تأتي كلمة queue عبر اللغة الفرنسية من كلمة cauda اللاتينية والتي تعني الذيل. وهناك من يقول أن الطابور- في اللغة - لفظ تركي على وزن فاعول مثل شاكوش وناقور وخازوق ، وهو وزن لا تعرفه الفصحى إلا من أوزان اسم الآلة غالباً. بينما تعني كلمة طابور (وفق معجم اللغة العربية المعاصر) : جمع طَوابيرُ : 1 - صفٌّ من أيّ شيء « اصطفّ الطُّلاب في طابور الصباح ، - طابور من السيارات «. 2 - مجموعة من الجنود من ثمانمائة إلى ألف « وقف الطابورُ في الميدان « الطَّابور الخامس : جماعة تساعد العدُوَّ في السِّرِّ بالتجسس لصالحه . *** أما لدينا فإن فكرة الطابور غريبة ومُستهجنة حيث كلنا يرى الأولوية لنفسه على غيره من الناس. يحدث هذا عند الإشارات المرورية، وفي المطارات، وعند محلات الوجبات السريعة، وفي الدوائر الحكومية ... الخ. وتضع إحدى مدونات الشبكة العنكبوتية الطوابير كأحد العادات السبع الأكثر هماجة لدى السعوديين، وتصفها بأنها عادة من سبق لبق تجدها في مجالات عديدة، مثل أثناء السحب من الصراف الآلي, أو الوقوف لدى الكاشيير للمحاسبة، أو أي موقف يتطلب طابوراً، حيث يتجمهر السعوديون عادة حول الشيء ومن يسبق له أحقية الدور حتى وإن أتى متأخراً!! وتعتبر أن هذه العادة، أو الآفة، مثلها مثل العادات الست الأخرى التي أشارت إليها، هو أنها أمراض نفسية نتيجة ثقافة خاطئة اكتسبناها من بيئتنا أو مناهجنا التعليمية القاصرة. *** والطابور ليس مجرد الاصطفاف واحترام الدور، لكنه أسلوب حياة في فلسفته البعيدة فهو، كما يقول سامي عبد الرؤوف عكيلة، مرحلة فكرية وثقافية متقدمة في حياة أي أمة من الأمم, وهي غاية استراتيجية ذات علاقة بالأمن الوطني والقومي, ولا يهوِّن أحدٌ منا صعوبة وخطورة انتظار الطوابير بالقرب من البنوك, والبلديات, والوزارات, والعيادات ..الخ, فالأمر ليس مجرد استقامة أقدام وأكتاف, بل هو استقامة نفوس وقلوب وعقول ومعانٍ ومفاهيم وأفكار. ولقد تذكرت وأنا أنظر في طوابير المستفتين في دستور 2014 في مصر مقولة كثيراً ما سمعناها وقيل إنها منقولة عن رئيسة وزراء إسرائيل السابقة جولدا مائير تقول فيها «إذا رأيت العرب يقفون بانتظام في طوابير الانتظار عند الحافلات فاعلم أن إسرائيل إلى زوال». *** يتأمل أحد المفكرين الغربيين كيف يقف مئات الآلاف من المسلمين في الحرم المكي الشريف في صفوف الصلاة في ثوانٍ معدودة عند إقامة الصلاة بعد أن يكون مجموعات منهم منهمكين في أداء نسكهم الدينية هنا وهناك في أنحاء هذا المسجد العظيم حجماً وقيمة، فهو أمر يفوق تصور أي متخصص في تنظيم الجموع البشرية. ولقد تساءلت في خاطري : ما الذي يمنع المسلمين من الاصطفاف خلف الأهداف العليا لأمتهم والاتفاق على قلب رجل واحد. فمن العيب أن تبقى الأمة متفرقة متشرذمة يتناحر أبناؤها فيما بينهم، بينما يأمرنا الله بالاستواء في صلاة الجماعة خمس مرات في اليوم والليلة، ويأمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بالإخوة فيما بيننا عندما يقول: (مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى). نافذة صغيرة: [[يقول واحد شاف طابور طويل وسأل آخر واحد إيش عندكم؟ قال ما أدري!! راح لأول واحد في الطابور وسأله رد: أنا وقفت أربط جزمتي لقيت الناس واقفة ورايا قال له : طيب إمشي رد : أمشي بعد ما صرت في أول الطابور!! إنت أكيد مجنون]] [email protected]