فشلت موجات الحداثة العاتية على المدن والقرى الجازانية في إغراق موروث " الرقص الشعبي " في قاع بحر التطور ، فيما تدفع المناسبات السعيدة ومن بينها العيد تلك الأصداف إلى الظهور مجددا لتطل فنون المنطقة ورقصاتها الشعبية علامة مميزة خلال احتفالات العيد . وأظهرت الفنون الشعبية بجازان جيلا جديدا من أبناء المنطقة بات وفيا لموروثه الشعبي قدمه بجلاء في مناسبات متنوعة وأبدع فيه بفخر رقصا وإنشادا وأهازيج تملأ وجدان أبناء المنطقة . ولان اختلفت تلك الرقصات الشعبية وفنونها تبعا للتنوع الجغرافي للمنطقة إلا أنها باتت موروثا تتعاقب الأجيال على الحفاظ عليه والتباهي به فمن رقصة السيف الشهيرة إلى العزاوي والزامل والطارق والدلع والدانة والكاسر وغيرها من الفنون والرقصات , كلها ظلت حاضرة مع إنسان جازان . وفي منطقة جازان لا تكاد تخلو محافظة من وجود فرقة للفنون الشعبية فهناك شباب يتسابقون للإنتماء لتلك الفرق إيمانا منهم بعراقة الموروث الشعبي الذي تمثله وعراقة التاريخ الذي انحدرت منه تلك الفنون التي ارتبطت بحياة إنسان جازان في الجبل والسهل والساحل والجزر. ويسهم التنوع الثقافي في إثراء الفنون الشعبية بالمنطقة حتى أصبح الفلكلور الجازاني معروفا على مستوى الوطن وبات شبابها محافظون على موروثهم الشعبي وبخاصة وهم يجملون رقصهم بزيهم الشعبي التقليدي عبر " المصنف " وهو الإزار الجازاني الشهير الذي يضيف كثيرا من الخصوصية والتميز للرقصات الشعبية بجازان . رقصات شهيرة ويلفت النظر جليا شباب أوفياء لفنون جازان ورقصاتها الشعبية أبدعوا بأدائها ليس رقصا فحسب بل حبا وانتماءً يلحظه المتابع لفرق الفنون الشعبية بالمنطقة .. يقول الشاب " عمر أحمد قرموش " إنني أعشق رقصات جازان الشعبية , فكل قبيلتي تجيد الرقص الشعبي حتى أصبحت القبيلة مشهورة برقصة السيف الشهيرة بجازان وأنا نشأت في هذا الجو من الانتماء لرقصة السيف . والشاب عمر هو الفائز بجائزة أفضل راقص في مسابقة الفنون الشعبية الأولى التي نظمها فرع الجمعية العربية السعودية للثقافة والفنون خلال مهرجان جازان الشتوي الفائت .. يضيف .. لقد بدأت الرقص الشعبي منذ مراحل طفولتي المبكرة , ولفت النظر بذلك , وتعلمت من أفراد قبيلتي وكنت ألازمهم في مناسبات مختلفة ومع مرور الأيام تعلمت جيدا وابدعت في هذا. و يقول عمر..المهم أنني أحافظ على هذا الموروث الأصيل لمنطقتي , إنني ألاحظ دائما أثناء أداء رقصات الفنون الشعبية المتعة الكبيرة لدى الحضور الجماهيري الذي يحرص كثيرا على متابعة الفنون الشعبية بجازان وهذا يزيدني حرصا على أداء أفضل ما عندي من إبداع في الرقص مؤكدا أنه كلما زاد تفاعل الجمهور كلما ازداد إبداعا في الرقص الشعبي. وعن كيفية التوافق بين حركات الأقدام والجسم مع قرعات الطبول وبخاصة " الصحفة والزير " يقول عمر إن ذلك يحتاج إلى أذن تجيد سماع الطبول أولا لكنه مع الأيام يتحول ليصبح " اختصاص " . مهرجانات مختلفة ويشير قرموش الى إن الفنون الشعبية بجازان تمثل عنوانا لخصوصية جازان وتميز موروثاتها الشعبية , ويضيف لقد شاركت عبر فرقة الفنون الشعبية في مهرجانات مختلفة منها المهرجان الوطني للتراث والثقافة بالجنادرية منذ مراحله الأولى كما شاركت عبر الفرقة في معرض المملكة بين الأمس واليوم في العديد من دول العالم حيث منذ سنوات ونحن نقدم تراث جازان في قارات مختلفة مؤكدا أن رقصات جازان الشعبية كانت تجد إقبالا لافتا من الحضور. قرع الطبول ويؤكد يحيى مساوى أن كل المناسبات الاجتماعية بجازان لا تخلو من مشاركة الفنون الشعبية فهي المطلب الأساسي لكل الحاضرين وبخاصة في مناسبات الزواج والأعياد , ويقول .. عندما نشارك أحدا فرحته عبر الرقصات الشعبية نجد توافد كثيرين من الناس حتى من غير المدعويين لحفل الزواج مؤكدا أن أصوات قرع الطبول يصل صداها فيحضر الناس للمشاهدة بل وحتى للمشاركة مؤكدا أن قرع الطبول يؤثر في كثير من الحاضرين فتجده يطلب الرقص والمشاركة موضحا انه كثيرا ما يفضل رقصة العزاوي رغم صعوبتها .