ليس سرًّا الزعم بأن جهود الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد (نزاهة) لا تتجاوز تأكيد المؤكد، وفي أحسن الأحوال (فش الخلق)، فالهيئة مشكورة كشفت عن حالات كثيرة من صور الفساد، وأبلغت عنها الجهات المختصة. وهنا (حسب فهم المواطن الغلبان من أمثالي) ينتهي دور (نزاهة). باختصار هناك مقدمة وحيثيات وتحريات ومجهودات، ولكن ليس ثمة ختام سوى الأكليشة المعتادة (تم الرفع إلى الجهة المعنية) والسلام خير ختام. ومن آخر المخالفات والتجاوزات التي رصدتها (نزاهة) وأعلنت عنها تلك المتعلقة بمجمع الأمل للصحة النفسية في الرياض، والذي أحسبه تابعًا لوزارة الصحة. وأمّا قائمة المخالفات التي نشرتها الحياة (8 أبريل) فطويلة تشمل رصد قصور في تقديم الخدمات للمرضى كنقص الأدوية، وتعطّل الأجهزة، ووجود تجاوزات ومحاباة في تنويم المرضى (داء الواسطة)، وتسيّب بعض الموظفين، واستخدام السيارات الحكومية في التنقلات الشخصية مع صرف بدل النقل. واستغلال بعض مسؤولي وزارة الصحة نفوذهم عبر السكن في مساكن المجمع التي لا تحل لهم مع التعديل في تصاميمها تلبية لاحتياجاتهم. ماذا بقي من المخالفات التي لم تُرتكب؟ لا أدري! لكن يبدو أن الأصل بات هو المخالفات، ومن ثم سيكون من الأسهل ابتداءً من اليوم البحث عن الموافقات، أي التي تتفق مع النظام؛ لأنها ستكون في الغالب محدودة جدّاً، ولا تزيد عن أصابع اليد، مثل وجود مصلى، وموقف مظلل لسيارة المدير، وتوفير القهوة والشاي لضيوف المدير، وبند توفير البخور لتعطير غرفة المدير.. يعني جملة من الإصلاحات والمبادرات المهمّة لسيادة المدير، فبراحته ورفاهيته تتطوّر المؤسسة أيًّا كانت، وتنتقل إلى مصاف العالم الأول بسرعة باهرة. أيُّها المسؤول في نزاهة: أحسب أن الوقت قد حان لشيء من الاسترخاء والمراجعة! ليس تقليلاً لجهودكم بارك الله فيكم، ولكن لبحث آليات جديدة وأفكار خلاّقة لاستكمال عملية (الختام). نريد مشاهدة الفيلم أو القصة حتى النهاية، ونريدها نهاية غير تقليدية كالتي اعتدناها. هل يمكن مثلاً تصنيف المخالفات والمخالفين بحيث تختلف النهايات باختلاف المخالفين والمفسدين؟ افعلوا شيئًا لأجلنا نحن المواطنين المتحسّرين المتألمين! نريد أن نفرح و»نزغرط» ونحتفل، بل ونؤكد: (ويلٌ للمفسدين) حتى لو كانوا صغارًا. [email protected]