قدم الكاتب عبدالرحمن الراشد تحليلًا للعلاقة بين الرئيس الأمريكي المنتخب جو بايدن وإيران بعد انتهاء ولاية الرئيس دونالد ترمب. وجاء في نص مقال عبدالرحمن الراشد المنشور في صحيفة الشرق الأوسط اليوم الأربعاء، ما يلي: عندما سُئل أحد المسؤولين الإيرانيين عن رأيه في كل من بايدن وترمب، أجاب: الاثنان مثل البيبسي كولا والكوكاكولا. إلى حد ما، وإن اختلف المذاق قليلًا. فالنظام الأميركي بمجمله له سياسة عليا ويختلف الحزبان، أو المتنافسان، في رؤيتهما حيال العديد من القضايا. ففي الملف الإيراني وإن كانت المعالجة مختلفة فإن السياسة العليا واحدة. ترمب مارس سياسة الضغط القصوى وبايدن قد يعود إلى سياسة أوباما والجزرة، وإن حاول أن يميز نفسه بأنه سيعدل الاتفاق القديم ليتناسب مع وضع المنطقة الجديد. كل الرؤساء المتعاقبين، من جمهوريين وديمقراطيين، تبنوا سياسة واحدة ضد نظام إيران: ريغان، وبوش الأب، وكلينتون، وبوش الابن، مع أنه نسق مع النظام الإيراني في العراق وأفغانستان، وأوباما في الفترة الأولى من رئاسته حافظ على الموقف ضد طهران، ثم انحرف نحو درب مختلف في رئاسته الثانية. جاء دونالد ترمب وأعاد السياسة الأصلية ضد طهران، مع تغليظ العقوبات عليها، معلنًا أن هدفه أن يأتي الإيرانيون إلى طاولة المفاوضات. وللرئيس صلاحيات واسعة في كيفية إدارة القضايا لكنه لا يخرج عن المصالح العليا المرسومة. يشاركه في الحكم الكونغرس، من حيث إجازة الميزانيات، والمخصصات لكل قرار يتخذه الرئيس، ويعتمد وزراء الرئيس عند ترشيحهم، ويقوم بدور الرقابة على برامجه ونشاطات حكومته. ويعتمد الرئيس في قراراته على مؤسسات الحكومة الدائمة في جمع المعلومات وإدارة التفاصيل، يضاف إلى ذلك هناك مراكز النفوذ وقوى الضغط، كلها دوائر تجعل معظم الرؤساء متشابهين في سياساتهم مهما تباينت خطاباتهم. فسياسة ترمب ضد التمدد الصيني، ستكون سياسة بايدن، لأنها السياسة العليا للدولة وسبق أن تبناها الكونغرس قبل تسلم ترمب الرئاسة، ويتفق عليها الحزبان، وأوصت بها المؤسسات العليا، مثل العسكرية والأمنية والخارجية. إنما أسلوب المعالجة يختلف بين رئيس وآخر، ويبقى الهدف واحداً في النهاية. ماذا عن إيران؟ بايدن ليس واضحًا حيالها بما يكفي لفهم مشروعه. من ناحية نرى أن معظم التعيينات التي أعلنها هي لشخصيات طبخت مشروع أوباما واتفاقه مع إيران. ومن ناحية أخرى نسمع تصريحات بايدن وفيها يقول إنه سيغير الاتفاق بما يرضي الحلفاء في المنطقة. ولا ننسى، طبعًا، أن بايدن، تاريخيًا، هو من أقرب السياسيين الأميركيين لإسرائيل، بخلاف الرئيس السابق باراك أوباما الذي أغضب حلفاءه في المنطقة، بما فيهم إسرائيل، عندما وقع اتفاقًا خلف ظهورهم مع نظام طهران. في رأيي أن ما يدعو للقلق أكثر ليس في واشنطن بل في طهران. فالنظام الإيراني له قراءته للواقع الجديد في واشنطن. قد يعتبر أن بايدن شخصية ضعيفة، ولن يجرؤ على تحدي إيران، بخلاف ترمب الذي صنع لنفسه صورة الرجل الذي لا يمكن التنبؤ بتصرفاته ولا يتورع عن ضرب النظام أو رجاله في أي مكان. بهذه الصورة سيفشل بايدن في إحياء الاتفاق المجمد لأن الإيرانيين لن يقدموا التنازلات التي يريدها مع أنها أقل من مطالب ترمب لتعديله. الأرجح أن يمتحنه ويتحداه الإيرانيون في العراق والخليج وأفغانستان وغيرها. فهل سيرد بايدن عليهم بقصف منشآت أو اغتيال قيادات من النظام؟ مستبعد، أو على الأقل هذه هي الصورة الانطباعية عن الرئيس المنتخب.