نستعيذ بالله العظيم من الحاسدين وشرارهم واستجير به ارحم الراحمين منهم, فالحسد شر وبلاء وأذى وفحش يولد العداوة والبغضاء وينتجه ويظهره أصحاب النفوس الحاقدة والسيئة التي لا تخاف العواقب, والحسد تمني زوال وانعدام النعم التي وهبت ومنحت بكرمه وجوده من العلي القدير لعباده ومخلوقاته اجمعين فالحاسد يود ويصر ويتمنى زوالها وفقدانها من أصحابها كنعمة الرزق والثروات والصحة والمكانة والاخلاق الحميدة للخلق من عباد الله الطيبين والحاسد طغت عليه الانانية وتملكته الشياطين فابتعد وضل عن صوابه وتجرد من الانسانية فأحب نفسه وآثرها على غيره وتجمدت احاسيسه ومات الشعور بها بداخله ولم يعد يبالي وقد يحسد نفسه وأولاده وأهله وهو لا يعبأ بالأخطار التي ستصيبه وتشقي أناساً لا ذنب لهم هو اساء لهم وبلاهم بعدوانيته وظلمه. والحاسد يريد أن يحوز ويتحصل على ما يملكه سواه ليكون تحت امرته وتصرفه وحتى وان لم تؤول وتنتقل اليه وقد يقوده شيطان نفسه الخبيثة ويلجأ ليصنع المكايد والتحايل وزراعة الفتن بين الاقربين والأصدقاء والأزواج ويسعى لينشئ الخلاف والفرقة فيما بينهم لا لشيء الا لغاية وصفة دنيئة سكنت بقلبه ووجدانه, والحاسد يكره من هو أفضل منه وينكر فضله وكرمه وما قدم له من معروف واحسان ويتنكر له كما لا يدع أى شخص يكون مثله او أجدر وأحسن منه لا يعنيه تدمير الآخرين او يفكر ويتوقع الكوارث التى ستحل بهم, والحسد قبيح ومذموم لانه من صفات الكفار(اليهود والنصارى) واخبرنا الدستور العظيم ان أول ذنب اقترفه ابن سيدنا آدم عليه السلام على الارض قتل النفس حيث ازهق الاخ روح اخيه كان مرده وسببه الحسد والبغض والجور, انه انتقام وفتك واثم وجرم وأعمال تتنافى مع مبادىء المجتمع النبيلة والشريفة ويحرمه الدين الحنيف ,قال تعالى فى محكم تنزيله الحنيف ( ود كثير من أهل الكتاب لو يردونكم من بعد إيمانكم كفاراً حسداً من عند أنفسهم من بعد ما تبين لهم الحق) سورة ( البقرة ) الآية الكريمة (9 10) وفى الحديث الشريف , عن سيدى الصحابي الفاضل انس بن مالك رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (لا تباغضوا ولا تحاسدوا ولا تنابزوا وكونوا عباد الله اخوانا) فالحسد حمانا المولى العلي القدير واياكم والمسلمين يؤدى الى رفع الخير والبركة ويقضي على المحبة والالفة والثقة بين البشر ويزيد فى انتشار الاحقاد والبغضاء وتفشيها فى المجتمع ويجلب سخط الرب ويكثر الاوزار والآثام, لنرفع اكفنا بالتضرع للخالق الكريم نسأله ونرجوه المغفرة والتوبة ونتوكل عليه سبحانه أن يحمينا أجمعين من كل حاسد ويحفظنا ويبعده عنا ويرد كيده ويجعله فى نحره والله جل شأنه قدير.