* يُحمد لمنظمة التعاون الإسلامي إدانتها لما تقوم به الحركة الإرهابية والمتطرفة (داعش) من تهديد، وممارسات إرهابية ضد المواطنين المسيحيين الآمنين في الموصل، ونينوى، ودفعهم إلى مغادرة ديارهم، حيث وردت تلك الإدانة على لسان أمينها العام الأستاذ إياد بن أمين مدني. وأضاف معاليه -كما نقلت تصريحاته الهامّة صحيفة مكة (24/7/2014)-: (إن هذا الأسلوب الذي يتسبب في تمزيق النسيج الاجتماعي للشعب العراقي لا صلة له بالإسلام ومبادئه التي تدعو للعدل والإحسان والإنصاف والتسامح والتعايش)، ولم أطّلع شخصيًّا على تصريحات أخرى تدين هذه الفعلة الشنيعة والمشوِّهة لصورة الإسلام وتعاليمه، إلاّ أن الكاتب بصحيفة الحياة إلياس حرفوش أشاد بهذا التصريح لمنظمة تحظى بقبول إسلامي ودولي، ولكنه استدرك قائلاً بأن هذه الإدانات على أهميتها ظلت عاجزة عن توفير الحماية لأبناء الموصل. (الحياة الخميس 24 يوليو 2014م). وكما استطاعت طالبان وسواها من الحركات المتطرفة أن تتسلل إلى عقول شبابنا، فإن صحيفة الحياة هي الأخرى نشرت نتائج استطلاع على مواقع التواصل الاجتماعي بتاريخ 25 رمضان 1435ه أن ما نسبته 92 في المئة يؤيدون دولة داعش من الفئات المستهدفة في الاستطلاع؛ ممّا يعني صراحة أن البيئة الفكرية لدينا متوفرة لتصبح داعش نموذجًا وقدوةً!! * وسوف أنقل نصوصًا موثقة توضّح بالأدلة كيف حفظ الدين الخاتم حق الآخر، وأول ما يستشهد به في هذا السياق آيات من كتاب الله الحكيم، حيث تقول الآية (8) من سورة المائدة (يا أيُّها الذين آمنوا كونوا قوّامين لله شهداء بالقسط ولا يجرمنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى واتقوا الله إن الله خبير بما تعملون)، وهذه وثيقة المدينة التي حدد فيها رسول الرحمة صلى الله عليه وسلم العلاقة بين المسلمين وغيرهم -أي من غير المسلمين- والتي يتعهد فيها كنبيٍّ وحاكم للأمة عليه صلاة الله وسلامه لمواطني أو أهل يثرب بأنهم أمة واحدة من دون الناس، وجاء في خاتمتها (وأنه لا يحول هذا الكتاب دون ظالم أو آثم، وأنه من خرج آمن ومن قعد آمن بالمدينة إلاّ من ظلم وأثم، وأن الله جارٌ لمن برَّ واتّقى، ومحمد رسول الله صلى الله عليه وسلم) انظر (مجموعة الوثائق النبوية للعهد النبوي والخلافة الراشدة محمد حميد الله، دارالنفائس، ط7، 1422ه -2001م ص59-63). * وتعهد صلى الله عليه وسلم في كتاب آخر لأهل الملل الأخرى بالأمان، حيث يقول: (والوفاء بعهد الله أن أحفظ أقاصيهم في ثغوري بخيلي ورجلي وسلاحي وقوتي وأتباعي من المسلمين، وأن أحمي جانبهم وأذبَّ عنهم، وعن كنائسهم وبيعهم وبيوت صلواتهم، ومواضع الرهبان، وأن أحرس دينهم وملّتهم أين كانوا بما أحفظ به نفسي وخاصتي). المصدر السابق، ص186-187. * وفي كتابه صلى الله عليه وسلم لأهل نجران من النصارى -آنذاك- (ولنجران وحاشيتها ذمة الله، وذمة رسوله على دمائهم وأموالهم وملتهم وبيعهم، ورهبانيتهم، وأساقفتهم وشاهدهم وغائبهم، وكل ما تحت أيديهم من قليل أو كثير) المصدر السابق ص178. * وتبع صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم وخلفاؤه من بعده -رضي الله عنهم- هذا النهج الإسلامي الصحيح والواضح في التعامل مع أهل الديانات الأخرى، ففي الوثيقة العمرية -عند فتح مدينة القدس- حيث يقول الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه (هذا ما أعطى عبدالله عمر أمير المؤمنين أهل إيليا من الأمان، أعطاهم أمانًا لأنفسهم وأموالهم وكنائسهم وصلبانهم، أنه لا تُسكن كنائسهم، ولا تُهدم، ولا يُنقص منها ولا من حيّزها ولا من صليبهم). ويذكر الدكتور صالح حسين العايد في كتابه (حقوق غير المسلمين في بلاد الإسلام) أن شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- توسط عند قائد التتار عندما تغلّبوا على بلاد الشام في إطلاق الأسرى، فسمح القائد بإطلاق أسرى المسلمين، وأبى أن يسمح له بإطلاق أهل الذمة، فكان رد الشيخ : لا نرضى إلاّ بافتكاك جميع الأسرى من اليهود والنصارى، فهم أهل ذمتنا، فلما رأى القائد تشدّده أطلقهم له، وهذا هو السلوك الإسلامي الصحيح، لا سلوك داعش.