من المشاهدات المعهودة في آخر ساعات الصيام في أيام رمضان حرص الصائمين على الحصول على أصناف مختلفة من الأطعمة، كالفول، حيث تجدهم يقفون في طوابير، لكن أن ترى هذه الطوابير أمام مخبز فهذا يثير التعجب. فمن خلال تجول "الوطن" أمس في المنطقة التاريخية وتحديدا في سوق الندى، لفت انتباهنا وجود تجمع أمام مخبز لا تبدو عليه ملامح التطور، بل هو موغل في القدم وتوجد بجانبه الدكة الخشبية القديمة التي يقرب عمرها من 80 عاما، فضلا عن مدخله المبني من الحجر، فحاولنا التعرف عن سبب التجمع في هذا الوقت المبكر، فعرفنا أن الهدف هو الحصول على أرغفة من "خبز الحب" الذي اشتهر به هذا المخبز حسب ما تردد على ألسنة المنتظرين. طلبنا لقاء أحد القائمين عليه فخرج لنا العم عمر محمد بارزيق الذي كشف لنا أنه يعمل في المخبز منذ 50 عاما، مشيرا إلى أن المخبز يعد من أقدم المخابز في جدة وصاحبه هو يوسف محمد شكري - رحمه الله-، موضحا أن المخبز اشتهر باسم "فرن الشيخ". ويستطرد العم بارزيق في حديثه مسترجعا تاريخ المخبز، حيث كانت بدايته في عمل الصامولي التركي الذي كان يصنع بطريقة خاصة تعتمد على الدقيق والماء مع الإتقان ويختلف عن الصامولي الحالي بأنه مشرّط بالموس. ويتذكر الأيام العصيبة التي مرت على فرن الشيخ منذ بدايته، حيث يقول إنه تعرض للإغلاق فترة ليست بالقصيرة، لعدم وجود عمالة متخصصة تديره، مؤكدا أن الخبز الذي يعده يتشابه مع الموجود في المخابز الأخرى إلا أنه يختلف من حيث النكهة الشعبية التي تعطي له مذاقا مختلفا. وكشف عن سر الخلطة التي تميز خبزه عن سواه، وذلك بإضافة بهارات الشمر والكمون واليانسون والحبة السوداء للطحين، لافتا إلى اعتمادهم على العجن اليدوي، وهو ما يميزهم أكثر. ويمضي بارزيق بقوله "يبدأ تجمع الراغبين في شراء خبز الحب الرمضاني بعد صلاة الظهر يوميا في رمضان"، مرجعا ذلك الإقبال إلى توفيق الله. وذكر أن المخبز لم يقتصر على تقديم هذا النوع من الخبز إلى الأفراد بل هناك تعاقدات مع مطاعم يجب الوفاء بها خلال شهر رمضان، تصل طلبات إحداها إلى 80 قرصا في اليوم، مشيرا إلى تزويدهم لعدد من المطاعم في جميع أنحاء جدة. وأضاف أن للمخبز زبائنه من معظم المدن في المملكة الذين يأتون خصيصا له أثناء زيارتهم جدة، حيث يأتي له زبائن من مكة والطائف وأبها والمدينة والرياض، وكل يريد أن يجرب خبز الحب الذي اشتهر به الفرن منذ وقت مضي. وعن دوره الحالي في مخبز "الشيخ " يوضح بارزيق "أحرص على الحضور للفرن منذ الساعات الأولى من بعد صلاة الفجر، وأشرف على التحضيرات الأساسية لصناعة خبز الحب، إلى جانب التأكد من توفر المستلزمات كافة من بهارات ودقيق، وكذلك الكراتين التي يحمل عليها الخبز بعد استخراجه من الفرن"، موضحا أنه كان يتقاضى 200 ريال شهريا في السابق فيما يتلقى حاليا 4 آلاف ريال.