اكد معالي وزير الدولة للشؤون الخارجية الدكتور نزار بن عبيد مدني في كلمة ألقاها في افتتاح أعمال الدورة السابعة والثلاثين لمجلس وزراء الخارجية بالدول الأعضاء بمنظمة المؤتمر الإسلامي التي بدأت أعمالها امس في العاصمة الطاجيكستانية دوشنبيه // إن انعقاد المؤتمر في هذا الجزء الغالي من العالم الإسلامي يأتي تأكيدا على أهمية التضامن الإسلامي وعلى تنامي دور منظمة المؤتمر الإسلامي التي تمكنت من تحقيق الانجازات على صعيد العمل الإسلامي المشترك التي جاء أبرزها إقرار البرنامج العشري للأمة الإسلامية في قمة مكةالمكرمة الاستثنائي عام 2005 م//. وأوضح معاليه أن ن إقرار الميثاق الجديد للمنظمة في القمة الإسلامية الحادية عشرة في العاصمة السنغالية داكار أضاف بعدا جوهرياً في تطوير عمل المنظمة ، مضيفاً إن مشاريع إنشاء المنظمات والهيئات المتخصصة التي منها ، منظمة تنمية المرأة في الدول الإسلامية والهيئة المستقلة لحقوق الإنسان. وأبان الدكتور مدني أن الحاجة إلي إصلاح شؤون العالم الإسلامي ليست استجابة لعوامل خارجية وإنما تأتي تلبية لدواعي أوضاعنا وتطلعاتنا للرقي ورخاء أوطاننا ، مطالبا بإحياء التنمية الشاملة والقيام بالجهود الحثيثة لتحقيق النمو الاقتصادي المنشود وذلك بتبني السياسات الاقتصادية عن طريق تبادل المعلومات والخبرات في مجال التقنية والتعريف بما تزخر به بلداننا من مصادر ومنتجات ، وإزالة العوائق والعقبات التي تعترض تدفقها وتحد من قدرتها على النفاذ في الأسواق العالمية. وأشار معاليه إلى أن المملكة تتطلع من خلال المؤتمر إلي وضع سياسات وآليات من شأنها توجيه الخطاب الإسلامي الراهن إلي اتجاه وسطي يخدم مصلحة توحيد الرؤى الإسلامية في دائرة الاعتدال والتسامح والبعد عن الغلو والتطرف. وكانت أعمال الدورة قد افتتحت في قصر سومون بحضور فخامة الرئيس الطاجيكستاني إيمومالي رحمان ، ومعالي أمين عام منظمة المؤتمر الإسلامي البروفسور أكمل الدين إحسان أوغلو ،ووزراء الخارجية بالدول الأعضاء. وقد بدأت الجلسة الافتتاحية بكلمة لمعالي رئيس الدور السادسة والثلاثين لمجلس وزراء الخارجية ، وزير خارجية الجمهورية العربية السورية وليد المعلم تطرق خلالها إلي الإجراءات الإسرائيلية العدوانية الهادفة إلي تهويد مدينة القدس الشريف عبر الاستمرار في عمليات الاستيطان وسلب الأراضي من أصحابها والعمل على مواصلة الحصار الجائر على غزة ،الذي بات يشكل كارثة إنسانية تمثل جريمة إبادة جماعية بكل المقاييس. وقال المعلم إن إسرائيل تواصل تنكرها لأبسط متطلبات السلام العادل والشامل في المنطقة ، الأمر الذي يستدعي من منظمة المؤتمر الإسلامي موقفا موحدا وفعالا على الصعيد الدولي بما يدفع باتجاه إدانة دولية شاملة وحازمة بوجه ما تقوم به إسرائيل من خرق واضح للقانون الدولي والقانون الإنساني ، لافتاً في هذه الصدد إلى إدانة منظمة المؤتمر الإسلامي للإرهاب كظاهرة عالمية خطرة ودعوتها الي ضرورة التعاون لمكافحته. ودعا وزير الخارجية السوري إلي ضرورة إخلاء منطقة الشرق الأوسط من الأسلحة النووية ، مطالبا المجتمع الدولي الضغط على إسرائيل من اجل الانضمام إلي معاهدة حظر الانتشار النووي كطرف غير حائز للأسلحة النووية وإخضاع منشآتها النووية لنظام الضمانات الشامل للوكالة الدولية للطاقة الذرية. ورأى المعلم إن الظروف الدولية الراهنة والتحديات التي تواجهها الدول الإسلامية تستدعي العمل على تمتين التضامن الإسلامي وتعزيز العمل المشترك في إطار منظمة المؤتمر الإسلامي. بعد ذلك تولى وزير الخارجية الطاجكستاني رئاسة الدورة السابعة والثلاثين لمجلس وزراء الخارجية للدول الإسلامية ورحب في كلمة له بالوفود المشاركة في المجلس وثمن دور الرئيس السابق للدورة السادسة والثلاثين معرباً عن شكره لوزير الخارجية السوري وللأمين العام لمنظمة المؤتمر الإسلامي والجهات التي شاركت في تحضير الدورة الحالية. ثم ألقى فخامة رئيس الجمهورية الطاجكستانية كلمة ثمن خلالها الجهود التي تقوم بها منظمة المؤتمر الإسلامي من أجل تعزيز العمل الإسلامي المشترك ، داعياً في الوقت ذاته إلى مزيد من التضامن الفاعل في تعزيز السلم والاستقرار في العالم الإسلامي وتعزيز ضمان التنمية المستدامة. وأشاد فخامته بالمبادرة التي أطلقها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود في مؤتمر القمة الاستثنائي الذي عقد في مكةالمكرمة عام 2005م حول إصلاح برامج منظمة المؤتمر الإسلامي، وقال في هذا السياق إن خادم الحرمين الشريفين وضع خلال مبادرته الكريمة برنامج للعمل الإسلامي المعاصر الذي تضمن برنامج العمل العشري وحظي بتقييم عالي كمبادرة طيبة أطلقتها المملكة العربية السعودية. وأبرز فخامته أهمية تحديد القضايا وتفعيل آليات برامج العمل التي تتم مناقشتها خلال المناقشات والمؤتمرات السابقة والحالية. إثر ذلك ألقى الأمين العام لمنظمة المؤتمر الإسلامي أكمل الدين أوغلو كلمة أعرب فيها باسم المشاركين في الدورة أسمى آيات الشكر والتقدير والعرفان لخادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود وحكومته الرشيدة التي يسرت للمنظمة الانتقال إلي مقرها الجديد. وقال إن هذه المبادرة الكريمة أردفت بأخرى أكثر كرماً من خادم الحرمين الشريفين الذي قدم منحة لغرض بناء مقر جديد وحديث للمنظمة. واعتبر الأمين العام لمنظمة المؤتمر الإسلامي أن اجتماع دوشنبيه يعد أكثر أهمية لأنه أول اجتماع لوزراء خارجية المنظمة يعقد في إحدى الدول الأعضاء في المنظمة من منطقة آسيا الوسطى التي انضمت إلى المنظمة بعد أن نالت استقلالها مؤخراً. وأضاف أوغلو إن اجتماع اليوم يعقد في وقت حرج من تاريخ الإسلام والمسلمين ونحن نقف في هذه اللحظة الحاسمة أمام مفترق طرق نواجه تحديات جسام تستهدف هويتنا وعقيدتنا وثقافتنا ومصالحنا ومصيرنا جراء التهديدات المتصاعدة على جميع الصعد السياسية والاقتصادية والثقافية والخوف الذي يعانيه المسلمين في الدول غير الإسلامية من ممارسة التضييق عليهم في ممارسة شعائرهم. ومضى الأمين العام في استعراض ما يواجه العالم الإسلامي من مشكلات مشيراً إلى الوضع في فلسطين وفي القدس الشريف وما يتعرض له من ظروف سيئة بعد مجيء أحزاب اليمين المتطرف الإسرائيلية إلى الحكم التي تقوم بمصادرة الأراضي الفلسطينيةالمحتلة وبناء المستوطنات عليها وتهويد القدس الشريف. وعبر أوغلو عن أسف المنظمة في ما يحدث في العراق من عرقلة تشكيل الحكومة العراقية الجديدة وما يحدث لها من خلافات مستعصية ، مناشداً القيادة العراقية إلى توحيد جهودها والتعاون من اجل تشكيل حكومة جديدة لتفادي حدوث أي فراغ سياسي في هذه الظروف الحرجة وغير المستقرة. وتطرق أمين عام منظمة المؤتمر الإسلامي إلى الوضع في الصومال غير المستقر والمحفوف بجملة من المخاطر في تزايد العنف ، مضيفا أن معاناة الشعب الأفغاني من الحرب طال أمدها ، والحل يكمن في التوصل إلى تسوية شاملة تجمع بين الأبعاد السياسة والاقتصادية والاجتماعية والثقافية على أرض الواقع. وأعرب عن ترحيب المنظمة بنتائج الانتخابات التشريعية والرئاسية التي أجريت في السودان ، مناشداً السودانيين بمختلف طوائفهم المحافظة على وحدة السودان. وتطرق أمين عام منظمة المؤتمر الإسلامي في كلمته إلى ملفات عديدة شملت ملف كشمير وملف أذربيجان وملف الجماعات والمجتمعات الإسلامية خارج الدول الأعضاء في منظمة المؤتمر الإسلامي ، كما تحدث عن الجانب الاقتصادي مفيداً أن المنظمة وضعت إطاراً لتفعيل نظام مشترك للافضليات التجارية عقب دخول بروتوكول خطة التعريفة التفضيلية المعروف ب” بريتاس “ حيز التنفيذ في 5 فبراير 2010م. وأشار في ذات السياق إلى قدرة المنظمة لوضع الأسس اللازمة لنظام متكامل يؤطر اقتصادات الدول الأعضاء في المنظمة في ظل تعاظم حجم التجارة البينية بين الدول الأعضاء. بعد ذلك تحدث معالي رئيس البنك الإسلامي للتنمية الدكتور احمد محمد علي معرباً عن تطلع البنك لتحقيق مكاسب ملموسة لهذا المؤتمر في تعزيز وتمتين العلاقات بين دول هذه المنطقة المهمة من العالم الإسلامي التي أسهمت في تشييد حضارتنا الإسلامية وبين سائر الدول الأعضاء.. وقال من واجبنا أن نسعى جميعا للاضطلاع بدور قوي في تعزيز أواصر التعاون الاقتصادي بين دول هذه المنطقة - آسيا الوسطى - وأن تتصدى أسرتنا لقضايا التآزر في هذا المحيط لتعود بلاد ما وراء النهرين جسراً للتواصل بين المشارق والمغارب وقدوة حسنة في إدارة الوفرة والندرة وفي تدبير المياه والطاقة والمنافذ والمعابر في جو بناء. واستعرض علي رؤية مجموعة البنك لأفق عام 2020 م حيث بين معاليه أن بلورة نموذج أعمال جديدة تعتمد قوامة الشراكة الاستراتيجية مع الدول الأعضاء ، مشيرا إلى أن البنك سيقوم اليوم بتوقيع اتفاقية مع الأمانة العامة لمنظمة المؤتمر الإسلامي تهدف إلى التكامل المتواصل بين الدول الأعضاء.