بين خبث التوقيت والكيد الخائب.. وبين اليوميات والمذكرات والسيرة الذاتية يظهر كتاب "جوزيف أنطون" وهو الاسم المستعار الذي اختاره الكاتب سلمان رشدي لنفسه في سنوات التخفي، فصاحب "الآيات الشيطانية" التي أثارت غضب أكثر من مليار مسلم في هذا العالم تظهر يومياته في أيام العاصفة التي أثارها الفيلم المسيء لنبي الإسلام وفي غمار غضب جارف بسبب هذا الفيلم الفقير والساقط بكل المعايير الفنية الذي خرج من الولاياتالمتحدة فيما سعت بعض المجلات والصحف المأزومة في الغرب للتكسب من عاصفة الغضب بنشر رسوم كاريكاتورية مسيئة للإسلام. وحسب تقرير بثته وكالة أنباء الشرق الأوسط المصرية ويقول الكاتب والناقد الهندي الأصل بانكاج ميشرا في صحيفة الجارديان البريطانية إن كتاب "الآيات الشيطانية" ظهر فجأة في سياق زمني شهد مواجهات بين الغرب ودول في العالم الإسلامي، وبدا هذا الكتاب جزءا من هذه المواجهات رغم ادعاء سلمان رشدي بأنه العمل الأقل تسييسا وخلطا بين السياسة والأدب في أعماله. وفيما يكشف كتابه الجديد الذي يقع في 650 صفحة عن متناقضاته وتقلباته ورؤيته للعالم وللتاريخ ولذاته - يتحدث سلمان رشدى فى "جوزيف انطون" عن حياته المتخفية وتنقله من مكان لمكان على مدى عقد كامل منذ الفتوى التي أصدرها الزعيم الإيراني الراحل الخميني عام 1989 وأهدر بها دم هذا الكاتب. وبمعايير الفن وحده كما يلاحظ الكاتب والناقد بانكاج ميشرا لا مجال للشك حتى لدى قراء في أوروبا وأمريكا في أن سلمان رشدى الذي يتمسح بالفن والإبداع "كانت آياته الشيطانية تشكل عدوانا على الهوية الثقافية الجمعية للعالم الإسلامي". فسلمان رشدي عمد في آياته الشيطانية لاستخدام الكلمة في عدوان شنيع على جوهر مقدسات المسلمين والاستخفاف عن قصد بقواعد الإسلام ومبادئه الأساسية. وإذا كان القصد من الكتاب الجديد "جوزيف أنطون" إثارة أكثر من مشكلة في هذا التوقيت فلا مشكلة في أن يؤمن صاحب "الآيات الشيطانية" أو لا يؤمن فذلك شأنه كما أن المسلمين لا يعنيهم ذلك. إنما الإشكالية كلها تكمن في شخص يعمد لازدراء عقائد الآخرين لإرضاء نفسه المريضة بوهم الشهرة وهوس الزواج بعارضات الأزياء والممثلات تماما، كما أن العدوان كله يتجلى في تأكيد سلمان رشدي في كتابه الجديد على أن المشكلة في الإسلام ذاته كدين وليس حتى في المسلمين. هنا يفصح عن مدى قبح جوهره وهو يصف الإسلام بأنه: "دين العنف والقتل والذبح".. وهنا يمكن دون أدنى تحامل وضع سلمان رشدي كمجرد خادم ذليل من لاعقي أحذية تلك الزمرة في الغرب من صقور دعاة صدام الحضارات والأبواق الناعقة بالمصطلح المزور "الاسلام الفاشي". ومن هنا لا محل للشعور بالدهشة التي أبداها بانكاج ميشرا في سياق تناوله لهذا الكتاب الجديد عندما لاحظ أن المؤلف سلمان رشدي لم يوجه كلمة انتقاد واحدة للممارسات العنصرية الغربية وتصاعد نفوذ اليمين المتطرف في مناحي الحياة بالغرب. وإذا كان هناك من ذهب لحد التساؤل عما إذا كان سلمان رشدي يريد بهذا الكتاب الجديد تصفية الحساب مع الإسلام فإن أحدا في هذا العالم ليس بمقدوره تصفية الحساب مع الدين، وإنما هو الكيد الخائب وسوء المنقلب.. إنها مشكلة سلمان رشدي مع نفسه.. ويالها من نفس!.