نيابة عن خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود حفظه الله افتتح معالي وزير الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد المشرف العام على مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف الشيخ صالح بن عبدالعزيز آل الشيخ أمس الثلاثاء في مدينة المصطفى صلى الله عليه وسلم “ ملتقى مجمع الملك فهد لأشهر خطاطي المصحف الشريف في العالم “ الذي ينظمه المجمع بمشاركة نخبة ممن تشرفوا بكتابة المصحف الشريف ومن المهتمين بعلم الرسم العثماني ، وقضايا الخط العربي وزخرفته . وقد أقيم حفل خطابي بهذه المناسبة استهل بتلاوة آيات من القرآن الكريم، ثم ألقى الأمين العام للمجمع رئيس اللجنة التحضيرية للملتقى الأستاذ الدكتور محمد سالم بن شديد العوفي كلمة أبان في بدايتها أن مسيرةُ كتابةِ المصحف الشريف بلغت مكانةً مرموقةً في منظومة علوم القرآن الكريم، وقد نشأت العنايةُ بهذه المسيرةِ منذ كتابةِ الوحي الكريم، فقد اختار رسول الله صلى الله عليه وسلم عدداً من صحابته الكرام عُرِفوا بإتقان الخط، والمعرفةِ بالقلمِ، أُطْلِقَ عليهم كَتَبَةُ الوحي، كما أُطْلِق على الخط الذي كتبوا به، القلمُ المكي، وهو الخطُ الذي كان يُعرف قبل الإسلام في الحجاز بخط الجزم. ثم تحدث عن تاريخ كتابة ونسخ المصحف الشريف منذ عهد الخليفة الراشد عثمان بن عفان - رضي الله عنه - وحتى القرن الثامن الهجري ، وقال سعادته : إن مجمعَّ الملك فهدٍ لطباعة المصحف الشريف، هذا الصرحُ الشامخ الذي يرعى ما يتصل بالمصحف الشريف من علوم، لَيُسْعِدُه أن ينظِّم هذا الملتقى المباركَ وفَقْ توجيهٍ من المقام السامي ورعاية أبوية كريمة من لدن خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز - يحفظه الله - ، فهناك مَعْرِضُ الملتقى الذي يضم لوحاتٍ ومصاحفَ صاغتها ريشةُ مئتين وخمسة وعشرين خطاطاً من داخل المملكة العربية السعودية وخارجها، وقد انتُخِب هؤلاء من مجموع مئتين وثمانيةٍ وسبعين خطاطاً رغبوا في المشاركة ، وثمة مشاركاتٌ تمثل عشرين جهةً حكوميةً ومؤسسةً أهليةً ، وثلاثُ وُرَشِ عملٍ، ولوحاتُ اثني عشر من الموهوبين الناشئة . وقد حَفِل المعرِض بمصاحفَ قديمةٍ وحديثةٍ ومعروضاتٍ نادرة قيمةٍ، كما تضمن جناحاً خاصاً بالرسائل العلمية والمصنفات المشتملة على مباحثِ الخط العربي والزخرفة الإسلامية، وفيه جناحُ خاص بأدوات الكتابة والأمشاق النموذجية التي كتبها كبارُ الخطاطين، كما أن هناك الكتاب الوثائقي والملف المصور (الكاتلوج) اللذين يوثقان المشتركين في الملتقى، ويعرضان نماذج من لوحاتهم وكتابتهم للمصحف الشريف. وأبان سعادة رئيس اللجنة التحضيرية للملتقى أن المجمع أصدر عدداً خاصاً بالملتقى من مجلته “مجلةِ البحوث والدراسات القرآنية “ تضمَّن بحوثاً علميةً رصينة حررها لفيفٌ من أساتذة الجامعات والخطاطين، لها صلةٌ وثيقةٌ بالملتقى، كما أعدَّ المجمع الفيلم الوثائقيَّ: “قافلةَ النور” الذي يرصد نشأة كتابة المصحف الشريف وتطوَّرَها إلى العصر الحاضر وقتَ تَسَلُّم مجمع الملك فهدٍ هذه المسؤوليةَ العظيمةَ ليسُدَّ هذه الثغرةَ ويُهدي إلى المسلمين في أرجاء العالم كتابَ الله في الحُلَّة القشيبة التي يستحقها من حيث جودةُ الخط، ووضوحهُ، واستيعابُ علاماتِ الإلحاق، وتنفيذُ مراجعاتٍ علميةٍ في غاية الدقة والملاحظة لكل حرف وكلمة منه ، مشيراً إلى أن المجمع خصص موقعُ للملتقى على الشبكة العالمية(الإنترنت) الذي نهض بمهامِّه، وكان حَلْقةَ وصلٍ بين لجان الملتقى والمشاركين داخل المملكة وخارجها. وأوضح الدكتور العوفي في كلمته أنه في رحاب الملتقى ومن خلال البرنامج الثقافيِّ هناك المحاضراتِ والندواتِ ، وعروضَ تجاربِ ثلةٍ من الخطاطين . وقد انتظم عِقْدُ هذا البرنامجِ في اثنتي عشرة فِقرةً، وسوف يتدارس المشاَركون خلالَها سبلَ النهوضِ بالخط العربي، وكيفَ يمكن استثمارُ الإمكاناتِ التقنيةِ الحديثةِ في ترقيته، كما نتعرَّف على جهود بعض المراكزِ العالميةِ المتخصصة بخدمة المصحف الشريف، والتي تساهمُ في العناية به. واستطرد أمين عام المجمع قائلاً : إن مجمع الملكِ فهدٍ بذلك يعقد شبكةً من الصلات وتوطيدِ عُرى التعاونِ مع الأفراد والمؤسسات الأكاديميةِ والثقافيةِ ذات الاهتمامِ المشتركِ، كما يتعرفُ الجمهورُ الكريمُ على دور المجمعِ في دعم التقنياتِ الحاسوبيةِ ذات العلاقة بخطوط المصحف، كما يتعرف على جهوده في إدراج بعض علامات الرسم العثماني ضمن الترميز الدَّوْلي، وعلى تجارِبه في إنتاج خطوطٍ حاسوبيةٍ للنص الشريف بمختلف الروايات المتواترة، وعلى مشروعه في استخلاص الخطوط الحاسوبية من الصور الضوئية وهو المعروفُ بنظام مولِّد الخطوط، وبذلك يكون هذا المجمعُ المبارك قد نهض في الوفاء بأهدافه وبعض واجباته تُجاه منظومةِ علوم القرآن الكريم. وفي نهاية كلمته ، شكر سعادته جميع الزملاء العاملين في لجان الملتقى المتعددة الذين نهضوا بالأعمال المنوطة بهم طوال خمسةَ عشرَ شهراً خلت، بدأب وحماسة وهمَّة عالية، واستشعروا عظمَ المسؤولية الملقاة على عاتقهم تجاه هذا الملتقى الدولي ، والشكر والعرفان موصول للجهات الحكومية ، والمؤسسات الأهلية ، والأفراد الذين شاركونا فعالياتِ الملتقى وأوجهَ أنشطتهِ وتجشَّموا عناءَ الأسفار، وحضروا إلينا من داخل المملكة وخارجها، فلهم منا جميعاً كلُّ تقدير وامتنان . الرحاب الطاهرة بعد ذلك قدم عرض بعنوان “ قافلة النور “ الذي يرصد نشأة كتابة المصحف الشريف وتطوَّرَها إلى العصر الحاضر ، ثم ألقى مدير عام مركز الأبحاث للتاريخ والفنون والثقافة الإسلامية (إرسيكا) الدكتور خالد أرن كلمة المشاركين في الملتقى عبر في بدايتها عن بعقد هذا الملتقى في هذه الرحاب الطاهرة تحت مظلة هذا الصرح الإسلامي الرائد والفريد في رسالته وأداءه، ألا وهو مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف برعاية كريمة من لدن خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود حفظه الله ورعاه - . وقال : إن شمل هذه النخبة يلتئم من خطاطي المصاحف والقائمين على خدمتها من مختلف الجوانب في عالمنا الإسلامي لأول مرة في هذا الملتقى الكبير من مشارق الأرض ومغاربها في ظلال المسجد النبوي الشريف ليقدموا ويقوّموا عطائهم وإنجازاتهم في خدمة كتاب الله العزيز من خلال المشورة وتبادل الآراء والخبرات والتقنيات للانطلاق نحو آفاق أرحب وأوسع ، منوهاً بالإنجازات الرائعة التي نشهدها في هذا المجمع العتيد ونلمس إشعاعها في شتى بقاع العالم في مجالات البحث والدراسات القرآنية ، والسنة النبوية في منشورات وتسجيلات بأعلى مستويات الدقة، ولاسيما ما يقدمه للملايين من ضيوف الرحمن على اختلاف ألسنتهم من المصاحف الشريفة وترجمات معانيها بمختلف لغات الأرض على مدار العام وفي مواسم الحج من كل عام، إنما هو مثار اعتزاز وتقدير ودعاء بأن يبارك الله تعالى تلك الجهود ويحفظ القائمين عليها سنداً وذخراً للإسلام والمسلمين. وعرض مدير مركز الأبحاث للتاريخ والفنون والثقافة الإسلامي (إرسكيا) في سياق كلمته - بعضاً من انجازات المركز في خدمة كتاب الله الكريم من خلال تنظيم العديد من الندوات ، والمؤتمرات الدولية حول ترجمات معاني القرآن الكريم ، ورسم المصاحف في العالم الإسلامي، وتنظيم المسابقات الدولية لفن الخط وظهر جيل جديد من الخطاطين يعُرف بجيل ( ارسيكا ) ، منوهاً بالتعاون والتنسيق القائم بين المركز مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف من أجل تحقيق المزيد من الخدمات المرجوة في مجال خدمة كتاب الله ، وكتابته وخطه. وختم الدكتور خالد أرن كلمة المشاركين موجهاً الشكر إلى خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز ، وصاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز آل سعود ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع والطيران والمفتش العام ، وصاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية - حفظهم الله - لرعايتهم الكريمة للملتقى ، كما تقدم بالشكر إلى معالي الوزير المشرف العام على مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف الشيخ صالح بن عبدالعزيز آل الشيخ على إشرافه ومتابعته لكل ما يتعلق بالملتقى ، وإلى سعادة الأمين العام للمجمع الأستاذ الدكتور محمد سالم بن شديد العوفي ، ومعاونيه الكرام على ما بذلوه من جهود مخلصة لإنجاح هذا الحدث المتميز ، داعياً العلي القدير أن يكلل أعمال الجميع بالسداد والتوفيق . عقب ذلك ألقى معالي وزير الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد الشيخ صالح بن عبدالعزيز آل الشيخ كلمة استهلها بالترحيب بالحضور جميعاً من داخل المملكة وخارجها وممن تشرفوا بخط وكتابة المصحف الشريف كلام رب العالمين ، موجها الشكر لهم على هذا التفاعل وهذه الاستجابة لدعوة المجمع لحضور فعاليات هذا الملتقى العالمي ، مؤكداً أن هذا مؤشر على حرص المؤثرين والمتميزين من أبناء هذه الأمة للعودة بها إلى أصولها وفنونها الجميلة والى معالم حضارتها الأصيلة . ورفع معاليه الشكر لخادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز حفظه الله على رعايته الكريمة الكاملة لهذا الملتقى العالمي ، وعلى تشريفه وتكريمه حفظه الله لمعاليه بإنابته حضور حفل افتتاح هذا الملتقى وله حفظه الله الحرص الشديد على نشر هداية القران ونشر علومه وجميع ما يختص به من فنون وعلوم وتأصيل ذلك في الأمة فجزاه الله عنا وعن الإسلام والمسلمين خيرا . واسترسل معاليه يقول : إننا مدينون لكم برعاية هذا الجمال ، والحفاظ على هذا المعلم من معالم مدنية الإسلام وحضارة الإسلام ، ولذلك جاء هذا الملتقى تكريماً لكم لا جمعاً لكم ، جاء هذا الملتقى رفعاً لشأنكم وتذكيراً للناس بما تقومون به لا أن تجتمعوا فقط ، وجاء هذا الملتقى ليكرمكم بالالتقاء في مدينة المصطفى صلى الله عليه وسلم ، وبالقرب من مدارجه - عليه الصلاة والسلام - ، ومدارج صحابته في هذه البقاع المقدسة ، فهنيئاً لنا بمن يهتم بهذه الأمة وبحضارتها وبفنونها الجميلة المتنوعة التي تحي في النفس الارتباط والقربى من الله - جل وعلا - . وختم معالي الوزير والمشرف العام على مجمع الملك فهد كلمته شاكراً جميع المنظمين لأعمال هذا الملتقى العالمي الفريد من نوعه في اللجنة التحضيرية خاصاً بالذكر سعادة الأستاذ الدكتور محمد سالم بن شديد العوفي ، وجميع العاملين في مختلف اللجان ، ولجميع الأخوة الذين سيثرون – بإذن الله تعالى – هذا الملتقى بمحاضراتهم وندواتهم وبحوثهم ، سائلاً الله تعالى للجميع التوفيق و السداد . وعقب انتهاء الحفل الخطابي تسلم معاليه هدية المجمع لخادم الحرمين الشريفين ، وهي عبارة عن لوحة إبداعية من الخط الجميل ، كما تسلم معاليه هدية من مركز الأبحاث للتاريخ والفنون والثقافة الإسلامية (إرسيكا)، وهدية من الخطاط الجزائري محمد همام الشبل وهو أصغر الخطاطين المشاركين في الملتقى. ثم توجه معاليه يرافقه أمين عام منظمة ا لمؤتمر الإسلامي البروفيسور أكمل أوغلوا ، والحضور إلى مقر معرض الخطاطين المصاحب للملتقى ، حيث افتتح المعرض ، كما أفتتح معاليه المعرض الآخر الخاص بالمؤسسات الحكومية والأهلية المشاركة .