يكثف النقاش الدائر حول القبول بالجامعات عن رؤى وأطروحات متباينة، وهو أمر صحي ومطلوب، فمن التباين والتناقض أحياناً تولد الحلول الجديدة، وفي قلب هذا النقاش العام هو موضوع النظام الأمثل للامتحان بالجامعة. وفي اطار هذا النقاش العام نجد أن الجامعات وضعت سياسات القبول لديها في صورة امتحانات هي (التدريب والتحصيل العلمي) غير أن النجاح في مثل هذه الامتحانات وعدم قبول الناجحين بها يصطدم بما تطلق عليه الجامعات بالطاقة الاستيعابية. فالانفجار الطلابي ضمن خريجي الثانوية على مدى السنوات الماضية دل وبشكل واضح في ارتفاع اعداد الخريجين من الثانوية حيث سجل العدد في عام (1428ه) إلى (228522) خريجاً ، وربما ارتفع في سنوات (1429- 1430ه). وفي اطار هذه الاعداد كان يجب أن تكون تساوي وتوازن بين مكونات مثلت الجامعة (الابناء..الطالب .. والمبني) فنرى زيادة هائلة في اعداد الطلاب من خريجي الثانوية ، ونرى أيضاً اعداداً هائلة من أعضاء هيئة التدريس ، إلا أن مكون المثلث ( المبنى) قاعات المحاضرات الدارسية والمدرجات الرحبة التي تستوعب أفواج الخريجين المتزايدة سنوياً لم تأخذ حظها من الاستراتيجيات الجامعية مما أدى إلى تفاقم مشكلات القبول بالجامعات سنويا، وهذا المكون لمثلث الجامعة (المبنى) أصبح يمثل قلب مشكلة القبول ، ومهما حاولت الجامعات من اقامة الفصول والتي عادة تكون فصولاً دراسية تشبه فصول المدارس الثانوية اللهم إلا من رحم - تمسك الجامعات على عدم القبول قائلة ضيق المكان وبلغة أخرى تستخدم مصطلح (الطاقة الاستيعابية). حقيقة إن التعليم الجامعي يعيش في عالم جديد استنفد جميع المعاذير والحجج التي تقف عائقا أمام الشباب الراغبين في التعليم الجامعي وأعلن الاتصال والتواصل بين طلاب المعرفة بلا عوائق المكان أو أسوار المدن الجامعية مما أدى إلى المواجهة بين الجامعة التقليدية والجامعة الاليكترونية والتي فرضت نفسها فأصبحت أفضل واجهة لشبكة الانترنت وفتحت أبوابها لملايين الطلاب من مختلف انحاء العالم للتعليم الجامعي لدرجة أن جامعة (هارفارد) الأمريكية اضطرت لتقديم بعض مناهج كلياتها على الشبكة حتى لا تختلف عن الموجة الراهنة المتلاحقة. لذلك أقول ونحن أمام المشكلة السنوية المستمرة بشأن قبول خريجي الثانوية المتزايدة أعدادهم من سنة لأخرى ، ان تتبنى جامعاتنا لمفهوم الجامعة الاليكترونية مثل اقامة (جامعة اليكترونية) التي نسمع عنها في بلادنا ، فإنه يجب على الجامعات أن تبدأ من حيث انتهى الآخرون. إن هذا الأسلوب التعليمي عن طريق الجامعة الاليكترونية أصبح آلية مؤثرة يجب استغلاله وتوظيفه في كليات الآداب والتجارة بأقسامها لحل مشكلات آلاف الطلاب الواقفين خارج أسوار الجامعات سنوياً. إن هذا الأسلوب التعليمي عن طريق الجامعة الاليكترونية سيؤدي إلى التواصل المستمر مع العلم والمعرفة في الوقت الذي يحددونه وبالطريقة التي يفضلونها، دون انتظار خارج اسوار الجامعات أو الانتقال إلى غرف المحاضرات. خلاصة القول إن هذا الأسلوب يسمح للطالب بمخاطبة أستاذه وزملائه في أي وقت ويسمح له ايضا بالاطلاع على المحاضرات في أي وقت دون أي جهد للتعامل فمثلاً أنه سيوفر جهداً كبيراً من السفر وارباك المرور في الجامعة - كما يحدث في الجامعات والخوف من أخذ الأستاذ الحضور والغياب الذي أصبح جزءاً من التعليم الجامعي التقليدي. آخر الحديث ..جامعة اليوم ..الجامعة الاليكترونية غير جامعة الأمس إنها امضى سباق مفتوح دون حواجز المدن الجامعية ، وموانع امتحانات القدرات والتحصيل العلمي ، واعداد القدرة الاستيعابية ، يستخدم فيه الطلاب كل اسلحتهم العاكسة لتقدمهم وحضارتهم ، انها النموذج الجيد والمتميز انها نموذج يطرق أبواب جامعاتنا التقليدية بشدة لتتبناها كواقع علينا ان نتفاعل معه كحقيقة من أجل أجيال المستقبل، وبذلك تشطب الجامعات من قاموسها مصطلح (القدرة الاستيعابية) إلى الأبد.