قَدَر النّخْبَة المَثَقَّفَة في المجتمع (أَيِّ مجتمع) أن تكون قائدة له إلى الرقي والحضارة بصورتيها الإنسانية والمادية، والأولى هي الأهم؛ لأن الثانية نتيجة محسومة لها! (النخبة المَثَقَّفَة) بمبادراتها وأصواتها وأقلامها وممارساتها تَنْشُد حقوق أفراد المجتمع بمختلف فئاته وأطيافه، وهي مَنْ تزرع فيه القِيَم الإنسانية بما فيها من عدل ومساواة وَوحْدَة، أساسها (الوطنية). و(المثقفون) حقيقة هم مَن ينزعون من نسيج المجتمع أشواكَ العنصرية، والقَبَلِيّة والتقسيمات المناطقية والطائفية. تلكم هي الصورة المثالية ل (المُثَقّف) ودوره في خدمة مجتمعه؛ لكن واقع اليوم وفي ظلّ ثورة وسائل الإعلام، ولاسيما القنوات الفضائية التي تبحث عن تعبئة ساعات بَثّ برامجها (الحوارية أو التوك شو) ظهر مُثَقّفُون من وَرَق يلبسون أمام العَدسَات أقنعة ووجوهاً مُزَيّفة تنادي بالمُثُل في أبهى صورها، ويتباكون على حقوق مجتمعية مذبوحة!! أولئك عندما يغادرون الاستوديوهات؛ تسقط وتذوب الأصباغ من وجوههم، فتظهر حقيقتهم؛ فهم مَن يُبَارون بهَدم القِيَم، والتّكْريس بتحركاتهم المشبوهة وأصواتهم وخربشاتهم في الإنترنت ومجموعات (الوَاتسَب) الخاصة هنا وهناك للعنصرية والطبقية في أقبح صورها! (مِثْل) أولئك هم مَن رأيناهم يصفقون فيما مضى في كتاباتهم وبرامجهم لبعض الأنظمة القمعية الاستبدادية، وعندما سقطت تلك الأنظمة بدماء وسواعد شباب أبرياء، ركبوا الموجة، وصَعَدوا المَنَصّة، وزعموا أنهم قَادَة الثورة، أولئك القوم لا مبدأ لهم، ولذا أصبحوا في تَقَلباتهم، وبحثهم الدائم عن مصالحهم ثورة ًعلى الثورة، وخناجر تطعن خاصرة الوطن، وتُمَزِّق وحدته! ويبقى.. أجزم أن من أبرز أسباب (المعاناة وحالة الانكسار والأزمة) التي يعيشها المجتمع العربي هم أولئك المثقفون المتلونون الذين يلبسون رداء المحاماة في العلانية، بينما هم في الخفاء قد باعُوا القَضِيّة! إن من أبرز أدوات النّجاحِ حَمْلة تكشف أولئك، وتُمِيْط الّلثَام عن وجوههم المزيفة. [email protected]