على امتداد سوق العلوي الواقع بباب مكة تلفت نظرك تلك الجموع الهائلة من البشر بين ذاهب وآئب تراهم يحملون في أيديهم مقاضيهم وبضائعهم فيما يحملون في قلوبهم وصدورهم ذكريات الماضي الجميل التي ما زالت تذكرهم بها روائح محلات العطارة والعود التي تفوح من أزقته الضيقة، والتي تحيط به البيوت ذات الطراز المعماري القديم والممزوجة بالمشربيات الخشبية التي تتزين بها بيوت جدة التاريخية. ويفضل أهالي وزوار مدينة جدة ارتياد الأسواق القديمة في الليالي الرمضانية لما يجدونه هناك من بساطة وعدم تكلف في المنظر العام إضافة إلى شراء مستلزماتهم من المحلات التي تبيع الملابس وأخرى لبيع الساعات وثالثة لبيع التوابل وكذلك الأواني المنزلية . يقول علي الزهراني (65 عامًا) :» آتي كل عام في رمضان من جنوب المملكة لأداء مناسك العمرة، من ثم ارتياد سوق العلوي التاريخي لاستعادة ذكريات الصبا الجميلة حيث العمائر المبنية بحجر البحر والمزينة بالرواشين، إذ أنني منذ نحو أربعين عامًا أسكن في حارة العيدروس، واليوم ألمس تطوره وتنظيمه مقارنة بالماضي». أما بعض مرتادي السوق فقد فضّلوا شراء أنواع معينة من محلات العطارة والتي يتميز بها سوق العلوي، كما هو حال علي أحمد عبدالله (30 عامًا) الذي يقول:» مما يميز سوق العلوي محلات العطارة العتيقة، فإذا قدّر لك أن تطوف بمدينة جدة كلها بحثًا عن نوع معين من الأنواع فإنك في الغالب لن تجدها وبالسعر المناسب سوى في سوق العلوي» والعطور والمخلطات والكريمات وبسعر متوسط ومنها سياحة بالمرة. وأشار علي إلى أن «شعبية السوق وبساطته وتوفر كافة الاحتياجات أحد العناصر المهمة في جذب الناس إليه» مضيفًا: «أنه يحتوي على البضاعة المميزة والرديئة في آن واحد بأسعار متوسطة ومرتفعة على السواء». أما أقدم بائع في سوق العلوي العم محمد علي با يونس والذي أمضى قرابة 60 عامًا بائعًا في سوق العلوي فقد قال: «ما من زائر لجدة في رمضان إلا ويحرص على ارتياد السوق لأنه قلب جدة النابض ويقع في منطقة تاريخية» مشيرًا إلى أن «سعة المراكز التجارية المنتشرة ومكيفاتها لم تمنع الزوار من ارتياد هذه الأسواق الشعبية العتيقة وعلى رأسها سوق العلوي».