تحولت مهنة «الخاطبة» في بعض المناطق خلال السنوات الأخيرة إلى عمل تجاري مجرد يستهدف الربح السريع، وأحيانا بطريقة تقوم على الابتزاز حيث تجاوزت تلك المهنة العريقة بفعل التقنية الحديثة واقتحام مقيمات لها سقف القيم الاجتماعية الراسخة، فيما تنوعت أساليبهن في توفيق «رأسين في الحلال» بشكل متعجل وسريع على طريقة وجبات «التيك أواي» وهو ما جعل بعض الراغبين والراغبات في دخول قفص الزوجية يقعون فريسة لهن. واشتكى «م.ح» وهو احد ضحايا الخاطبات الجديدات من وقوعه في براثن واحدة منهن أخذت عشرة آلاف ريال منه مقابل تدبيرها عروسا مناسبة له لكن العروس هربت بعد أسبوع واحد فقط من حفل الزفاف بعدما وقع على مؤخر صداق قيمته 50 ألف ريال، واضطر إلى رفع قضية أمام المحاكم، وانه يخشى أن يتسرب السر الى زوجته أم أولاده فتنقلب حياته رأسا على عقب!. وفي السياق ذاته ترفض بعض الشابات الزواج عن طريق الخاطبة، وتقول عهود المحمد: انها ترفض الزواج عن طريق الخاطبة رغم أن عمرها تجاوز الثلاثين عاما بسبب عدم مصداقية الخاطبة، مشيرة إلى أن معظمهن تحولن إلى تاجرات هدفهن الكسب السريع دون حرص على توفير معلومات حقيقية حول ظروف الراغبين في الزواج من الجنسين. «المدينة» نقلت واقع سوق الخاطبات والتجاوزات في آليات عمله على عضو برنامج الأمان الأسري الوطني عبدالرحمن القراش الذي وجه انتقادات لاذعة لبعض من يقمن بدور «الخاطبة»، وقال: ان المهنة أصبحت محل شك وريبة لسوء تصرف بعضهن، مشيرا إلى أن بعضهن يتواجدن في الأسواق والمتنزهات ويطاردن العائلات إما بتوزيع أرقامهن أو بالسؤال المباشر (تبغون عرسان أو عندكم عرائس) بالإضافة لدخولهن حفلات الأعراس دون إذن وبطريقة غير لطيفة. وأشار إلى دخول بعض المقيمات الأجنبيات عالم الترويج لبنات من بني جلدتهن أو من جنسيات أخرى بقصد الكسب المادي والابتزاز، وأضاف: «أصبح وجود بعض الخاطبات مرفوضًا في عالم النساء خوفا من التلصص وكشف المستور خاصة أن بعضهن يوزعن أرقامهن على السيارات وصرافات البنوك ونشرها في المنتديات والبلاك بيري رغبة في اصطياد الشباب الراغبين في الزواج». وذكر أن هناك كثيرا من الحالات التي تنشر فيها الخاطبة رقم جوالها بطرق ملتوية ومع ذلك يجدن زبائنهن من الجنسين رغم التحذير الدائم من بعضهن، موضحا انه لم تعد هناك معوقات في عملية إيجاد الزبون أو الزبونة، وقال: «السوق قائم والبضاعة رائجة ويبقى الإخلاص في العمل لوجه الله تعالى وليس عملا تجاريا». وأكد أن هناك تغييرا ملموسا في المفاهيم الاجتماعية، ولم تعد مهنة «الخاطبة» كما كان في السابق حيث تتم الاستفادة في عملهن من التكنولوجيا الحديثة، وأصبحن متعلمات ولديهن كل وسائل التقنية، وقال: «العجيب أن الخاطبات أصبحن ذوات تخصص في زبائن معينين وأصبح هناك تقسيم لكل منطقة وحي.. فلا تدخل إحداهن منطقة الأخرى لتصطاد زبائنها دون إذن منها، وربما يتم البحث في منطقة الأخرى وتقاسم الأجر بين الخاطبتين». وعن تقسيمات عمل الخاطبة أوضح القراش انه يمكن تقسيمهن إلى عدة أنواع: «خاطبة الشيوخ ورجال الأعمال، ومتخصصات مسيار وهؤلاء تكلفتهن غالية ولا تقل عن 25 ألف ريال، وهناك خاطبة كبار الموظفين حيث تشترط الخاطبة أن تكون وظيفة مرموقة وتتراوح تكلفة تلك الخطبة من 10 الى 15 ألف ريال، أما الخطبة العادية فتتراوح تكلفتها من 5 إلى 10 آلاف ريال حسب نوع العروسة فإن كانت موظفة كان الأجر10 آلاف ريال وان كانت غير موظفة فخمسة آلاف ريال». وأوضح القراش: كان يوجد في القرى سابقا ما يسمى ب(الداية) -القابلة- التي تولد النساء وتعمل في نفس الوقت (خاطبة) فكانت تدخل كل بيت مرتين مرة للتوليد وأخرى للتوفيق بين الرأسين في الحلال فكان لها قبول وانتشار بين كل سكان القرية لما عرف عنها من النزاهة وحسن العشرة، ولم يكن هناك أي عيب أو تذمر بين طبقات المجتمع وقتها من عملها أو توسطها للتزويج، حيث كان أجرها الذي تأخذه دقيقا أو تمرا أو فائض اللبن أو نحو ذلك. وكانت دراسة حديثة أجراها الدكتور علي الزهراني عضو التدريس في الجامعة الإسلامية، حذرت من ارتفاع عدد الفتيات «العوانس» في المملكة وتخطيها حاجز المليون ونصف المليون فتاة حاليا، إلى نحو أربعة ملايين فتاة في السنوات الخمس المقبلة، فيما قال المسؤول عن موقع «زواج» الشيخ خالد الهميش: «لدينا مليون و800 ألف فتاة لم تتزوج.. وهن تجاوزن سن الثلاثين»، محذرا من خطورة ذلك داعيا إلى سرعة معالجته.