الملافظ سعد والسعادة كرم    استنهاض العزم والايجابية    المصارعة والسياسة: من الحلبة إلى المنابر    "فيصل الخيرية" تدعم الوعي المالي للأطفال    فرصة لهطول الأمطار على معظم مناطق المملكة    الرياض تختتم ورشتي عمل الترجمة الأدبية    لبنان يغرق في «الحفرة».. والدمار بمليارات الدولارات    «قبضة» الخليج إلى النهائي الآسيوي ل«اليد»    حلف الأطلسي: الصاروخ الروسي الجديد لن يغيّر مسار الحرب في أوكرانيا    رواء الجصاني يلتقط سيرة عراقيين من ذاكرة «براغ»    «آثارنا حضارة تدلّ علينا»    «السقوط المفاجئ»    الدفاع المدني: هطول الأمطار الرعدية على معظم مناطق المملكة    التدمير الممنهج مازال مستمراً.. وصدور مذكرتي توقيف بحق نتنياهو وغالانت    إجراءات الحدود توتر عمل «شينغن» التنقل الحر    أرصدة مشبوهة !    مشاعل السعيدان سيدة أعمال تسعى إلى الطموح والتحول الرقمي في القطاع العقاري    «استخدام النقل العام».. اقتصاد واستدامة    أشهرالأشقاء في عام المستديرة    د. عبدالله الشهري: رسالة الأندية لا يجب اختزالها في الرياضة فقط واستضافة المونديال خير دليل    الثقافة البيئية والتنمية المستدامة    عدسة ريم الفيصل تنصت لنا    المخرجة هند الفهاد: رائدة سعودية في عالم السينما    «بازار المنجّمين»؟!    مسجد الفتح.. استحضار دخول البيت العتيق    إطلالة على الزمن القديم    تصرفات تؤخر مشي الطفل يجب الحذر منها    محافظ عنيزة المكلف يزور الوحدة السكنية الجاهزة    وزير الدفاع يستعرض علاقات التعاون مع وزير الدولة بمكتب رئيس وزراء السويد    البيع على الخارطة.. بين فرص الاستثمار وضمانات الحماية    لتكن لدينا وزارة للكفاءة الحكومية    أخضرنا ضلّ الطريق    أشبال أخضر اليد يواجهون تونس في "عربية اليد"    5 مواجهات في دوري ممتاز الطائرة    فعل لا رد فعل    المياه الوطنية: واحة بريدة صاحبة أول بصمة مائية في العالم    ترمب المنتصر الكبير    صرخة طفلة    «إِلْهِي الكلب بعظمة»!    إنعاش الحياة وإنعاش الموت..!    المؤتمر للتوائم الملتصقة    دوري روشن: الهلال للمحافظة على صدارة الترتيب والاتحاد يترقب بلقاء الفتح    رئيس مجلس أمناء جامعة الأمير سلطان يوجه باعتماد الجامعة إجازة شهر رمضان للطلبة للثلاثة الأعوام القادمة    الأمن العام يشارك ضمن معرض وزارة الداخلية احتفاءً باليوم العالمي للطفل    إطلاق 26 كائنًا مهددًا بالانقراض في متنزه السودة    محمية الأمير محمد بن سلمان الملكية تكتشف نوعاً جديداً من الخفافيش في السعودية    مدير عام فرع وزارة الصحة بجازان يستقبل مدير مستشفى القوات المسلحة بالمنطقة    ضيوف الملك: المملكة لم تبخل يوما على المسلمين    "التعاون الإسلامي" ترحّب باعتماد الجمعية العامة للأمم المتحدة التعاون معها    «المرور»: الجوال يتصدّر مسببات الحوادث بالمدينة    «المسيار» والوجبات السريعة    أفراح آل الطلاقي وآل بخيت    وزير العدل يبحث مع رئيس" مؤتمر لاهاي" تعزيز التعاون    أمير الحدود الشمالية يفتتح مركز الدعم والإسناد للدفاع المدني بمحافظة طريف    أمير الرياض يرأس اجتماع المحافظين ومسؤولي الإمارة    أمير منطقة تبوك يستقبل سفير جمهورية أوزبكستان لدى المملكة    وصول الدفعة الأولى من ضيوف برنامج خادم الحرمين للعمرة والزيارة للمدينة المنورة    سموه التقى حاكم ولاية إنديانا الأمريكية.. وزير الدفاع ووزير القوات المسلحة الفرنسية يبحثان آفاق التعاون والمستجدات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المرأة والمناصب الإدارية في الأندية الأدبية.. حلم ينتظر تغيّر الواقع
نشر في المدينة يوم 11 - 01 - 2012

رحلة طويلة قطعتها المثقفة السعودية لتجد لها مقعدًا في مجالس إدارات الأندية الأدبية عبر عملية الانتخاب التي جرت مؤخرًا.. حضور وصفه البعض ب»المفاجأة»، ورأى فيه آخرون تطوّرًا طبيعيًا قياسًا بما كانت تقدمه المثقفة في اللجان النسائية، واتساقًا مع المساحة التي أعطتها القيادة الرشيدة للمرأة السعودية مؤخرًا.. غير أن حلم المثقفات تجاوز الآن مرحلة التمثيل في مجالس الإدارات إلى تولي المناصب القيادية بما فيها منصب الرئاسة نفسه.. هذا «الحلم» تجابهه عقبات كثيرة، ومفاهيم مختلفة، دلت عليها نتائج التصويت السري للمناصب، حيث لم تحظَ أي امرأة بمنصب إداري.. غياب المرأة عن المناصب الإدارية تبارى المشاركون في هذا التحقيق لقراءة أسبابه.. فمن قائل بأنه أمر طبيعي، وآخر يراه «تنازلًا» وليس «إقصاء»، وبينهما آراء أخرى متباينة.
محددات أمام المرأة
يستهل الحديث الدكتور أحمد عسيري رئيس نادي تبوك بقوله: بداية لا أرى ما يمنع من تقلّد المرأة منصبًا في الأندية الأدبية، إذا ما اعتبرنا أنها تقدمت طوعًا لعضوية الجمعية العمومية، فمرشحة لمجلس الإدارة، ومن ثمّ اقتراع المناصب ضمن دائرة المجلس، فمن ناحية المبدأ هناك موافقة ضمنية لتقبل ما يترتب على العضوية لاحقًا، وهو ما تحقق في بعض الأندية وكاد في أندية أخرى.
ويضيف العسيري: وبرأيي إن هناك محددات لدور المرأة على الأقل في المرحلة الحالية منها على سبيل المثال لا الحصر:
- في حال رئاسة المجلس هناك أمور يتطلبها المنصب خاصة فيما يتعلق بالتمثيل الخارجي للنادي داخل وخارج المنطقة، أو حتى خارج البلاد خاصة متطلب المرافقة بمحرم بشكل دائم وهو ما قد لا يتوفر للجميع وفي كل الأحوال، وإن أمكن القيام بالدور لممثل عن المجلس سيظل في حال استمراره كسرا لمبدأ وعرف إداري متبع.
- أما في حالة الإنابة فالوقع قد يكون أقل إلا من مسؤولية الإشراف على سير عمل اللجان ومتابعة أعمالها -وفق اللائحة، وهو ليس عائقًا إذا ما تهيأ للعضوة الإلمام والنشاط وحرية الحركة للقيام بمهام نائب الرئيس.
- كونها مسؤولة إدارية يتطلب ذلك تواجدًا ربما أكثر من بقية الأعضاء لمتابعة الأعمال والموظفين، وهو ما قد يتعارض أساسًا مع العمل الرسمي للعضوات؛ حيث إنه بحد علمي إن كل عضوات المجالس هن من العاملات في مختلف الوظائف، إلا إنه ليس بالضرورة أن يكون ذلك مانعا مطلقا.
- أما المسؤولية المالية فلعلها الأنسب إذا ما توفر نظام محاسبي فاعل ودقيق، حيث بالإمكان توقيع الشيكات بمسؤولية مشتركة مع الرئيس، والإشراف على الإيراد والمنصرف ضمن قوائم مالية مدققة، ومن ثم القدرة على الإفصاح المالي لمجلس الإدارة لإجابة الجمعية العمومية عند الطلب.
ويتابع العسيري حديثه مضيفًا: ولا ينبغي أن نغفل جانبًا هامًا وهو الثقافة المجتمعية السائدة والممثلة لمجتمع محافظ تعوّد على سيادة ذكورية، وإن كان هناك انفتاحًا إلا إنه لا يزال في طوره النسبي غير المتساوي، وهو ما ينعكس على الاقتراع داخل المجلس، عكس الانتخاب من قبل الجمعية العمومية، بمعنى إن هناك من يؤيد وبقوة وصول العنصر النسائي إلى المجلس، لكن هذا التأييد يفتر عند المناصب الإدارية، وهذا ما رأيناه حتى في حالة تواجد العضوات في بعض مجالس الإدارة لما يقارب نصف العدد الكلي.
ويختم العسيري بقوله: على أية حال لا يمكن أن نعمم ذلك بشكل مطلق إذ إنه وفي بعض المناطق حصلت إحدى العضوات على أصوات في ترشحها لمنصب نائب الرئيس، وفي هذا دلالة على تنامي الثقة بالعضوات وقدرتهن على التعاطي الثقافي والمشاركة الفاعلة في إدارته، ومن المؤكد أن الدورات الانتخابية القادمة ستشكل منعطفًا إيجابيًا لصالح العضوات خاصة فيما يتعلق بالمناصب الإدارية تحديدًا.
كوتا خفية
رؤية الدكتور لمياء باعشن جسدتها في قولها: الانتخابات أخذت معها كل تفسير لأي ظاهرة، فكلما تحدثنا عن شيء انتفضوا في وجوهنا وقالوا: هكذا هي الانتخابات وهذا هو قانون الصندوق وحرية الاختيار؛ بمعنى آخر إننا لن نتمكن من استقراء أي ظاهرة حدثت مع الانتخابات لأنها كلها ليس لها سوى تفسير واحد: أنتم تتباكون لأنكم خسرتم وهذه مرارة الفشل تتحدث، فلنصمت إذًا ونتفرج ونلغي أي دور للنوايا أو المقاصد. فقط نرفع أسمى التهاني ونبارك كل خطوة يتخذها كل مجلس منتخب. أما المثقفات في نظر الكثيرين يجب أن يحمدن الله أن دخلن المجالس أخيرًا وتحسنت أوضاعهن من الوضع الرديف المهين الذي كن فيه سابقًا، ويكفيهن عضوية المجالس وإلا وصمن بالطمع.
وتضيف باعشن: معظم الرجال في الانتخابات دخلوا متكتلين وتوزعوا المناصب فيما بينهم قبل الفوز، واختاروا مثقفات معينات على قوائمهم، وأخشى أن معظمهن لا هدف لهن في الأندية الأدبية أصلًا وفوزهن كان مفاجئًا جدًا. لكن هناك أيضًا مثقفات معروفات ولهن باع طويل في النشاط الثقافي داخل وخارج الأندية الأدبية، وذلك بالطبع لم يشفع لهن في ظل الهيمنة الذكورية التي لا تعترف للمرأة بقدرات ولا قيمة وترى أنها فرضت فرضًا على المجالس بتدخل واضح من الوزارة، فرض كوتا خفية لإضافة النساء للقوائم. وكم هو مشين أن تجد أن الواجهة الثقافية التي يجب أن تكون مثالًا وقدوة للمجتمع وسباقة إلى تغيير الفكر السائد عن قدرات المرأة، تكون هي التي تكرس ذلك الفكر وتدعمه وتعجز عن التخلص من قيوده.
استئثار طبيعي
ويتفق الدكتور ظافر بن عبدالله الشهري رئيس مجلس إدارة نادي الأحساء الأدبي مع العسيري في أن ليس هناك ما يمنع من أن تتولى المرأة مناصب إدارية في الأندية الأدبية، مضيفًا على ذلك بقوله: العمل الأدبي والثقافي ليس حكرًا على الرجل وحده أو المرأة وحدها في هذه الأندية، ولائحة الأندية الأدبية لم تخص الرجال بالمناصب الإدارية وتستثني المرأة، وقد تسلمت المرأة في بعض الأندية الأدبية بعض المراكز الإدارية، ولم يكن هناك أية إشكالية، ومع هذا أقول ليس مهما أن تكون المرأة في منصب إداري في النادي أو تكون عضوًا في مجلس الإدارة فقط، لكن الأهم ماذا ستقدم المرأة والرجل الذين تشكلت منهم مجالس الإدارة في الأندية الأدبية بعد الانتخابات. هذا هو المهم، ومن الطبيعي أن يستأثر الرجال بالمناصب الإدارية في الأندية في الوقت الحالي، فنسبة النساء إلى الرجال في المجالس الحالية لازالت متدنية، فلا غرابة إذًا أن يستحوذ الرجال على المناصب الإدارية في الأندية، والمستقبل كفيل بأن تأخذ المرأة المثقفة مكانها في الأندية الأدبية وغيرها من المؤسسات المتاحة لها للعمل فيها.
ويضيف الشهري: أرجو ألا يكون هذا الموضوع هو شغل الصحافة الشاغل، لأن المطلوب من الزملاء رجالا ونساء في مجالس إدارات الأندية الأدبية أكبر من المناصب الإدارية، هناك لجان في الأندية الأدبية أهم من المناصب الإدارية لأنها هي التي يتشكل منها العمل الثقافي في الأندية، وهي التي تنقل هذه الأندية إلى التميز والريادة في مجالات العمل الأدبي والثقافي، وهذه اللجان من يرأسها في الغالب يكون من أعضاء مجالس الإدارة، وفي ظني أن من يرأس لجنة مثل لجنة المطبوعات والنشر مثلًا أهم من المسؤول الإداري في النادي؛ بل ربما يكون أهم من رئيس مجلس الإدارة نفسه، وقس على ذلك بقية اللجان.
ويستدرك الشهري بقوله: أنا لا أقلل من مهام من يتولون مناصب إدارية في النادي، لكنني ومن باب التأكيد على أهمية مسؤولية أعضاء مجالس الإدارة أقول هذا، وسنرى في المستقبل أن المرأة ستقود العمل في هذه الأندية مشاركة مع الرجل من خلال شغلها لمناصب إدارية في الأندية، ولنكن واقعيين في طرحنا؛ فالمرأة حديثة عهد بدخولها مجالس الإدارة، ومن الطبيعي أن تبدأ المرأة تجربتها من خلال عضوية المجالس لتثبت جدارتها وهي جديرة وستسعى لها المناصب الإدارية بعد ذلك دون أن يكون هناك معوقات.
مزيد من الوقت
الدكتور محمد الصالح رئيس نادي الجوف الأدبي شارك بقوله: أظن أن الأمر متعلق بجانبين:
الأول: حداثة عهد المثقفة السعودية في العمل الإداري الأدبي، نظرًا لحداثة اللوائح المنظمة والمتمثلة في إقرار لائحة الأندية الأدبية مؤخرًا، والتي أجازت للمرأة الترشح لعضوية مجالس الإدارة والتي كانت بمثابة القناة التي تستطيع المثقفة العبور من خلالها للمناصب الإدارية في الأندية الأدبية من خلال التصويت الداخلي لمجالس الإدارة.
الثاني: حداثة عهد المرأة السعودية بشكل عام في الأعمال الإدارية، إذ إن 90% من القوى النسائية السعودية العاملة تعمل في القطاع الحكومي، و80% في سلك التربية والتعليم، والمناصب الإدارية النسائية في هذا القطاع تتراوح ما بين مديرة مدرسة ومشرفة تربوية وفي حالات أقل مديرة إدارة وكل هذه المناصب تقع في مستوى الإدارة الدنيا، ولم نشهد قيادات إدارية ضمن الإدارة الوسطى إلا مؤخرًا حين شهدنا حراكًا إداريًا نسائيًا من خلال تكليف مساعدات لمديري عموم التربية والتعليم في بعض المناطق. هذه الأسباب مجتمعة مضافًا لها النظرة النمطية للمجتمع في امتلاك الرجل قدرة وكفاءة إدارية أكبر، رسخت واقعًا كهذا.
وخلافًا للآراء السابقة يرى الدكتور عبدالله غريب نائب رئيس النادي الأدبي بالباحة أن المرأة لم تقص من العمل الإداري، وخروجها منه يعتبر تنازلًا منها فقط لظروفها الخاصة.. ماضيًا إلى القول: ليس غريبا أن تصل المرأة إلى العمل الإداري، فقد أثبتت قدرتها الإدارية في مجالات عدة، فهي مديرة مدرسة ومشرفة تربوية ومساعدة في التعليم ونائبة وزير كما وهي سيدة أعمال ومسؤولة في مجالات عدة وعلى رأسها مربية في بيتها لأبنائها وموجهة في أسرتها وأعمالًا كثيرة لا يمكن حصرها هنا، وفي مجال الثقافة ومجالس إدارات الأندية الأدبية فقد نالت حقها بعد أن حققت لها وزارة الثقافة والإعلام عبر وكالتها للشؤون الثقافية والإدارة العامة للأندية الأدبية الدخول في مجالس إدارات الأندية ناخبة ومنتخبة وهذا ما جعلها تصل بثقة الناخبين لها، ولم تضيق عليها الوزارة فقد صرح المسؤولون أنه بإمكانها وتمكنها الثقافي والإداري أن تكون حجر زاوية في الجهاز الإداري، كما وأن الأندية منفذة لهذه الأوامر. ومن وجهة نظري فإني اعتبر وجودها في العمل الإداري هو تنازل منها لزملائها الرجال إدراكًا منها بأن العمل الإداري يحتاج لتحرك كبير وحضور أكثر طوال أيام الشهر لمتابعة العمل الإداري والتواصل مع جمهور النادي وضيوفه من داخل المملكة وخارجها، والتنسيق مع الجهات الحكومية والأهلية في ما يخص الثقافة، ولأن أكثرهن غير متفرغات ولديهن ارتباطات عملية وأسرية قد تعيقهن من مواصلة المجيء للنادي بصورة يومية فقد آثرن أن يقوم بالعمل الإداري الرجال، وهذا لا ينقص من قدرتهن القيام بالعمل الإداري الثقافي بالذات؛ بالعكس فقد رأينا ولمسنا نجاحاتهن في كثير من مواقع العمل جنبًا إلى جنب مع زملائهن من الرجال وفق عادات وتقاليد مجتمعنا وثوابت ديننا، وفي نادي الباحة الأدبي خصصت صالة باسم الخنساء لحضور ومباشرة الاجتماعات والأنشطة عبر الدائرة التلفزيونية المغلقة وكن ولا يزلن يقدمن ما بوسعهن في خدمة الثقافة في الأعمال التي أنيطت بهن وحققن نجاحًا وهن خارج العضوية، ولا أظن إلا أنهن سيضفن نجاحات كبيرة بعد وصولهن العضوية في مجلس الإدارة، وهذا ما لمسناه في ملتقى الرواية لأربع ملتقيات عربية والمهرجان الشعري العربي الأول، ولا أنسى أن هناك مثقفات أخريات خارج العضوية وهن متعاونات مع النادي ونشاطاته وسنكون أكثر سعادة بوجودهن في لجان النادي ويواصلن نجاحاتهن، ولن يكن في منأى عن مجلس الإدارة بل سيساهمن في نشاطاته والتشاور فيما يعزز مشاركتهن الفاعلة مع النادي.
مناصب دون الطموح
وتتفق الدكتورة عائشة الحكمي عضوة مجلس إدارة نادي تبوك الأدبي مع ما ذهب إليه غريب من أن الأمر تنازل وليس إقصاء بقولها: غياب المثقفة عن المناصب الإدارية في الأندية الأدبية جاء برغبتها هي وفقًا للمرحلة، كما ألاحظ أن دخول المرأة ليس من أجل الحرص على المناصب، لكن من أجل الإسهام بالعمل في مؤسسات الثقافة لتكون على مقربة من اهتماماتها لتعطي وتأخذ، لشعورها الدائم أنها عضو مهم في صناعة الثقافة تنتج وتستهلك وتصنع قرارات ولتكون همزة وصل بين المراكز الثقافة والمجتمع، وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على أن المرأة تدرس الموضوع ثم تنتقي ما يناسبها ويتناسب مع أدوارها في الحياة كموظفة أو مسؤولة في أي شأن، والمناصب الإدارية المتاحة في الأندية الأدبية كما أرى لا تتناسب وطموحاتها، فكما نعرف منصب الرئيس والنائب محجوز للرجل لاعتبارات سياسة الدولة العليا وهي محل تقدير، ثم إن المرأة لن تحشر نفسها في أعمال مشتركة لا تأخذ فيها حريتها في الحركة، فإذا أصبحت مسؤولة إدارية لابد أن تكون متواجدة في كل مكان داخل النادي وخارجه، ومن الممكن لا تجد الإمكانات الملائمة الآن لأداء عملها، فأخذتها من قصيرها وامتنعت حتى عن إدارة اللجان الفرعية.
وتذيل الحكمي حديثها بقولها: المرأة الآن تترقب تجربتها الرسمية في مجلس الإدارة، ومن ثم تقرر متى تخوض المنافسة على المناصب والتي هي عمل وجد وجهد تتطلب كثيرا من الوقت، لذلك هي تعي تمامًا أنها لن تتولى منصبا إلا إذا أعطته حقه من الاهتمام، لأن جميع الأنظار موجهة إلى عملها ونجاحها.
جزء من الحلم
واكتفت تهاني الصبيحة عضوة مجلس إدارة نادي الإحساء بقولها: حين شاركت المثقفة في مجالس إدارات الأندية الأدبية فقد تحقق جزء من الحلم والذي كان بعيد المدى في السابق، والطموح كبير لا حد له وتبين أن الوضع الاجتماعي يضع قيودًا آسرة وخطوطا حمراء أمام المرأة، وما زال ينظر لها على أنها عورة؛ لذلك لن تنال في الوقت أكثر من عضو فاعل في الأندية الأدبية، وعليها أن تفرض نفسها بعطائها.
ثقافة سائدة
أما الدكتورة أميرة كشغري فتقول: عدم تولي المرأة المناصب يرجع لسببين هما:
1_ عرض لوضع اجتماعي عانت فيه المرأة من عدم القدرة على الحركة والاستقلالية.
2_ يحوي جانبين عام وخاص.
الجانب العام: الثقافة السائدة في المجتمع حيث ينظر للمرأة باعتبارها تابعا في الصف الثاني بعد الرجل، والجانب خاص بالمرأة ذاتها ونظرتها لنفسها، فلابد أن تملك الثقة الكافية التي تؤهلها لتولي ومبارزة المناصب الإدارية، كما يحدث مثلًا في الأندية الأدبية كمنصب الرئيس رغم تحفظي عليه أو كعضو في الإدارة، ففيه فرق بين رئيس للنادي وعضو مجلس، فالرئاسة بحد ذاتها تحتاج أن تكون المرأة قادرة على الحركة والتواصل مع جميع الأطياف والمشاركة في كل الفعاليات التي تتطلبها رئاسة النادي، وما حدث في مكة خطوة إيجابية، أما المناصب الإدارية الأخرى كنائب للرئيس أو عضو مالي ليست لها دور مؤثر؛ فالمرأة لم تكتمل ثقتها، والمجتمع ما زال متحفظا على تولي المرأة تلك المناصب.
مناخ طارد
وترى الدكتورة وفاء خنكار أن: أساس وجود المثقفة في الأندية الأدبية كعضو لم تجد المناخ الإيجابي، فوجودها رمزي كمشاركة غير مستغرب كضيفة أو مشاركة كامرأة مثقفة خطوة سابقة أن يكون لها مكان إيجابي تنطلق منه ولا يجب أن تكون كفاكهة المائدة.
وتضيف وفاء: القرارات الأخيرة شيء جميل ولا زالت متأخرة في أن تساهم في القرار، فالمناخ في الأندية الأدبية مناخ طارد، فلا أرغب شخصيًا في خوض مواجهات كأني فيه أناضل عن شيء بعيد المنال، فإذا وجدت في النادي ما يرحب بي ويتقبلني كمبدعة وكمساهمة فعالة بدون الآفات وغياب بعض الأسماء الفاعلة فلست حريصة على تواجدي فلم أفكر في العضوية مطلقًا، ومازال تصحيح المسار دفته ضعيفة جدًّا للتخلص من تلك الرواسب الفنية والأدبية، وإذا كان الأفراد على قدر المكانة الأدبية الحقيقة ساعتها يكون المنصب مطلبًا، وإذا كان الصراع من أجل النقاء فيشرفني أن أكون عضوة فاعلة، فالمهمة الإدارية تسحب جزءًا من عطائي، فالمبدع ليس محتاجًا لأن يكون عضو مجلس إدارة، فأكثر المبدعين الحقيقيين مبتعدون عن الإدارة، ومن مصلحة الأندية الأدبية أن يديرها من يتقنون الإبداع، وليس من مصلحة المجلس الإداري أن يبتعد عن المثقفين أصحاب البصمة البارزة في المشهد الثقافي، فإذا كان الصراع من أجل البقاء فحتمًا سوف يهزمه صراع الأفضل لا محالة.
خطوة أولى
مشاركة الشاعرة بديعة كشغري صاغتها بقولها: أن تكون المثقفة عضوة في مجالس إدارة الأندية الأدبية كخطوة أولى بادرة جميلة، فدخول العديد من المثقفات الشابات لا شك أنه مطلب، لكننا لا زلنا نعاني من عدم منح المثقفة دورها الريادي الذي تقدمه لتشارك به المثقفين الرجال المناصب الإدارية في الأندية الأدبية، فالمثقفة ضاعت بين الأعراف وهيمنة الرجال التي سيطرت على كل شيء، ولا يناط بالمثقفة سوى دور إشرافي بسيط لا أكثر رغم طموحها وحقها المشروع في أن تكون عضوة إدارية فاعلة في مجالس الأندية الأدبية. وكذلك هنا عائق كبير يقف في وجه المثقفة هو المجتمع الذي لا زال يسوده القلق ولم يمنح المثقفة ما ترنو إليه رغم انفراج بوابة الأمل أخيرًا المتمثلة في تعيين سيدتين في مجلس نادي مكة الأدبي بعد إعادة التدوير؛ ولكنه يظل استثناء لا غير، فأين هي من المناصب الإدارية في كثير من مجالس الأندية الأدبية!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.