كشف مصدر مسؤول في الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد «نزاهة» أن الهيئة رصدت شبهة فساد وتجاوزات ومخالفات مالية وإدارية بمجمع الأمل للصحة النفسية بالرياض وأحالتها إلى الجهات المختصة بالتحقيق، منها أحيل إلى هيئة الرقابة والتحقيق، وأخرى إلى هيئة التحقيق والادعاء العام، وبعضها إلى وزير الصحة، للتحقيق مع من تثبت مخالفتهم وتجاوزاتهم وتطبيق العقوبات النظامية بحقهم. وبين المصدر أن الهيئة طالبت بتصحيح أوضاع المجمع بما يكفل تقديم رعاية طبية وخدمات أفضل للمواطنين، وقال «تابعت الهيئة ما تناقلته وسائل الإعلام حول أوضاع المجمع وآخرها ما نشر على لسان المدير التنفيذي للمجمع بأن عدة جهات رقابية ولجانا من وزارة الصحة وإمارة منطقة الرياض وقفت على أحوال المجمع ولم ترصد أي تجاوزات أو محاباة في التعامل مع المرضى، وأن إدارة المجمع فعلت برنامج خدمة المرضى في منازلهم نظراً لعدم توفر العدد الكافي من الأسرة للمرضى، وأنه يتم فرز المرضى في قسم الإسعاف والطوارئ مما قلص مدة انتظارهم إلى أقل من نصف ساعة». وأضاف، «توضح الهيئة حقيقة ما لمسته أثناء تفحصها ومراجعتها للخدمات التي يقدمها المجمع، حيث كلفت فريقاً متخصصاً منها بالوقوف على الوضع، ومقابلة المسؤولين والحصول على المعلومات، وتبين وجود الكثير من المخالفات والتجاوزات وأوجه التقصير والإهمال، وهو ما يرقى إلى شبهة فساد، تتمثل في سوء الاستعمال الإداري، استغلال النفوذ الوظيفي، تبديد الأموال العامة، سوء استخدام الممتلكات الحكومية، كما تبين وجود قصور في تقديم الخدمات للمرضى، تمثل في نقص بعض الأدوية المهمة، تعطل بعض الأجهزة الطبية، عدم وجود أماكن مخصصة لزيارة أُسر مرضى الإدمان لمرضاهم، وجود تجاوزات ومحاباة في تنويم المرضى، قيام بعض الأطباء الاستشاريين بالعمل في عيادات خاصة في الفترة المسائية، تسيب من قبل بعض الموظفين وبخاصة رؤساء الإقسام ومديري الإدارات، وعدم إثبات حضورهم وانصرافهم، استفادة بعض الموظفين من مؤهلات وخبرات غير صحيحة لغرض الترقية والتسكين على وظائف أعلى من الوظائف التي يستحقونها، تكليف متعاقدين غير سعوديين على وظائف إدارية وقيادية رغم وجود الكفاءات الوطنية التي تملك التخصصات ذاتها، كما لوحظ تكليف المعينين على لائحة الوظائف الصحية بأعمال إدارية، إساءة استخدام السيارات الحكومية في التنقلات الشخصية وبقائها لدى بعض الموظفين، حصولهم في ذات الوقت على بدل الانتقال الشهري وهم لا يستحقونه، التحاق بعض الموظفين بالدراسة في بعض الجامعات، دون الحصول على الموافقة من جهة عملهم، استغلال بعض المسؤولين في وزارة الصحة لنفوذهم في السكن في مساكن المجمع والتعديل في تصاميمها لتلبية احتياجاتهم، كما لوحظ أن نظام إنذار الحريق، وكواشف الدخان، وأجراس الإنذار، ونظام إطفاء الحريق والرش الآلي لا تعمل، وأن هناك تدنيا في مستوى الصيانة والنظافة في المجمع، وأن وضعه عموماً لا يُمكن من توفير الرعاية المطلوبة المستحقة للمرضى، وأن ذلك كله ينفي صحة ما ذكره المدير التنفيذي للمجمع. من جهته، أكد مجمع الأمل للصحة النفسية بالرياض أنه يحترم عمل الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد «نزاهة»، ويرحب بأي تحقيق من أي جهة مختصة ومحايدة حول ما جاء في بيانها حول المجمع، مؤكدا أن أعماله تقوم على الشفافية والوضوح ويقدم أفضل الخدمات للمرضى، موضحا أنه يرفض التشكيك في لجان شكلت من جهات محايدة ومنها إمارة المنطقة وهيئة الرقابة والتحقيق واللجنة الوطنية لحقوق الإنسان وأكدت عبر 11 محضرا أن المجمع يعمل بشكل جيد وأن ما يثار حوله مجرد تهويل. وأشار المجمع إلى أنه نسق مع «نزاهة» بشأن أحد موظفي اللجنة المشكلة من قبلهم يعمل بأسلوب غير مناسب ويتبنى رأي أحد الموظفين المقصرين، كما أن المجمع خاطب «نزاهة» بخطاب رسمي بتاريخ 10 جمادى الأولى الماضي، ونبهها إلى أنه يتخوف من أن تحقيقاتها مخترقة. ويرى المجمع أن القضايا التي تطرق لها البيان كثير منها ليست من اختصاصه ومن ذلك الحديث عن نقص الأدوية، عمل بعض الأطباء خارج أوقات الدوام في عيادات خاصة، سوء الصيانة والنظافة، وعن المحاباة في تنويم المرضى يؤكد أن التنويم يقوم على الرأي الطبي، كما أنه لا توجد في المجمع حاليا أي أجهزة طبية لا تعمل، وبشأن أماكن الزيارة وعدم تهيئتها فإن المجمع قدم بدائل تناسب شروط الزيارة ومن أهمها أن تكون الزيارة في مكان مفتوح وخارج قسم التنويم حفاظا على مصلحة المرضى. واشتكى عدد من المسؤولين بجهات حكومية مما يحدث ل «نزاهة» وما أسموه اختراقا لعملها معتبرين ذلك مخالفا لما هو مأمول منها ويتسبب في التأويل والتقول عليها، وأوضحوا ل «عكاظ» أنه تمت ملاحظة استغلال بعض الموظفين المقصرين في جهاتهم لمعارفهم وعلاقاتهم الشخصية العاملين في نزاهة في الحصول على نسخ من تقارير ونتائج للتحقيقات التي تقوم بها رغم عدم صدورها ويتداولها هؤلاء الموظفون المقصرون على مواقع التواصل الاجتماعي بعد تأكيدهم على حصولهم على كامل نتائج وتقارير نزاهة بطرقهم الشخصية وتهديد إداراتهم بها وتشويه سمعة زملائهم. وكانت حادثة المجمع التي نشرت مؤخرا في «تويتر» عن طريق موظفين مقصرين كنموذج واضح يستدعي من نزاهة التحقيق مع من خالف مبادئ العمل لديها، حيث انتشرت في «تويتر» معلومات من أسماء «غير صريحة» لموظفين مقصرين يهددون فيها إدارة المجمع ويهولون بعض الملاحظات التي يتم رصدها، بل وينفذون تهديداتهم بنشرها إعلاميا بعد أن حصلوا على كامل تقارير الهيئة حسب تأكيداتهم بطرقهم الملتوية. وأكد المستشار القانوني محمد بن سعد الوهيبي أنه يفترض في نزاهة أن تكون قدوة لغيرها من الجهات في تطبيق النزاهة ومحاربة الفساد على المخالفين من موظفيها، فيجب عليها معرفة من يسرب تقاريرها ونتائج تحقيقاتها قبل صدورها، خصوصا أن هذا يعتبر مخالفا للقسم الذي يؤديه الموظف قبل مباشرته لمهام عمله بعدم البوح بأي معلومة اطلع عليها، بسبب عمله في الهيئة ولو بعد انقطاع صلته بها.