بداية أقول أن للتاريخ كلمة بأن جامعة الملك عبدالعزيز أبحرت الى المستقبل البعيد أي الى عصر (العولمة) منذ (30) عاماً مضت عندما عالجت القبول المتزايد للتعليم الجامعي بتبني معيار القبول (العقلي) وتجنب سلبيات القبول (المكاني أو الطاقة الاستيعابية). لذلك تبنت نظام (الانتساب) بدون رسوم، او كما هو معروف حالياً (بالمدفوع) وبذلك كسرت الحواجز الزمانية والمكانية لمعادلة (الطاقة الاستيعابية) أي القبول (المكاني)، وهي بهذه الخطوة سبقت عصر (العولمة) الذي جلب معه نماذج متعددة للتعليم الجامعي مثل (التعليم عن بعد، جامعة بلا مدن جامعية، جامعة بلا أسوار جامعية، الجامعة الاليكترونية). وهي بهذا السبق المميز بتبنيها (الانتساب غير المدفوع) نجد أن هذا الاسلوب هو نفسه بدرجة مشابهة للتعليم عن بعد حيث فاضل بين مزايا القبول (العقلي) وسلبيات القبول (المكاني)، فالأول (العقلي) هو الاسلوب الذي يجعل التعليم الجامعي متاحاً لجميع من يتقدمون للجامعة طلباً للمعرفة (أي تنمية الانسان) والثاني يرتبط بما يسمى بالطاقة الاستيعابية (القبول المكاني). وهذا الاسلوب (الانتساب غير المدفوع) الذي تبنته جامعة الملك عبدالعزيز منذ (30) مضت على أساس القبول (العقلي) لا (المكاني) وقدمته للمجتمع لم يكلف الجامعة انذاك مقعداً أو محاضرة أو مكافأة، إنما هو نظام تعلمي يهدف تنمية القدرات البشرية، ويقوم على الرغبة الذاتية لطالب الانتساب الذي يجري وراء المعرفة واستخداماتها لتطويعها وتوظيفها لتنمية قدراته الفردية للمساهمة في التنمية الشاملة والمتواصلة للبلاد. وبتبنى جامعة الملك عبدالعزيز للانتساب (غير المدفوع) منذ تاريخ طويل كان منطلقاً من تصورها اننا نعيش عصراً معرفياً مفتوحاً بكل ما في الكلمة من معانٍ وكأنها تشم رائحة قدوم القرن (21) ومفاهيمه الجديدة ومنها التعليم عن بعد. لذلك جذب هذا الاسلوب الجديد آلاف الطلاب في ذلك الوقت من قطاعات المجتمع المختلفة (الخارجية، الجيش، الحرس الوطني، الامن العام، الخطوط السعودية)، زائداً القطاع الخاص بكل مؤسساته اضافة الى خريجي الثانوية وهو عنصر هام، الذين يريدون ويحلمون بالجامعة مهما كانت صفتهم القانونية طالما ان الرغبة في العلم والتحصيل هي هدفهم النهائي. لذا فان تبني الجامعة مبدأ القبول (العقلي) يعتبر اسلوباً تنموياً يُساهم في تنمية الموارد البشرية وكانت من نتائجه الايجابية اشاعة عبق المعرفة في ذاكرة الاجيال على مر السنين. هذه كلمة التاريخ وهي شهادة اعتراف لجامعة الملك عبدالعزيز منذ سنوات مضت في رحلة تنوير العقل وتنمية الانسان ورفض تقديس (المكان) لا شيء في الدنيا يرد الجميل للجامعة إلا ذاكرة الأجيال المفعمة بالمعرفة فخدموا الوطن. هي شهادة ممزوجة بحلم فهي شهادة اعتراف بانجاز الجامعة في اقامة مفهوم (في بيتنا جامعة) والتي قامت على القبول (العقلي) لا على القبول (المكاني) والى جانب هذا الاعتراف الحلم بعودة الانتساب غير المدفوع الى نشاطات الجامعة التعليمية وإحلاله مكان (الانتساب المدفوع) لكي يستمر انتشار عبق المعرفة من ذاكرة الأجيال الصاعدة لكي ينتشر في ربوع الوطن كما فعلت الأجيال السابقة فما أحلى الرجوع اليه .. كما يقولون .