مساء الحادي عشر من يوليو 2004 عاش ريمون دومينيك لحظات لن ينساها في حياته، قرينته الصحافية إيستيل دوني أنجبت له طفلته الأولى "فيكتوار" (انتصار)، وتبلغ في الليلة ذاتها خبر تعيينه مدرباً للمنتخب الفرنسي الأول لكرة القدم لينطلق مشواره مع"الديوك"خلفا لجاك سانتيني الذي خيب الآمال في كأس أوروبا 2004. بعد سنتين من النجاح الذي حققه مع منتخب فرنسا بإيصالها إلى نهائي مونديال ألمانيا 2006، لم يعد الفرنسيون ينظرون بحذر وارتياب إلى المدرب دومينيك فأصبح الأخير يتحدث من موقع قوة رغم قرارات صاخبة اتخذها في اختياره تشكيلة اللاعبين المشاركة في كأس أوروبا 2008. لم يتردد دومينيك بعد قدومه عام 2004 في اتخاذ قرارات مدوية خصوصا إثر مسيرة متذبذبة في تصفيات مونديال 2006 جعلته يعيد استدعاء المعتزلين زين الدين زيدان وليليان تورام وكلود ماكيليلي لإنقاذ فرنسا، فكان له ما أراد وتأهلت فرنسا من دون أن تكون مرشحة للفوز إلى النهائيات، حيث حققت مفاجآت كبرى منها إخراج البرازيل البطلة الخماسية قبل أن تسقط بركلات الترجيح في النهائي أمام إيطاليا. خرج دومينيك قوياً من المونديال، ماحياً صورة المدرب الضعيف الخالي سجله من الألقاب، وتابع مشواره بنجاح في بداية التصفيات عندما أسقط أبطال العالم 3-1 بضربة معلم معتمداً على سيدني غوفو الذي سجل ثنائية، وقاد الفرنسيين بنجاح إلى النمسا وسويسرا رغم دعستين ناقصتين أمام اسكتلندا وضعتا بلاده في موقف حرج حتى ختام التصفيات التي احتلوا فيها مركز الوصيف خلف إيطاليا، ليصبح أول مدرب يقود فرنسا من التصفيات إلى بطولتين كبيرتين على التوالي. لقد عاش دومينيك (56 عاماً) دوامة المواجهة الإيطالية في السنتين الأخيرتين، فبعد نهائي المونديال ومواجهتين في التصفيات، ها هو يعود لمقابلة ال"سكوادرا اتسورا" في ختام الدور الأول من المجموعة الثالثة الحديدية يوم السابع عشر من يونيو المقبل في مدينة زيوريخ السويسرية بعد مواجهتي رومانيا وهولندا. لم يقتصر صراع دومينيك-إيطاليا على الجانب الرياضي فقط، بل تخطاه ليدخل في مجال الاستفزاز المتبادل أو التصاريح الخارجة عن السيطرة، فاتهم الطليان مرة ب"شراء حكم المباراة" في لقاء بين منتخبي فرنسا وإيطاليا للشباب عام 1999، ما استدعى رداً قاسياً عليه من جيرانه الإيطاليين وإيقافاً سريعاً من الاتحاد الأوروبي له في مباراة الإياب في ميلانو. لكن مرة جديدة ومن مدرجات المنصة الرئيسة قام المدرب الشائب بإشراك لاسانا ديارا في مركز الظهير الأيمن بدلا من ويلي سانيول المصاب، فأبدع الأول وساهم في تحقيق نقطة ثمينة للفرنسيين (صفر-صفر). اكتسب دومينيك أثناء عمله مع منتخب الشباب لمدة طويلة (1993-2004) خبرة كبيرة مع الأسماء التي أصبحت اليوم العمود الفقري للمنتخب الأول مستفيداً من علاقته مع "والده الروحي" إيميه جاكيه الذي قاد فرنسا لإحراز لقبها الوحيد في المونديال عام 1998. زج دومينيك بأسماء شابة في المنتخب الأول "الاختيار" فهو من سمى كريم بنزيمة وجيريمي تولالان وسمير ناصري ولاسانا ديارا وفرانسوا كلير الذين سيشاركون في أوروبا 2008، في حين لم تكن لائحة ال23 كافية لحاتم بن عرفة وباكاري سانيا وأبو ديابي وماتيو فلاميني وجيبريل سيسيه. لم يكن دومينيك محبوباً من معظم اللاعبين أو الإعلاميين ففي جانب من شخصيته يمتاز بانطوائية سلبية أحياناً، كان أهم ضحاياها هداف نادي يوفنتوس تورينو الإيطالي دافيد تريزيغية المرعب مع فريقه والهزيل مع ال"زرق"، فاستبعده المدرب "المستبد" حتى من التشكيلة الأولية، معيداً بذلك ذكرى معلمه جاكيه الذي استبعد أريك كانتونا ودافيد جينولا في العقد الماضي. لقد فضل دومينيك على تريزيغية المهاجمين تييري هنري وبلال أنيلكا وبنزيمة والمفاجأة الكبرى بافيتيمبي غوميس (22 عاماً) مهاجم سانت أتيان الذي اقتنص مقعد سيسيه في الساعات الأخيرة إثر هدفيه الرائعين في مرمى الإكوادور ودياً الأسبوع الحالي، لكن دومينيك أقر بعد إبعاده 7 لاعبين مقلصاً تشكيلته إلى 23 لاعباً أنها كانت "أصعب لحظة في مسيرتي" نظراً لصعوبة موقفه.