يعتبر هذا العصر هو عصر الصورة بلا منازع طالما الجميع يعيش في ظل العولمة برضاه أو بدون. أزعم بقوة أن ديننا الإسلامي هو دين عالمي وليس محلي؛ فأول آية في المصحف تحمد رب العالمين وليس عالم واحد، وآخر آية (من الجنة والناس)، وهذا يعني أن رسالتنا أوسع من العولمة وهي الكوننة. ولأن الكون والعالم فيه مئات اللغات واللهجات ما نعلم وما لا نعلم تبرز أهمية لغة تواصل مؤثرة وهي اللغة البصرية المعتمدة على الصورة بكل مكوناتها مثل الخط، اللون، الشكل، المساحة، الكتلة، الفراغ، الظل والنور. بكل أسف علينا نعترف بتقصيرنا في الدعوة وفي خدمة قضايانا وتطوير ثقافتنا من خلال الصورة التي يفهمها كل البشر والجان. الصورة لها قيمة وكيان ثقافي، تاريخي، فني، جمالي، إبداعي، إنساني، الصورة فيها قوة وتحتوي على معلومات هائلة تفيدنا في النهضة والانضمام لمجتمع المعرفة. تثبت الأبحاث التجريبية أن 85% من المعلومات التي ترد للمخ تصل عن طرق العين و 13% للسمع و2% لبقية الحواس. ولتوضيح أهمية الصورة في المعرفة أضرب هذا المثال، لو سمعنا جملة (خالد أكل تفاحة) نستطيع أن نعرف منها ماذا يفعل خالد ومن أكل التفاحة فقط، لكن بلمحة بصر أقل من ثانية سوف نعرف عشرات المعلومات المتعلقة بهذا الحدث مثل: أين ومتى ولون التفاحة وحالة خالد ومن كان معه ولباسهم والجو العام لذلك الحدث. في الحقيقة لقد تجنينا على الصورة أثناء تحريمها بدون وعي لأهميتها وتخلفنا كثيرًا عن غيرنا وخسرنا الكثير في حين وظّفها أعداؤنا باحتراف لخدمة مشروعاته الخبيثة. يكفي على سبيل المثال أن من أهم أسباب إيقاف الحرب الفيتنامية مظاهرة لأربعمئة ألف أمريكي طالبوا بوقف الحرب حين مشاهدتهم صورة فتاة فيتنامية عارية تهرب في حالة فزع رهيب أثناء مهاجمة الجيش الأمريكي لقريتها، في حين لدينا عشرات الصور لعشرات المواقف المهينة لأمتنا مثل صور مساجين أبوغريب وأطفال فلسطين وأفغانستان لم نوظّفها لخدمة قضايانا فاستحقينا التهميش من القوى المؤثرة عالميًا وشعوبها؛ لذا أصبحنا مفعولاً به بدلاً من أن نكون الفاعلًا، وصرنا الخبر بدلاً من أن نكون المبتدأ، لأننا أقصينا وهمّشنا قوّة معلوماتية عظيمة الشأن وهي الصورة.