قديما قالوا: «قديمك نديمك ولو الزمان أغناك».. هكذا تتمثل تلك المقولة في فرن الشيخ القابع كالحصن الركين بوسط جدة القديمة رغم مرور قرن من الزمان على إنشائه وتعدد الافران الحديثة، إلا انه ما زال يحتفظ بسر خلطته السرية في «العيش الحَب». جدة القديمة اشتهرت جدة القديمة بالعديد من الأعمال الحرفية التي ظل أصحابها يحرصون عليها حتى الآن رغم تقدم الحياة من حولهم، فمهنة الخباز، رغم أنها من الأعمال الشاقة التي تتطلب مجهودا ونشاطا من صاحبها، إلا أن البعض ظل يزاولها رغم تقدم سنه محافظا على إرث أجداده في هذه المنطقة التاريخية. ففرن الشيخ من أقدم الأفران هناك، وقد سمي بهذا الاسم نسبة إلى شيخ الفرانة يوسف شكري، ويقع في شارع الذهب بحارة المظلوم، واشتهر بعمل الخبز الحب كما يطلق عليه «الخبز الأسمر». شاهد على التاريخ وروى لنا أشهر وأقدم خباز بجدة القديمة العم عمر بارزيق كيف ان جدران هذا المخبز شهدت فصولا من التاريخ وحكم العثمانيين والأشراف قبل توحيد البلاد على يد مؤسسها الملك عبدالعزيز رحمه الله، فيقول: عملت بالمخبز منذ شبابي فكنت حينها اصغر عامل والان ابلغ الخامسة والسبعين من العمر. ويمضي العم بازريق: هنا شاهدت الجنود العثمانيين والبشوات يأتون إلى المخبز لشراء العيش الحب، وحتى الآن مازال وجهاء جدة وأعيانها يحرصون على تناوله مع الإفطار. سر الخلطة ويضيف العم بازريق انه تدرج في العمل داخل الفرن إلى أن أصبح مديرا له، وعن سبب احتفاظ مخبز الشيخ بشهرته إلى الآن يقول: امتاز المخبز بالعيش الحب وسر خلطته التي نحرص على ألا تتسرب خارج جدرانه، لأن هذه الخلطة هي التي حفظت سمعة المخبز، اضافة الى حرصنا على اقتناء افضل أنواع الدقيق. ويقول: كنا في السابق نعجن يدويا اما الان فقد سهلت علينا الآلات الخبز، حيث ننتج في اليوم الواحد من 2000 إلى 3000 رغيف عيش اسمر حسب الطلب، وقد يزيد او ينقص حيث نبدأ العمل من الساعة الرابعة فجرا إلى الثانية ظهرا، حيث قديما كان يباع الرغيفان بريال، أما اليوم الرغيف بريال، حيث طاله الغلاء.