كثر الكلام والمناقشات والحوار في الصحف والقنوات الإعلامية عن الغش في الامتحانات وتطور وسائله بالمحمول والغش باستخدام الملابس واخفاء (البراشيم) فيها، بل والكتابة عليها، لكن الواقع المرير أن المعلمين الذين ناقشوا ظاهرة الغش في الامتحانات لم يتحدثوا عن سبب تفشي (الغش) في الامتحانات سنوياً. فلسفة التعليم في العالم المتقدم تتطور بصورة تتواكب وتتناسب مع معدلات التطور في الحياة الواقعية، ومن ثم أصبحت هناك ضرورة ملحة لاحداث تغييرات هيكلية في جوهر العملية التعليمية بكل أركانها، من المدرسة الى المدرس الى التلميذ الى المناهج ووسائل تدريسها. لذلك اتفق مع اليونسكو على أن مهنة التعليم لتحقق ان تكون أهم في العالم لأنها بالفعل كذلك، ولكن أوضاع هذه المهنة يسيطر عليها اسلوب الغش في الانتخابات حيث وصلت الى حد تحتاج معه الى وقفة عميقة وشاملة. ففي جميع مراحل التعليم وامتحاناتها صار الغش حقيقة واقعة لا أحد من خبراء التعليم يستطيع انكارها.. أو حتى مواجهتها.. لذلك أتابع وغيري من المهمومين بقضايا التعليم وتطويره في مواصلة مراحله قبل الجامعة، لذلك أصبحت ظاهرة الغش في الامتحانات العامة هماً وطنياً مستمراً. اذن لماذا يغش الطلاب في الامتحانات؟! سؤال مهم جداً يجب الاجابة عليه بكل صدق وموضوعية، ان مفهوم التعليم الحالي الذي يشوبه ظاهرة الغش وتفشيها بين الطلاب يقوم على اطفاء مصابيح العقل وهي غياب الرؤية التنويرية القادرة على الاستشراف والموضوعية والرؤية الكلية الشاملة، وهو ما افضى بنا الى ما نحن فيه من تفشي ظاهرة الغش صنعته مناهج التعليم القاصرة، وإذا نظرنا الى أسباب تفشي الغش في الامتحانات نجد الحقيقة تقول ان كل أساليب التعليم لدينا تكمن في اطفاء مصابيح العقل فالتلميذ لا يضطر الى التعليم ولا الى التحصيل، ولا الى الفهم، ولا حتى الى قراءة المنهج، كل ما يحتاج اليه هو حفظ الاسئلة المتوقعة، وحفظ الامتحانات النموذجية والتي ستضعه في مصاف الناجحين بل والمتفوقين، لكل ذلك يحاول الطالب بذل جميع المحاولات العصرية للغش بأساليبه ووسائله المتعددة والتي حولت الغش الى مرض تربوي مزمن. وفي هذا الاطار نقول لقد تم مواجهة الغش التجاري باعتباره جريمة، حيث اتفق المجتمع الدولي على وضع اتفاقيات متعددة لمواجهة الغش التجاري حماية للمستهلك ولقد نجحنا فعلاً في اللجنة الجمركية الاستباقية بمنطقة مكةالمكرمة في مواجهة الغش التجاري بكل أنواعه ومصادرة السلع المغشوشة . وفي هذا الاطار المفارقي... اننا في حاجة الى التعليم المانع لهذه الظاهرة المؤثرة سلبياً على المنظومة التعليمية باتباع أسلوب (جودة) التعليم لانه هو حجر الزاوية في تحقيق النهضة في بلادنا، وان من أهم وظائفه تكوين عقلية علمية محركة قادرة على جمع المعلومات من مصادرها والتي ترفض الحفظ والتلقين والدروس الخصوصية المثلث الذي يدفع بالطالب لارتكاب جريمة الغش في الامتحانات. ان التحدي كبير، والايام والسنوات القادمة حُبلى بالتحديات ولا عاصم لنا إلا باضاءة مصابيح العقل ليتسلح الطالب بالتفكير العصري الذي يرتكز على العقول والنفوس اولاً وهو مبدأ أساسي للتنمية البشرية الناجحة والفاعلة .