امتدادًا للتقليد الثقافي الذي ينتهجه المهرجان في استضافة دولة شقيقة أو صديقة كضيف شرف، تشارك جمهورية كوريا الجنوبية في الجنادرية 27 كضيف شرف هذا العام حيث سيتعرف الزائر على الثقافة الكورية من خلال العروض التي ستقدم في الجناح الكوري وسيتيح الجناح فرص غنية للتعرف على ثقافة هذه الدولة الصديقة. إن جمهورية كوريا تدرك أن المهرجان الوطني للتراث والثقافة الذي ينظمه الحرس الوطني في الجنادرية كل عام مناسبة تاريخية في مجال الثقافة والتقاليد ومؤشر عميق للدلالة على اهتمام خادم الحرمين الشريفين، الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود، بالتراث والثقافة والتقاليد والقيم العربية الأصيلة، كما تعلم أيضًا أن المهرجانات تعتبر مناسبة وطنية تمتزج في النشاطات التاريخية بالحاضر الزاهر للدول، ومن أسمى أهداف مهرجان الجنادرية التأكيد على الهوية العربية وتأصيل التقاليد الوطنية بشتى جوانبها ومحاولة الإبقاء والمحافظة على التراث الأصيل في المملكة العربية السعودية، وفي ذات الوقت، يحظى المهرجان باهتمام ذوي الاختصاص في التراث العربي من المفكرين والباحثين لما يتمتع به من تنوع في الفعاليات والأنشطة. وتدرك كوريا أيضًا أن من أهداف مهرجان الجنادرية التأكيد على القيم الاجتماعية التي تمتد جذورها في أعماق التاريخ لتصور البطولات العربية لاسترجاع العادات والتقاليد الحميدة التي حثت عليها ثقافة المملكة العربية السعودية، ولترسيخ علاقات الصداقة والتعاون بين كافة الدول، لذلك كانت المملكة حريصة على تقديم الدعوة للبلدان الصديقة لتكون ضيفًا للشرف في مهرجان الجنادرية. ومن هذا المنطلق كان حرص جمهورية كوريا على الاشتراك والمساهمة في مهرجان الجنادرية الذي أصبح يمثل فعالية إقليمية وعالمية يترقبها الكثيرون لما لها من أهمية وانعكاسات إيجابية في ترسيخ العلاقات بين الدول، وتتشرف جمهورية كوريا بأن تم اختيارها لتكون ضيف الشرف في مهرجان الجنادرية لهذا العام 1433ه /2012م. وتأمل كوريا بأن تكون هذه فرصة جيدة للشعب السعودي للتعرف على الثقافة الكورية عبر استعراض الثقافة والعادات والتقاليد الكورية، ولعل ذلك يأتي في سياق العلاقات المتميزة القائمة بين الشعبين الكوري والسعودي حيث أن 2012م يمثل مرور (50) عامًا على تأسيس العلاقات الدبلوماسية بين البلدين الصديقين، وبالطبع يعلم الجميع أن العلاقات بين البلدين اتسمت بالتميز والتطور في المجالات السياسية والاقتصادية وغيرها وأن مهرجان الجنادرية يعتبر فرصة ذهبية لعرض الثقافة الكورية في أجمل صورها كما تعكس التعاون القائم بين البلدين في شتى المجالات الثقافية والتعليمية حيث نجد أن هناك ما يزيد على (200) طالب وطالبة يدرسون حاليًا في الجامعات الكورية في مختلف التخصصات والمجالات. وسيضم الجناح الكوري بمهرجان الجنادرية لهذا العام، العديد من الصالات والمواقع التي وضعت بعناية لتوصيل رسالة التعاون وتعزيز العلاقات للشعب السعودي وللمشاركين في المهرجان بشكل سهل وممتع حيث تعم الفائدة والمنفعة لزوار المهرجان الذي تترقبه كافة الأوساط الرسمية والشعبية، خاصة وأن هذه الأوساط قد بذلت كل جهودها لضمان نجاح المهرجان وأن يأتي في كل عام بشكل مختلف ومتميز عن الأعوام التي قبله. لذلك فإن كوريا بصفتها ضيفًا للشرف في مهرجان الجنادرية لهذا العام، فإنها قد حرصت على تقديم عروض متميزة حيث نجد أن الجناح الكوري يتكون من عدد (8) صالات وضعت بشكل متناسق لتبلغ رسالة الشعب الكوري للشعب السعودي الصديق ولتعكس مدى التعاون والصداقة القائمة بين الشعبين الكوري والسعودي. ففي الجناح الكوري الذي صمم بعناية فائقة، قد وضع ليعكس التاريخ الكوري منذ القرن السابع بما في ذلك 1000 عام من التبادل التاريخي بين العرب وكوريا إذ إن ذلك لم مصادفة، بل كان المقصود منه فعلاً أن يكون كانسياب المياه وأنه تم التواصل بين البلدين قبل زمان بعيد يصعب معرفته وإدراكه، ولذا كانت المياه هي محور الفكرة الرئيسية في الجناح الكوري، لأن الماء هو سر الحياة. وقد خلقت المياه لتنساب متدفقة داخل الرمال العطشى لمجري الزمن، هكذا يخفق القلب من مسافة بعيدة، فالمياه هي مصدر الحياة ولكل حياة قلب، المياه تتدفق ببطء دون استراحة، وتنساب متدفقة حتى تصل إلى البحر وبها يصل البحر إلى كل مكان ومعه تصل المياه إلى أي مكان، وحيث تتواصل القلوب، تتآلف في اللحظة والتو، وهكذا يكون الحب، وهكذا تزدهر الصداقة، أن المياه التي تهطل في شبه الجزيرة الكورية في الشرق تتدفق داخل ثلاثة بحار حيث يعانق كل بحر الرمال الدافئة في شبه الجزيرة العربية، كلها مياه واحدة، وكل الأفكار المتعلقة بالمياه والواردة في الجناح الكوري، من الممكن أن يشاهدها الزوار في صالة السينما ثلاثية الأبعاد. يبدأ الزائر للجناح الكوري بالدخول من مدخل الاستقبال وتوجيه الزوار (الاستعلام) في واجهة الجناح، وسوف يكون هناك حائط كبير في انتظار الزوار لمشاهدة الجناح الكوري.كل ذلك سوف يعكس بواسطة نص كوري أبيض اللون بعدد (888) حرفًا، ويتكون الجناح الكوري من (8) صالات على النحو التالي: * في الصالة الأولى نجد ممر نفق الزمان الذي يحتوي على جرار خزف كوري وكل خزفة ترمز إلى حقبة زمنية معينة، في حيث أن الطرف الآخر منها يحكي عن تاريخ التبادلات وغيرها من التعاملات. * وفي الثانية نجد شاشة استعراض سينمائي ثلاثية الأبعاد، لعرض أفلام متحركة (كرتون) من إخراج مدير كوري مشهور في مجال المشبهات والمحاكاة ليحكي عن قصة المياه وأن كل شيء خلق من الماء وأن قطرات المياه التي هطلت بالبحيرات الصغيرة بكوريا تجري منسابة لتعانق الجنادرية. * أما الصالة الثالثة فمخصصة للرسومات البيانية والخرائط، توضح التضاريس والطبيعة الكورية. * وفي صالة الرابعة نشاهد عدد (32) جرة توضح تفاصيل لفقرات تراثية عن كوريا مع أفلام ثقافية مختصرة ونظام حاسوبي تفاعلي لشرح ثمانية قطاعات لأربعة مواضيع من بين كل المواضيع تم اختيارها لتوضيح: كوريا في الوقت الحاضر، المأكولات الكورية، التراث الكوري، فصول السنة، الرياضة وغيرها من مجالات الحياة الأخرى توضحه بقية الجرار ال(32) حيث يوضح كل زر من الأزرار (أيقونات). * في الصالة الخامسة نصل إلى طريق الحرير الرقمي Digital Silkroad وفيه يتبين لنا أن المملكة العربية السعودية وكوريا قد حافظتا على مورثهما حول ثقافة والتكنولوجيا منذ زمان بعيد يصعب تذكره، ويوضح هنا، تاريخ التعاون بين البلدين منذ الزمن الماضي وحتى الوقت الحاضر بواسطة وسيلة الشرح والتوضيح التفاعلية. * وبدخولنا على الصالة السادسة نكون قد وصلنا إلى منطقة تقنية المستقبل وفيها يتم توضيح عدد (5) من المزايا والخواص الاقتصادية التي تتمتع بتا كوريا وبيان ذلك عن طريق صور متحركة وكذلك يتم استعراض عدد (15) من أكبر الشركات والمؤسسات الكورية الرائدة في مجال التقنية، وهنا، سوف يتمكن الزوار الحصول على المعلومات والبيانات القيمة بأنفسهم، وسوف تكون هناك رسومات توضيحية على الجدران للمناظر الطبيعية لمدينة سيئول كما أن هناك شاشات تعمل باللمس يمكن للزائر استخدامها للحصول على كل ما يريد من بيانات وصور عن سيئول. * سابع الصالات خاصة بالدراما الكورية والتمثيل المسرحي الكوري، وفيها يتم استعراض للدراما والغناء الكوري، كما يتم الاستماع لأشهر الأغاني لأشهر المغنين الكوريين مع عرض لأشرطة الموسيقى الرائعة بالإضافة لاستعراض مشاهد من الدراما الكورية التي تجسد الثقافة التقليدية والمعاصرة لكوريا وتفاصيلها التاريخية الدينامكية وتطورها عبر التاريخ. * أما الصالة الثامنة فتمثل نهاية المطاف، حيث نصل إلى نافذة السياحة الكورية وفيها نشاهد الطبيعة والعادات والتقاليد الكورية، وبإمكان الزوار أن يجدوا كل المعلومات والبيانات عن محتوى ومضمون السياحة الكورية بالضغط على «زر السياحة». وبالإضافة لكل ذلك، سوف يكون في المسرح الخارجي للجناح الكوري، فريق استعراض الفنون الشعبية الكورية حيث ستقام فعاليات ثقافية على المسرح الخارجي في كل ليلة من ليالي المهرجان. إن كوريا تعد الشعب السعودي بالعديد من المفاجآت الثقافية أثناء فعاليات المهرجان خاصة وأن هناك العديد من العادات والتقاليد والقيم المشتركة بين الشعبين الصديقين مثل احترام الكبير واحترام الأسرة العائلة والتقيد بالأخلاق الحميدة وأن الشعب السعودي على موعد بالاستمتاع بما سوف يحتوي عليه الجناح الكوري كما سوف يستمتع به أيضًا جميع الزوار من حيث زيادة حصيلتهم الثقافية والعلمية والابتكارات الكورية وأن يتسع فهمهم لكوريا وثقافاتها المتعددة والتعرف عن قرب على الشعب الكوري مما سيجعل المهرجان، وخاصة الأجنحة الكورية، حدثًا غير قابل للنسيان لسنوات عديدة. وفي هذا السياق، تأمل جمهورية كوريا أن تكون هذه الفرصة وهذه الدعوة الكريمة من خادم الحرمين الشريفين، الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود فرصة لكسب المزيد من دعم العلاقات بين البلدين الصديقين وأن تكون أساسًا متينًا لمستقبل العلاقات بين جمهورية كوريا والمملكة العربية السعودية وأن يحمل المستقبل تبادلات أكثر استدامة وأكثر نشاطًا في مختلف المجالات وأن يستمر تعزيز العلاقات لمجالات أرحب بعد اختتام مهرجان الجنادرية لهذا العام الذي هو فرصة ثمينة للبلدين للتعبير عن عزم البلدين الصديقين، جمهورية كوريا والمملكة العربية السعودية وأن مهرجان الجنادرية سوف يكون له دور فاعل في توطيد وتعزيز العلاقات بين البلدين ودفعها بخطوات واسعة للأمام.