يحل “أسطورة الحب والحرب” الشاعر والفارس عنترة بن شداد ضيفاً على النسخة السادسة لسوق عكاظ هذا العام الذي ينطلق يوم الثلاثاء (24 شوال الجاري الموافق 11 سبتمبر 2012م) في محافظة الطائف.وأوضح المتحدث الرسمي لسوق عكاظ محمد سمان أن مسرحية عنترة بن شداد التي تجىء ضمن أنشطة البرنامج الثقافي لسوق عكاظ هذا العام، تعد واحدة من أهم الأعمال التوثيقية التاريخية التي يسجلها السوق، مشيراً إلى أن اختيار عنترة بن شداد موضوعاً لمسرحية هذا العام يعود إلى موقعه في تسلسل شعراء المعلقات في أمهات الكتب العربية ودواوين المعلقات، حيث يحل ترتيبه رابعاً بعد الشعراء امرؤ القيس، وطرفة ابن العبد، وزهير بن أبي سلمى والذين تم تقديمه في أعمال مسرحية خلال الثلاثة الأعوام الماضية في سوق عكاظ، ما يؤكد الحرص على تغطية شعراء المعلقات ورموز الشعر العربي.وأفاد المتحدث الرسمي لسوق عكاظ أن المسرحية ستعرض رسمياً في حفل الافتتاح، فيما ستستمر في خمسة عروض مسائية تبدأ عند الساعة 9.30 مساءً يومياً ويستمر كل عرض منها لنحو 30 دقيقة، وسيكون العرض متاح لجميع أفراد الأسرة، انطلاقاً من رسالة سوق عكاظ الموجهة إلى جميع أفراد المجتمع. وتتناول المسرحية طفولة عنترة وشبابه وكهولته كعبد يطارد حريته حتى نالها بشجاعة متفردة، جعلت من بطولاته أسطورة في روايات العرب وقصصهم، مبرزة أيضاً التضاد الذي جمعه في شخصيته كقاتل شرس ومحب عاشق، من خلال فروسيته التي نالت إعجاب قومه وعلى رأسهم ملك عبس زهير بن جذيمة، وعشقه لمحبوبته عبلة، والتي تهلل بها شعراً بديعاً، تستحضره حكايات الحب والغرام العربية منذ ذلك الوقت، وحتى يومنا الحاضر.واعتمد نص مسرحية عنترة بن شداد التي تواصل بروفاتها النهائية هذه الأيام بين جدةوالطائف على شخصية “الحكواتي” لعمل قفزات زمنية تربط بين مشاهد العمل في ظل ازدحام حياة عنترة بن شداد بالشخصيات والأحداث والتفاصيل، بغية إيجاد حالة مزاوجة بين سرد الحكواتي وسرد لغة السير الشعبية. ويوضح كاتب النص المؤلف المسرحي فهد ردة الحارثي، قائلاً:(عاش عنترة ثمانين عاماً مليئة بشخوص وأحداث عدة، وهذه التركيبة العمرية للشاعر والأحداث التي مر بها دفعاني لتوظيف شخصية الحكواتي في بناء شخصية النص وربط المشاهد، مع تنوع حكايات فارس بني عبس وكثرة المعارك التي خاضها والتفاصيل المتعلقة بحبيبته عبلة). وحول تناوله لشخصية عنترة الشاعر والفارس، يقول الكاتب فهد ردة الحارثي: (حاولت التركيز على شخصية عنترة من خلال البعد عن خلق الحالات والمواقف التي قد تضعف شخصيته في المسرحية، فيما لو تم التداخل معها مثل حرب داحس والغبراء، وشخصيات مثل الملك زهير وعروة ابن الورد وحروب الفرس والكثير من الشخصيات التي تعاصره(، مشيراً إلى أن (شخصية عنترة الشعرية تفرض نفسها، حيث أوردت في النص الكثير من النصوص المسرحية الشعرية على اعتبار أن اسم عنترة كما اقترن بالفروسية والحب فقد اقترن بالشعر).وخلص الكاتب فهد ردة الحارثي للقول: (اخترت منه نماذج كثيرة لكي أتيح للمخرج فرصة اختيار ما يريد منها وما يخدم الشكل البصري، مع الاستفادة من قصائد عنترة في عمل الروابط بين اللوحات في المسرحية وذلك بتلحين بعضها وأداء الجوقة للبعض الآخر وفق الرؤية الإخراجية). بدوره، أكد مخرج مسرحية عنترة بن شداد المخرج المسرحي أحمد الصمان أنه حرص على ابعاد شخصية عنترة عن الطرح النمطي المعتاد في الأعمال الفنية التي قدمت سيرة عنترة وركزت فيها بشكل كبير على عنصر الحب وعبلة)، وقال أحمد الصمان: (تطرقنا إلى جوانب أخرى من الشخصية، مثل العنصرية وكسب العيش والكرامة، وجاء عنصر قصته مع ابنة عمه عبلة كجانب جمالي في العمل، لأهمية شخصيتها وتأثيرها في عنترة من جهة، ولتوظيف إخراجي في جو العمل العام ككل من جهة أخرى)، لافتاً إلى (استخدام التقنية الفنية لتكامل المنظر الجمالي للعرض، واختيار طاقم عمل يتمتع بأداء وحس مسرحي متميز).من جهته، أعرب الفنان عبدالله عسيري والذي سيجسد شخصية الملك زهير في مسرحية عنترة بن شداد، عن اعتزازه بالمشاركة المستمرة في مسرح سوق عكاظ، وقال: (تجربتي في مسرح سوق عكاظ أعادت لي الثقة بما تعلمته وما أحببته في المسرح عموما، وأبذل هذه الأيام جهدا مضاعفا في البروفات لتجسيد شخصية الملك زهير بما تحمله من حنكة وحكمة وشجاعة)، مضيفاً: (مسرح عكاظ ليس كوميديا، ولكن هذا العمل سيتميز بخصوصية كوميدية إلى حد ما). فيما أبدى الفنان الشاب خليل الجهني سعادته بتجسيد دور عنترة، قائلاً: “مشاركتي في مسرح سوق عكاظ ستضيف لمشواري الفني الكثير، خصوصا وأني سأقدم شخصية مثيرة كشخصية عنترة الفارس والعاشق، ومتفائل كثيرا في ظهور العمل بصورة مميزة، في ظل تكامل عناصره الفنية).ويضم طاقم عمل مسرحية عنترة بن شداد، كل من فهد ردة الحارثي مؤلفاً، وأحمد الصمان مخرجاً، وعمرو القخطاني مشرفاً عماً، وعبدالله باحطاب مشرفا فنياً، وبطولة عبد الله عسيري، وخليل الجهني، وتمثيل فهد غزولي وياسين أبوالجدايل، وعدد من نجوم مسرح جدة ونادي المسرح في جامعة الملك عبدالعزيز، ومنفذ صوتيات المنذر النغيص، ومنفذ إضاءة تركي ضاوي، وإدارة إنتاج ريان الثقة، وإدارة مسرحية خالد الحجيلي وفواز عباس، ومساعد مخرج علي دعبوش. وتنظم إمارة منطقة القصيم معرضاً متخصصاً عن الشاعر عنترة بن شداد، وقال المشرف على جناح معرض القصيم في معرض سوق عكاظ الدكتور أحمد الطامي، إن فكرة مشاركة الإمارة بمعرض متخصص عن عنترة بن بشداد، جاءت بمبادرة من صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل أمير منطقة مكةالمكرمة، الذي وجه دعوة لصاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن بندر بن عبدالعزيز أمير منطقة القصيم لمشاركة الإمارة في سوق عكاظ لهذا العام بمعرض عن عنترة بن شداد، وبدروه رحب سمو أمير منطقة القصيم بالفكرة وشكل فريق عمل لهذه المشاركة المهمة في هذا الحدث الثقافي الوطني المتميز. وأبرز الدكتور أحمد الطامي أبرز مكونات المعرض: جناح للعروض السمعية البصرية حيث سيعرض فيه فلم عن البيئة التي عاش فيها عنترة بن شداد، جناحلعرض كتبٍ لأبرز الدراسات التي كتبت عن الشاعر عنترة وتاريخه وبعض المطويات المختصرة عن تاريخه وشعره، عدد من الصور واللوحات، مقهى (ديوانية) عنترة، جناح لعرض معلقة عنترة صوتيا، مجسم لصخرة عنترة الشهيرة تشكل المدخل الرئيس للمعرض، جناح خاص عن منطقة القصيم، مشيراً إلى أن المعرض تم تجيهزه بحيث ينقل الزائر إلى تلك البيئة التي عاش فيها الشاعر في عصر ما قبل الإسلام وتجعله يستشعر تلك البيئة. وفي حين يعتقد المؤرخون أن عنترة بن شداد توفي قبل بعثة الرسول صلى الله عليه وسلم بخمس سنوات حيث قتل في إحدى معارك قومه بسهم لم يمهله طويلاً، فإن دياره وأطلاله لا تزال موجودة في محافظة عيون الجواء في الشمال الغربي من منطقة القصيم على بعد 30 كيلومتراً عن بريدة.وتعتبر محافظة عيون الجواء هي المنطقة التي استوطنتها قبيلة عبس التي انحدر منها الشاعر والفارس عنترة بن شداد وهي قديمة الاستيطان وفيها دارت معركة داحس والغبراء بين قبيلتي عبس وذبيان وكذلك بها العديد من النقوش، وهي تمتاز بموقعها الاستراتيجي بين القصيم وحائل، كما يعرف معظم اهلها بأنهم كانوا من العقيلات الذين اشتهروا بالتجارة وضرب فيهم الأمثال لأمانتهم .ومازالت محافظة عيون الجواء تحتفظ بصخرة عنترة التي يقال عنها إنه كان يربط فرسه بها ويلتقي فيها ابنة عمه عبلة عند صخرة أطلق عليها اسم (النصلة)، كما توجد عين ماء عذبة تقع على مقربة من القبر اسماها الأهالي عين عنترة تتدفق منها المياه بشكل دائم صيفاً وشتاء ويستخدمها الأهالي في عمليات السقيا إثر إنشاء خزان مياه في نفس الموقع.