن يقلل المسألة بل يكثر ما شاء من سؤال الله فعطاؤه جزيل فانزل به حوائجك /. وأوضح فضيلته في خطبة الجمعة امس أن الله سبحانه وتعالى يثيب في الأجور على العمل الصالح القليل بالجزاء الكثير ، من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها ويضاعف أكثر من ذلك لمن يشاء ، ومن هم بحسنة فلم يعملها كتبت له حسنة كاملة ويجازي من أطاعه في سني الحياة القصيرة بالنعيم المقيم في الآخرة ويتفضل عليهم برؤيتهم لوجهه سبحانه وكتابه جل وعلا كريم // انه لقرآن كريم // من تلاه وعمل به أكرمه الله. وبين فضيلة أمام وخطيب المسجد النبوي أن الكرم صفة مدح في الإنسان وإمارة على صفاء القلب ونقاء السريرة وهو من خصال الخير لا يكون في مؤمن إلا رفعه الله به وقد حث عليه الصلاة والسلام في مطلع قدومه المدينة على ذلك حيث قال صلى الله عليه وسلم / أيها الناس أفشوا السلام وأطعموا الطعام وصلوا والناس نيام تدخلوا الجنة بسلام /. وأشار فضيلته إلى أن الكرم عبادة من العبادات وأثقل شيء في الميزان حسن الخلق / في صبيحة كل يوم ينزل ملكان فيقول أحدهما اللهم أعط منفقا خلفا ويقول الآخر اللهم أعط ممسكا تلفا / ، والمسلم يغبط على أدائه تلك العبادة والله سبحانه عليم يحب العلماء كريم يحب الكرماء ومحسن يحب المحسنين