غلاء المعيشة في المملكة، أو التضخم بشكلٍ عام المتسارعة وتيرته، أصبحنا نلمسه منذ مدة طويلة. ولكن ذلك، لم يقابله ارتفاع يُذكر لرواتب موظفي الدولة لمواكبته. وقد استَشْعَرَت الجهات العليا ذلك، ووجّهت في نهاية العام الماضي وزارة الخدمة المدنية بإعداد دراسة شاملة، عبر بيت خبرة عالمي، لمستويات الرواتب والبدلات والمزايا المالية، التي تُمنح لموظفي الدولة بما يتناسب مع معدّلات التضخم، ومستويات المعيشة، والمساواة بين موظفي وزارات الدولة وهيئاتها ومؤسساتها في الرواتب والمزايا. هذا وقد تم إعداد الدراسة المذكورة من قِبَل أحد بيوت الخبرة العالمية، وفقًا لبعض وسائل الإعلام، وتم رفعها لمجلس الوزراء، لدراستها من قِبَل الجهات المعنية فيه، ومن ثم إحالتها إلى مجلس الشورى لدراستها وإقرارها ثم إعادتها إلى مجلس الوزراء مرة أخرى بشكلها النهائي. لا شك بأن هذه الدراسة المنتظرة ستُؤثِّر بشكلٍ مباشر على موظفي الدولة المشمولين بنظام الخدمة المدنية، والذين يزيد عددهم عن (1.214.690) موظفًا، وهم يستشعرون كغيرهم لهيب زيادة الأسعار التي كوت جيوبهم. ولو أخذنا مثالاً واحدًا فقط لزيادة الأسعار وهو السكن، لوجدنا أن إيجارات المنازل خلال السبع السنوات الماضية فقط قد ارتفع تقريبًا بنحو (73.5%)، ناهيك عن زيادات أسعار السلع، والخدمات الأخرى، وغيرها التي تضاعفت عبر السنوات الماضية. كما أن هذه الدراسة من شأنها أن تضع النقاط على الحروف بخصوص مقدار التضخم الحقيقي على مدار السنوات الطويلة الماضية، وزيادات رواتب الموظفين التي تُمكّنهم من عيش حياة لائقة في ظل ذلك التضخم، وتوقف سيل التكهنات العارم عن الزيادة المتوقعة للرواتب، من كل من يعلم أو لا يعلم، والذي لا يعتمد في أغلبه على أي دراسة دقيقة. من جهة أخرى، نأمل أن تحفز هذه الدراسة بقية القطاعات الحكومية الخدمية لتقوم بإجراء دراسات وإحصاءات متعلقة بقطاعاتها بشكلٍ مستمرٍ، لتكون لديها معلومات دقيقة وحديثة عن احتياجات المواطن، والتي تمكنها من اتخاذ القرارات المناسبة التي تهمه، وليس معلومات قديمة منذ سنين طويلة قد عفا عليها الزمن. سيكون للدراسة المتعلقة بزيادة رواتب وبدلات موظفي الدولة، مردود إيجابي لتحسين أوضاع فئة كبيرة في المجتمع، وهذا ما تسعى إليه دولتنا الغالية. [email protected]