اتفاق بين السعودية واليابان بإعفاء حاملي جوازات السفر الدبلوماسية من تأشيرات الزيارة القصيرة    ولي العهد والرئيس الألماني يعقدان جلسة مباحثات رسمية    الرياض.. «سارية» الإعلام العربي تجمع «العمالقة» في «المنتدى السعودي للإعلام»    وزير الصناعة والثروة المعدنية يبحث في الهند الفرص المشتركة لتوطين صناعة الأجهزة الطبية والسيارات والآلات بالمملكة    2112 مالكاً من 16 دولة.. و7300 مطية في مهرجان خادم الحرمين الشريفين للهجن    حصر المباني الآيلة للسقوط في الفيصلية والربوة.. ودعوة ملاكها للمراجعة    الاختبارات المركزية في منطقة مكة مع نهاية الفصل الثاني    رئيس إسرائيل وقادة المعارضة يطالبون نتنياهو بتنفيذ هدنة غزة    يمثلون 13 منطقة تعليمية.. تكريم 60 فائزاً في «تحدي الإلقاء»    الذكاء الاصطناعي... ثورة تُولد عوائد استثمارية كبيرة    ⁧‫أمير الحدود الشمالية‬⁩ يطَّلع على مؤشرات أداء فرع هيئة الهلال الأحمر السعودي بالمنطقة    الأردني التعمري يوقع عقدا مع رين الفرنسي حتى 2028    "أوبك بلس" تبقى على سياسة الإنتاج دون تغيير    وصول الطائرة الإغاثية السعودية ال 56 لمساعدة سكان غزة    70 قتيلاً فلسطينياً في هجمات إسرائيلية على الضفة الغربية    تدشين برنامج أمل التطوعي السعودي لمساعدة السوريين    سوق الأسهم السعودية يتراجع لليوم الثاني ويخسر 32 نقطة    المستشار الألماني: الدفاع الأوروبي يحتاج إلى "مزيد من التصميم"    اكتمال مغادرة الدفعة الثالثة لضيوف برنامج خادم الحرمين الشريفين للعمرة والزيارة إلى بلدانهم    أمير القصيم يكرّم المشاركين في ملتقى اليوم السعودي العالمي للتطوع    أمير القصيم يتسلم تقرير أعمال شركة الاتصالات السعودية لعام 2024    طاقم تحكيم سعودي يقود لقاء العين والريان في كأس الأبطال للنخبة    تعديل مدة رفع ملفات حماية الأجور إلى 30 يوماً من أول مارس    محافظ الخرج يستقبل رئيس جامعة الأمير سطام بن عبدالعزيز    روسيا تدرس السعودية والإمارات كموقع محتمل لقمة بين بوتين وترمب    نائب أمير الشرقية يستقبل قائد القوة الخاصة للأمن البيئي بالمنطقة    عبدالعزيز بن سعد: رالي حائل الدولي ..حقق مكاسب تنموية ورياضية واقتصادية تتماشى مع رؤيه الوطن 2030    أمانة القصيم تنفذ أكثر من 658 ألف جولة رقابية خلال عام 2024    استئصال ورم سرطاني ضخم يزن 8 كغ من بطن مريضة بالقصيم    7 مليون فحص مخبري في مستشفى الرس خلال 2024    تفعّيل برنامج "جهود المملكة العربية السعودية في محاربة التطرف والإرهاب"    سلمان بن سلطان يدشن قاعة المؤتمرات الكبرى بغرفة المدينة    أمير الجوف يستقبل قائديّ حرس الحدود بالمنطقة السابق والمُعيَّن حديثًا    جولة مدير مستشفى عفيف العام التفقديه    رئيسة وزراء الدنمرك: غرينلاند ليست للبيع    "كشتة البديع" تجتذب المزيد من العائلات والأفراد ب 19 فعالية متنوعة    تقييم صادم للنجم المصري عمر مرموش ومدرب «مان سيتي» يبرر !    الجامعة الإسلامية تُطلق فعاليات "أسبوع البحث العلمي السادس"    الدولار الكندي لأدنى مستوياته في 22 عاماً    5 مخاطر صحية تهدد العاملين بنظام المناوبات    عبدالله آل عصمان مُديراً لتعليم سراة عبيدة    من أسرار الجريش    العلاقات بين الذل والكرامة    مواقف تاريخية للسعودية لإعادة سورية لمحيطها العربي    إن اردت السلام فتجنب هؤلاء    في الجولة ال 20 من دوري" يلو".. الصفا يستقبل العدالة.. والبكيرية يواجه الجبلين    محافظ جدة يطلع على خطط المرور والدفاع المدني    كلنا نعيش بستر الله    التعاقدات.. تعرف إيه عن المنطق؟    «عاصفة الفئران» تجتاح 11 مدينة حول العالم    شرطة الرياض تقبض على مقيم لمخالفته نظام مكافحة جرائم الاتجار بالأشخاص    3 أهداف تتنافس على الأجمل في الجولة ال18 من مسابقة دوري روشن للمحترفين    على هوامش القول.. ومهرجان الدرعية للرواية    القيادة تعزي أمير الكويت في وفاة الشيخ دعيج إبراهيم الصباح    القيادة تُعزي رئيس ألمانيا في وفاة الرئيس السابق هورست كولر    أمير تبوك يواسي أسرتي الطويان والصالح    الأسرة في القرآن    تفسير الأحلام والمبشرات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



جامعة عربية جديدة في عالم متغيّر.. آمال تغذيها الأحلام فهل يبددها الواقع؟
نشر في المدينة يوم 21 - 07 - 2011

جامعة الدول العربية ورغم انعدام ثقة المواطن العربي فيها وقراراتها لفترة طويلة وجدت نفسها في قلب الربيع العربي وفي وسط رياح التغيير التي اجتاحت ولا زالت دولا عربية عديدة.
والأمين العام لجامعة الدول العربية الدكتور نبيل العربي هو نفسه قادم من ميدان التغيير حيث حمله المتظاهرون إلى وزارة الخارجية المصرية.. ثم حملته رياح التغيير إلى مقعد الأمين العام، مغادراً مقعد الوزير ويومها قيل عن أن مصر خسرت العربي وكسبته الجامعة.
الجامعة العربية وهي النظام الإقليمى الأقدم في العالم حيث سبقت في ولادتها الأمم المتحدة الكيان الأممي الأكبر والأشهر ب 34 يوماً ظلت جامعة للدول وليست للشعوب العربية لدرجة أن الأمين العام السابق لها السيد عمرو موسي كان يحرص تباعاً على أن يصحح اسمها لمن يتحدث من الجامعة العربية إلى جامعة الدول العربية.
وربما كان خروجاً ملحوظاً إلى حد الاستغراب والتساؤل على القاعدة انحياز الجامعة للشعب الليبي حين قررت تأييد الحظر الجوى على ليبيا وتجميد عضويتها في الجامعة.. فهل يشكل هذا الخروج الاستثنائي تجاوباً مع التغيير لنجد جامعة عربية متغيرة في عالم متغير؟
هذا التساؤل العريض تنضوي تحته علامات استفهام عديدة تكتسب مشروعيتها من التاريخ بوثائقه ومن الواقع بمتغيراته..
فلو كانت الجامعة للشعوب كان يمكن تفادي كوارث عديدة مثل مذبحة جلجلة العراقية ومأساة حماة السورية؟ وهل الجامعة الآن قادرة على الانحياز للشعوب ؟ وماذا تحتاج لتحقيق ذلك وهى حسب ميثاقها جامعة للدول؟ هل تحتاج إلى تعديل أنظمتها؟ أم إلى من يؤمن بذلك؟
التحديات كثيرة أمام الجامعة وأمينها العام وهي التي ستحدد مستقبلها ومعه المستقبل العربي.
العربي: أستشعر تقبلًا من الدول لدور الجامعة وصبيح: الأمين العام يزور اليمن بعد سوريا
هبت رياح التغيير على البلدان العربية، رياح التغيير كانت عاتية على بعض النظم، وكانت أقل حدة في بعض الدول، وتم احتواؤها بإرادة مشتركة من الأنظمة والشعوب في حالات أخري، الموقف التغيير الجاري في المنطقة العربية محور اختلاف بين كثير من الدول العربية، إذ يدعم البعض حركة الشعوب ويحترم رغباتها في التغيير والبعض الآخر يعارض حركة الشعوب، ورغم الموقف العربية المتباينة من حركة التغيير إلا أن الثابت حتى الآن أن تصدعات كبيرة أصابت بعض الأنظمة العربية، وتهاوى استقرار كثير من الحكومات، وبنفس القدر باتت رياح التغيير تدق أبواب الجامعة العربية وبشدة، وبات الحراك الشعبي الذي تموج فيه المنطقة العربية يشكل تحديًا للجامعة باعتبارها منظمة رسمية مما يجعلها بين خيارين كلاهما مر: إما الانحياز للشعوب العربية، وإما أن تدعم وتتبنى موقف الشعوب، ومع الإعلان عن اختيار الدكتور نبيل العربي أمينًا عامًا للجامعة العربية خلفًا للأمين السابق عمرو موسى، تعالت الهمسات داخل أروقة الجامعة العربية وفي كواليس أجهزة صنع القرار في الدول العربية، ومعها تساؤلات من قبيل، هل يقود نبيل العربي رياح الثورة والتغيير في المؤسسة العربية العتيدة؟وينطلق هذا التساؤل من خلفية الأمين العام الجديد، فهو وزير خارجية الثورة المصرية، وحامل لواءها في الخارج لبضع شهور، وبعد كل هذا باتت قيادات الجامعة مجبرة للإجابة على تساؤلات محورية مثل ما هو موقفها من الحراك السياسي في الشارع العربي؟ وهل ميثاق الجامعة باعتبارها منظمة تجمع بين أنظمة رسمية يعطل انحيازها للحراك الشعبي، وكيف تواءم الجامعة بين التعبير عن الأنظمة الرسمية وبين الاستجابة لمطالب الجماهير العربية، وهل الجامعة العربية في حاجة إلى تعديل الميثاق واللوائح كي تتحرر من القيود الرسمية وتستجيب لمطالب الشعوب.
العربي: دور مقبول للجامعة
من جانبه قال الأمين العام لجامعة الدول العربية الدكتور نبيل العربي: إن قضية الحراك السياسي الذي تشهده بعض الدول العربية محور اهتمام الجامعة العربية، وأن زيارته الأخيرة لسوريا تتسق مع هذا النهج للجامعة العربية، وسوف يتواصل في المرحلة القادمة وبما يعكس اهتمام الجامعة بما يحدث في البلدان العربية، حيث إن الجامعة العربية لا تتجاهل هموم المواطن العربي ومطالباته بالتغيير الذي يحقق طموحاته ويحفظ للبلدان العربية استقرارها.
وأضاف أن المستجدات في المنطقة العربية ورياح التغيير التي هبت على بعض الدول، وما يحدث من إصلاحات في سورية واليمن وليبيا محل اهتمام ومتابعة من قبل الأمانة العامة للجامعة العربية، إن الأوضاع في المنطقة في مختلف الدول محط متابعة دقيقة من قبل الجامعة العربية ونهتم في هذا الوقت بشكل عاجل وملح بالقضية الفلسطينية التي تمر الآن بمرحلة تغيير مسار في محاولة حل هذه القضية، مؤكدًا أنه يجب إنهاء الموضوع الفلسطيني وانسحاب إسرائيل من جميع الأراضي المحتلة، وفي هذا الإطار تم التحدث أيضًا عن هضبة الجولان السوري المحتل. واعتبر العربي أن المطلوب الآن هو بحث التساؤل الآتي: هل يكون هناك دور للجامعة العربية إزاء المتغيرات في المنطقة؟ وأطرح هذا التساؤل إلى كل الدول العربية، وإن كنت استشعر أن هناك تقبلًا بأن يكون للجامعة العربية دور في هذا الموضوع. وحول الأوضاع في ليبيا، يرى العربي أن موضوع ليبيا موضوع آخر، مؤكدًا أنه كان هناك خلط وعدم تقدير وتخط للتصور الذي قامت به الجامعة العربية، فالجامعة تحركت في 11 مارس الماضي بموضوع ليبيا لفرض حظر للطيران، ولكن الجامعة لم تمنح الترخيص بالقتال في ليبيا، مؤكدًا أنه لا يمكن قبول ممارسة الضغط على الجامعة لإصدار قرار مشابه ضد سوريا، رافضًا أي تشهير يطال الجامعة العربية ويطال رموزها، ويدعو العربي الدول العربية إلى تناسي أي نوع من الخلافات، وأي نوع من الحساسيات في الماضي، والنظر إلى المصلحة المشتركة للأمة العربية، والعمل في هذا الاتجاه. وشدد على أن الأمانة العامة لجامعة الدول العربية تلتزم بميثاق الأمم المتحدة وميثاق الجامعة العربية، ولا تقبل التدخل في شؤون أي دولة من الدول، مشددًا على أن الاستقرار السوري والمصري والليبي واليمني هو استقرار للدول العربية كلها.
ويرى الأمين العام للجامعة العربية أن الحالة الثورية التي تشهدها الدول العربية تفرض علي إما أن أكون متفرجًا أو مشاركًا، وأنا أرفض أن أكون متفرجًا، وعليه ذهبت إلى سوريا دعمًا للإصلاح، وأفكر في لقاء العقيد معمر القذافي في المرحلة القادمة بعد دعوتي بوقف إطلاق النار خلال شهر رمضان وحقن دماء الشعب الليبي، ومستعد للذهاب إلى أي مكان إذا يحقق الهدف منه.
الجامعة للدول والشعوب
ويرى الأمين العام المساعد بجامعة الدول العربية لشؤون فلسطين السفير محمد صبيح في حديثه ل«المدينة» أن الجامعة العربية تتفاعل مع الحراك في الشارع العربي، وهي مؤسسة تجسد الحلم العربي على المستويين الرسمي والشعبي، ولا يوجد لديها فصل بين مصالح الشعوب ومصالح الحكام ويقول صبيح: إن الأمين العام للجامعة العربية الدكتور نبيل العربي مهتم بالأحداث التي تشهدها بعض الدول العربية، وتسعى الجامعة العربية وأمينها العام إلى حل كل المشاكل وزيارته لسوريا تؤكد هذا النهج، وأتوقع أن تتواصل تحركات الأمين العام إلى عواصم عربية أخرى مثل اليمن بعد الإعداد والتنسيق مع كل الإطراف، مشيرًا إلى أن الجامعة لن تقف ضد أحلام الشعوب في الحرية والديمقراطية، وأن كل نشاطات الجامعة العربية لخدمة القضايا العربية والدفاع عن حقوق الشعب العربي في كل أرجاء الوطن العربي من المحيط إلى الخليج، وأضاف دعنا نركز على القضية الفلسطينية باعتباري مسؤولًا عنها بالجامعة، وهي قضية شعب يعاني من الاحتلال والقهر والبطش من العدو الإسرائيلي المحتل، وأن كل تحركات الجامعة العربية للتخفيف من مشاكل الشعب الفلسطيني والذي هو بالضرورة جزء من الشعب العربي، وأن الجامعة العربية تركز كل نشاطها لحل القضية الفلسطينية وهي تتحرك الآن لخوض معركة الاعتراف بالدولة الفلسطينية داخل الأمم المتحدة وهذا لدعم حلم الشعب الفلسطيني في دولته المستقلة، وقال: إن إسرائيل لديها مخططات لإفساد الثورات العربية وتدفع أموالا لهذا الغرض، مشددا على ضرورة التنبه لتلك المخططات بعد أن تواترت الأنباء عن ضبط شبكات إسرائيلية للتجسس على الثورات العربية مثل التي تم الإعلان عنها في مصر، وأن إسرائيل ليس من مصلحتها نجاح الثورات العربية لأنها تخشى من ثورة الشعوب العربية، وبرز ذلك في تحرك الشعوب العربية في ذكرى نكبة فلسطين والمظاهرات الحاشدة في كثير من العواصم العربية.
وقال صبيح: إن المناخ العام في الدول العربية مع الإصلاح والتغيير وتحقيق أحلام الشعوب العربية في الحرية والديمقراطية، وأن هذا الحراك الشعبي ومحاولات الإصلاح من المتوقع أن يكون مردودة ايجابيا على القضية الفلسطينية التي تحتاج إلى زخم وحركة الشعوب العربية في هذه المرحلة المفصلية التي تتجه السلطة الفلسطينية وبدعم عربي إلى الأمم المتحدة للحصول على اعتراف دولي بدولة فلسطين وعلى حدود الرابع من يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشريف.
مشيرًا إلى أن المعطيات تشير إلى وجود مناخ دولي مواتٍ للحصول على الاعتراف الدولي بالدولة الفلسطينية وقال إن المطالب الفلسطينية تحظي بما يقارب الإجماع العالمي باستثناء الموقف الأمريكي الرافض للتحرك العربي إلى الأمم المتحدة، ونحن نرد على الإدارة الأمريكية بأن الفيتو الأمريكي لن يرهبنا، وسوف نذهب إلى الأمم المتحدة بإجماع عربي، ودعم كبير من المجموعة الإسلامية ومجموعة عدم الانحياز.
مؤكدًا: لتثبيت حدود 67؛ لأن الأرض الفلسطينية والقدس تتآكل، والاعتراف الدولي بالدولة الفلسطينية سيصبح لها حصانة، يسقط مزاعم إسرائيل من أن هذه أرض متنازع عليها.
خبير إستراتيجي ل "المدينة": الجامعة ملتقى للأنظمة وليست منتدى لشعوبها والانحياز لها درب من الخيال
تتقاطع المتغيرات التي تشهدها المنطقة العربية مع المتغيرات الإقليمية والدولية لتزيد من التحديات التي تواجه الجامعة العربية وأمينها العام الجديد الدكتور نبيل العربي، وتحدد هذه المتغيرات نسق تفاعلات الجامعة العربية في المرحلة المقبلة،كما ستحدد مدى قدرة الجامعة في التعاطي مع هذه المتغيرات التي تحدد مساراتها الشعوب العربية وليست الحكومات، ولأول مرة في تاريخ المنطقة، «المدينة» ناقشت المتغيرات والتحديات التي تواجه الجامعة العربية وقيادتها الجديدة مع الخبير الاستراتيجي الدكتور سعد الزنط رئيس مركز الدراسات الاستراتيجية وعلوم الاتصال، في محاولة لاستشراف مستقبل العمل العربي المشترك، ومستقبل إدارة المنظمة العربية.. وهذا تفاصيل الحوار...
أنفلونزا الحرية
** هل ثمة متغيرًا في الشارع العربي تدركه الجامعة العربية باعتبارها منظمة النظام الرسمي؟
بداية أنبه إلى فجوة كبيرة تفصل بين شطري سؤالك.. فالشارع العربي لا يرتبط نهائيًا بالجامعة العربية ولا أمل في ظل دستورها ولوائحها العصية على التغيير أو حتى المواءمة مع الواقع الجديد الذي يجتاح الأمة العربية بترتيب ممنهج ومتصور في غياب شبه كامل للجامعة، ويمكننا أن نرجع عدم الإدراك من جانب الجامعة –بوعي مقصود أو بغير وعي– لأسباب كثيرة منها ما هو قديم ومتعود ومنها ما هو طارئ عجزت أجهزة الاستشعار في معظم الأنظمة العربية عن استيعابه والتعامل بآلية مناسبة، أما الجديد وهو الأخطر فهو حالة التقوقع والتحصن والتخندق والتوحد والانعزالية التي تقابل هذه الأنظمة «تسونامي» التي ضربت الوطن العربي، وقد طالت بعض مفاصله وفي الطريق لبقيتها.
..والجامعة ملتقي للأنظمة العربية الحاكمة وليس منتدى لشعوبها ونحن في حالة استنفار واستعداء بكل أسف ما بين معظم الشعوب وأنظمتها، وهي حالة يظن البعض أنها مؤقتة ومحددة وهم واهمون، فنحن نعاني حالة استشراء عدوى كبيرة لأنفلونزا الحرية والديمقراطية لن تتوقف، خاصة وأن هناك قوى دفع من خارج الحدود الجغرافية.
مقومات الانحياز غير متوفرة
** لو انحازت الجامعة للشعوب...هل كان يمكن تفادي كوارث مثل حلب وحماة؟
أعتقد أن الجامعة لكي تنحاز للشعوب يجب أن تتوفر لديها أولًا الإرادة ثم القدرة، وأقصد الإرادة السياسية التي تكفي وتكفل توفر رؤية سياسية واضحة ونية للتمسك بها ثم القدرة على بناء القرار الصائب والجماعي وجرأة إصداره تبنيه بأمانة وقناعة.. ربما أن الجامعة مرآة لأنظمة رسمية ومعظم الأنظمة حاليًا تعاني الانكسار أو الترهل، من هنا فنحن نتكلم عن كيان غير واضح المعالم ويفتقد للحد الأدنى من الإرادة أو القدرة وهو أمر يوصلنا لنتيجة حتمية وهي أن مقومات الانحياز غير متوفرة وأن توفر قليلها فهي تتآكل مع الوقت في ظل ميثاقها من جهة وفي ظل رياح التغيير من جهة أخرى.
**وماذا عن ميثاق الجامعة، وهل يشكل عقبة أمام انحيازها للشعوب إن أرادت؟
من الصعوبة بمكان أن نتصور تحيز الجامعة لشعوبها حتى لو تم تعديل ميثاقها ولوائحها الحاكمة، فذاك درب من دروب المستحيل، فزيت المصباح والمدفأة تدفعه الأنظمة الحاكمة، وهي الوحيدة القادرة على إصدار قرار برفع أجهزة الاستمرار في الحياة عن جسد الجامعة الذي أدخل لغرفة العناية المركزة منذ عقود.... وربما يكون من اللائق أن أجدد الآن ما سبق أن ذكرته في إحدى ندوات جريدة «المدينة» العام الماضي بأن جغرافيا الوطن العربي سوف تتغير خلال سنوات، وسيعاد كتابة تاريخه من جديد وكل ما نراه سيكون في زمن الماضي.
أما إذا كان المقصود من السؤال هو إمكانية تحقق أمل تحول الجامعة من جامعة للدول العربية إلى جامعة للشعوب العربية، فهذا أمر غير وارد وغير ممكن التحقق، فمتطلبات وفاتورة هذا التحول ستكون باهظة على كافة المستويات ومعظم الأنظمة لن تسمح بتمرير ذلك على الأقل في الوقت الراهن أو القريب.
وهنا لا بد من الإشارة في هذا المقام للحالة الاستثنائية التي اتبعتها الجامعة مع ليبيا مؤخرًا، فقد كان القرار ضد نظام التغيير أكثر منه انحيازًا للشعب الليبي، خاصة وأن القرار كان مدعومًا مسبقًا من أنظمة عديدة داخل وخارج المنطقة.
فشل سياسي
** ألا يعتبر قرار الجامعة بتأييد الحظر الجوي على ليبيا وتعلىق عضويتها انحيازًا للشعب الليبي؟
أنا أتصور أنه قرار عربي ضد نظام العقيد القذافي بكل تأكيد وصادف هوى ومصلحة غربية ولا وجود مجال هنا مطلقًا للكلام عن انحياز للشعب الليبي، وبكل أسف فالقرار على المستوى الاستراتيجي كان ضد المصلحة العلىا للأمة العربية وخطر على منظومة الأمن القومي بكاملها، فالقضية لم تعد في النظام الليبي والعقيد القذافي والحظر الجوي ولا حتى الشعب الليبي، نحن الآن نرى تدميرًا لكل شيء في ليبيا، وتواجه ليبيا خطر التقسيم وسوف يدفع الشعب الليبي الجزء الأكبر في التكلفة والباقي يأتي على حساب الأمن العربي.
ونحن نسلم بضرورة إنهاء نظام العقيد الذي أرهق شعبه وأمته العربية، ولكن لا يجب أن نتوقف بدورنا عن حد إصدار قرار ويتلقفه الآخرون ويديرون الموقف بالكامل لمصالحهم ثم ندفع الثمن، إنه الفشل السياسي الذي تعاني منه الجامعة العربية على مدار تاريخها.
**هل يمكن تكرار إصدار القرار فيما يتعلق بدول عربية أخرى؟
- أعتقد أنه صعب التكرار.. إلا إذا توفرت نفس المعطيات السيئة المحلية والإقليمية والدولية مع بقاء حالة التشرذم العربي على ما هي علىه.. وعمومًا هناك ظروف سياسية واستراتيجية تتحكم وليست بالضرورة ظروف عربية.. فالقرار العربي الآن يتم إعداده في مطابخ غير عربية على غرار من يقومون بتربية الجيل العربي الجديد، فالأم البديلة هي التي تربي والإعلام الغربي هو الذي يكمل التربية والتعلىم ووسائل التكنولوجيا الحديثة بمثابة القوى الناعمة التي يتم بها حاليًا إعادة تشكيل وتوجيه الرأي العام العربي إلى القبلة الجديدة لنا وهي حتمًا تجاه الغرب تمامًا كصناعتها وصناعها
التحول يحتاج وقتًا
**هل ثمة أمل في انحياز أكبر من الجامعة للشعوب على الأقل من زاوية احتواء المتغيرات في الشارع؟
- أنت تتكلم في المستقبل، واستشراف المستقبل بالنسبة للجامعة والأنظمة والشعوب العربية يلزمه صبر دؤوب، وربما يتحقق الأمل بتحول الجامعة إلى جامعة شعوب تنحاز له وتعمل من اجله، ولكن ذلك في رأيي يسبقه تغير كبير أتوقع حدوثه في جغرافيا الوطن، فالتغيير قادم قادم لا محالة، ويلزم الجامعة في عهدها الجديد بقيادتها التي تتصف بالعقل والرزانة والخبرة أن تضع في اعتبارها أن المستقبل يأتي مختلفًا جدًا عن واقعنا، فلتتدخل وتشارك في صناعته بدلًا من أن يفرض علىنا فرضًا.. يجب أن نعيد هندسة بيوتنا ونهيئها بالمواءمة مع مصالح وتطلعات شعوبنا، كما نعيد بناء جامعة عربية تعكس توحد إرادة الأنظمة مع إرادة وطموحات شعوبها دون تناقض أو تصارع وفي ذلك الضمانة لاستقرار هذه الأنظمة وانحياز الجامعة لشعوبها وهو أمر في حالتنا لن يغضب هذه الأنظمة، وفي اعتقادي أن هذا التحول سوف يستغرق وقتًا طويلًا قد يتخطى فترة رئاسة د. نبيل العربي للجامعة ويتطلب مجهودًا جمعيًا مخلصًا وبوعي وإدراك لمتطلبات المستقبل، الأمر مهم وخطير ومكلف على المستوى الاستراتيجي ولكن المقابل الذي قد تدفعه الأنظمة وشعوبها ربما يكون غاليًا للدرجة التي لا تحتمله.
التغيير لا الترقيع
** ماذا تحتاج الجامعة...هل تحتاج إلى أمين عام يؤمن بالانحياز للشعوب أم تعديل أنظمتها؟
- الانحياز من جانب الجامعة للشعوب يعني تحولًا جذريًا في الرسالة والاستراتيجيات والهدف والآليات التقليدية التي تلازمت معها منذ نشأتها في عام 1945م وهو أمر كما أسلفنا يتطلب إرادة سياسية لكل الدول وقيادة استراتيجية مؤهلة، التغيير له مقومات ومتطلبات وخطط ورجال.
وربما يتوفر الآن أهم عناصر قيادة التغيير بوجود د. نبيل العربي على رأس الجامعة ولكن تبقي العناصر الأخرى غائبة، فالوطن العربي الآن يعاني تسونامي لن يتوقف بسهولة وسوف يستغرق ربما سنوات وعند توقفه نكتشف أننا أصبحنا في معظمنا مفلسين وغير قادرين بقدر كافٍ على إعادة البناء وهي المرحلة الأخطر.
أما قضية التعديل في الأنظمة فاعتقد أن الوقت والفرصة المتبقية أمام الأنظمة الحالية ضيقة للغاية وإن كان هناك أمل وأفضل أن يكون التعديل شاملًا لا يتوقف عند حد الترقيع للخرق، فالشعوب أمست أكثر واعيًا وتمسكًا، وهو أمر واضح في الأحداث الجارية في تونس ومصر وسوريا واليمن وليبيا وحتى البحرين التي توازي وتساوي إلى من في تقييم الحالة إلى حد بعيد، والسرعة مطلوبة وبدون مخادعة.
أما الأنظمة التي تحتاج إلى تعديل أو تغيير فاعتقد أنها جميعًا وبدرجة نسبية، المهم أن يستوعب القادة أن الماء الذي يمر من تحت إقدامهم ومن بين أيديهم الآن لن يأتي ثانية، يجب استيعاب الدرس، لآن في ذلك الحفاظ على الكرامة الوطنية، يكفي ما حدث لصدام حسين، وقد أهدرت كرامتنا جميعًا كعرب في العراق بكل أسف، ويتكرر الآن الموقف، وتقريبًا بنفس السيناريو في دول عربية أخرى.
إن استوعبنا الدرس، وأحدثنا بأيدينا كأنظمة كل ما من شأنه تحقيق طموحات شعوبنا، فحتمًا سننجو، وساعتها يمكننا أن نتحدث عن جامعة شعوب عربية تتوحد فيها الرسالة والأهداف؛ لأنها واحدة ويتماشي عندها تعارض أو تقاطع آمال الشعوب مع توجهات ورؤى قادتها.
أمين عام جديد.. وشارع عربي جديد.. هل ينتجان جامعة عربية جديدة؟
سعيد كمال متفائل.. والسفير فرج وحمزاوي يتوقعان تغييرًا.. والسفير شكري: لا جديد لدى الجامعة
يرى مساعد الأمين العام السابق لشؤون فلسطين بالجامعة العربية السفير سعيد كمال أن القضايا السياسية سوف تحتل الاهتمام الأول للدكتور نبيل العربي في ضوء المناقشات والمداولات التي تناولت هذه القضايا من خلال القمم العربية التي عقدت من قبل.
يشير إلى أن القضايا التالية التي ستلقى أولوية هي القضايا التي تتعلق بالتنمية والاقتصاد للدول العربية، متوقعًا أن يكون لدى الأمين العام الجديد اهتمامات قوية جدًّا في خلق وحدة دراسات متعددة ومتنوعة سيتقدم بها للوزراء في مذكرات تتناول جميع المواضيع من اقتصادية، وثقافية، وسياسية، وتربوية، كي يكون القرار المتخذ يمثل الواقع والحقيقة؛ حتى نصل إلى الحد الأدنى من المواقف العربية الموحدة.
ويشير كمال إلى أن ذلك سوف يساعد العربي ومعاونيه في مختلف الميادين التي تخدم مواطني الشعوب العربية، وتعبر عنهم وسيعمل العربي على وحدة الشعوب العربية، ودعم التحرك العربي لخدمة القضايا العربية الموجودة على الساحة.
ويبدي كمال تفاؤله باختيار العربي أمينًا للجامعة العربية خاصة أن قرار اختياره جاء بالإجماع، كما أن العربي معروف باتجاهه القومي العروبي، ومواقفه ضد السياسات الصهيونية؛ ما سيدعم الموقف الفلسطيني في إعلانه للدولة الفلسطينية على حدود 67 لكي تكون المدخل في المفاوضات لوجود حل نهائي للحدود والأمن، وعودة اللاجئين؛ ما سيجعل الدولة هي الطرف المفاوض.
ويضيف كمال أن ذلك يوضح أن الدكتور نبيل العربي على درجة من الوعي والاستيعاب لكلِّ هذه التفاصيل.
ويقول مساعد وزير الخارجية المصري السابق السفير محمود فرج إن وضع الجامعة العربية بقيادة الدكتور نبيل العربي سيكون مختلفًا عن أي أمين سابق تولى قيادة الجامعة.
ويؤكد السفير فرج أن الجامعة ستتغير طريقة تعاطيها مع الأحداث الموجودة على الساحة، وسيكون التغيير جذريًّا بالنسبة لقضية فلسطين، والتي كان آخرها المصالحة الفلسطينية بين حركتي فتح وحماس.
فى حين يعتقد أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة الدكتور عمرو حمزاوي أن الاهتمام بالمسائل الداخلية سيكون هو الأبرز في الفترة المقبلة، خاصة أن مصر الآن في عنق الزجاجة والستة أشهر المقبلة ستكون حاسمة بالنسبة لموقف السياسة المصرية، والذي سينعكس بدوره على سياسة الدول العربية وبالأخص الجامعة العربية.
مؤكدًا أن الجامعة العربية سيكون لها شكل مختلف بقيادة الدكتور نبيل العربي، ودور أكثر تماسكًا من ذي قبل، ولن يكون خاضعًا لأي دول أجنبية خاصة الولايات المتحدة الأمريكية.
ويقول مساعد وزير الخارجية السابق السفير محمود شكري: إن أمين عام بقامة الدكتور نبيل العربي هو شيء إيجابي، لافتًا إلى أن هذا لا يكفي، فتغيير الأشخاص ليس هو الحل، فالمهم هو تغيير السياسات التي كانت تتبعها الجامعة من قبل، فإرادة الدول العربية ما لم ترحب بأن يكون لها دور قوي فلن تستطيع الجامعة فعل أي شيء.
ويضيف إن التفويض الذي يقدمه قادة الدول العربية للأسف لا يعبِّر عن الشعوب، وبالتالي فلو لم يتغير موقف القادة العرب فستظل الجامعة مجرد منظم للمواقف الرسمية التي يتبناها قادة تلك الدول، وسوف يظل الموقف العربي كما هو محلك سر.
ويشير شكري إلى أن الجامعة العربية لن تستطيع أن تقدم أي شيء ملموس أو إحداث تغييرات جوهرية فعلية وليست لفظية، خصوصًا في ظلِّ الثورات التي تجري في سوريا واليمن وليبيا والاتجاه الجدي لإعلان الدولة الفلسطينية، ما لم يكن هناك برلمان عربي منتخبًا انتخابًا حرًّا وديمقراطيًّا يدعمها في مواقفها، ويعبر عن إرادة الشعوب العربية، وليست عن قيادات ورؤساء تلك الدول.
معالجة “شح” المياه واستعادة 800 مليار دولار تحدد “صلاحية” العربي وبيت العرب
تعد مشكلة المياه من أخطر المشكلات التي تواجه المنطقة العربية خلال القرن الجاري، وذلك لما تتصف به المنطقة من شح في الموارد المائية، فضلاً عن أن أكثر من 75% من الموارد المتوفرة تنبع من خارج حدود الوطن العربي، ووقوع 15 دولة عربية تحت خط الفقر المائي، والأخطر من ذلك تبني بعض الدول اقتراحات خطيرة تتمثل في محاولات إقناع المجتمع الدولي بتطبيق اقتراح تسعير المياه وبالتالي بيع المياه الدولية، وتبني بعض المنظمات الدولية لتلك الاقتراحات، متناسين حقيقة الارتباط الوثيق بين الأمن المائي والغذائي من جهة، والأمن القومي العربي من جهة أخرى، وهو ما قد يؤدي إلى تفجر صراعات سياسية وربما عسكرية على هذه الموارد، وهذا تحدٍ خطير يستوجب مضاعفة الاهتمام وتكثيف الجهود بموضوع الأمن المائي العربي من قبل الأمين العام الجديد، ويمكن الإشارة إلى مظاهر قضية المياه في الوطن العربي
وأبرزها أزمة المياه في مصر التي طفت مجدداً على سطح الأحداث بعد توقيع خمس من دول المنابع إثيوبيا وأوغندا ورواندا وتنزانيا وبورندي وكينيا اتفاقية «عنتيبي» الخاصة بتقاسم مياه النيل من جديد واقتطاع جزء من حصة مصر المائية التاريخية البالغة 55 مليار متر مكعب، والتي تؤمن 98% من احتياجات مصر المائية ما يهدد الأمن القومي المصري.
وتتواصل مع أزمة المياه في الخليج حيث يصل نقص المياه في دول الخليج إلى حوالي مليار متر مكعب، ومن المتوقع أن يرتفع الطلب على المياه في هذه الدول إلى 47 مليار متر مكعب بحلول عام ،2015 ولكن سيكون المتوفر في ذلك الوقت 5 .21 مليار متر مكعب، وهو ما يعني تفاقم عجز المياه في هذه الدول مستقبلاً.
وتكرر هذه الأزمة في عدة دول عربية مثل سوريا والعراق والأردن وفلسطين، فإن أزمة المياه لها أبعاد أخرى منها ما هو فني ناجم عن الطبيعة المناخية القاحلة في بعض هذه الدول، ومنها ما هو سياسي مرتبط بسياسة تركيا بشأن نهري دجلة والفرات بحكم موقعها بجريان المياه في النهرين، ورفضها إخضاع نهري الفرات ودجلة للقانون الدولي أو التوصل إلى اتفاق مع سوريا والعراق لاقتسام مياههما، وبسياسة «إسرائيل» التي تسعى للسيطرة على المياه العربية في المناطق المحيطة بها، حيث إن المياه تشكل أهم مكونات الاستراتيجية «الإسرائيلية»
المليارات الهاربة
ويزيد من عمق هذه التحديات الاقتصادية التى تواجه الدول العربية وتدفع بالجامعة العربية عن مخارج لها، تلك الدعوات الغربية لإنشاء مشروعات إقليمية بديلة في المنطقة، ومن أهمها التكتل المتوسطي الذي تدعو إليه أوروبا والتكتل الشرق أوسطي الذي تتزعمه أمريكا و»إسرائيل» وتروج له المؤسسات الدولية.
وأيضا هروب الأموال العربية إلى خارج الوطن العربي، وتشير بعض الإحصاءات إلى أنّ ما يزيد على 800 مليار دولار (من أموال العرب) موظفة في الخارج، وأنه مقابل كل دولار عربي يستثمر داخل الوطن العربي، يُستثمر 75 دولاراً عربياً في الخارج، وهو ما يؤدي إلى حرمان الاقتصاد العربي من أموال هائلة يمكن الاستفادة منها لتدعيم البنية الاقتصادية والعسكرية للأمن القومي العربي.
وأمام هذه التركة الثقيلة من التحديات التي سلمها «موسى» ل «العربي»، على الأخير العمل على إعادة الجامعة العربية إلى دورها في توحيد الصف العربي وتحقيق الوحدة العربية المأمولة، وفي الوقت ذاته عدم تجاهل رغبات وطموحات الشعوب العربية، التي أظهرت التطورات الأخيرة التي شهدتها المنطقة أنه لا يمكن بأي حال من الأحوال التقليل من أهمية دورها في التأثير في قرارات حكامها.. ومع ذلك يظل التحدي الأساسي الذي يواجه «نبيل العربي» هو إلى أي مدى ستسمح له الدول العربية بممارسة مهام منصبه بحرية تعيد للجامعة العربية مكانتها المفقودة في عالم اليوم.
ذلك أن الصيغة الحالية للجامعة العربية (ميثاقها وهيكلها المؤسسي) لم تعد تناسب الظروف السياسية التي تمر بها دولها. ولذا فإن مهمة «العربي» الأولى ينبغي أن تكون السعي إلى بلورة مشروع جديد للجامعة العربية مستعيناً بالأفكار والمقترحات التي طُرحت خلال السنوات الماضية لإصلاحها وتحديث أنظمتها وميثاقها والاستفادة من تجارب بعض المنظمات الإقليمية، وتنشيط دوائر الأمانة العامة ومكاتبها في الخارج وتطعيمها بكفاءات متعلمة ومؤمنة بأهدافها، بحيث يكون التعيين على أساس الكفاءة بعيداً عن المحسوبية، وترتيب سلم أولويات الجامعة وقضاياها، لتكون قضايا التنمية والديمقراطية والإصلاح السياسي من أولوياتها، وضرورة الاعتماد على مراكز الأبحاث العلمية لمساعدة صانعي القرار على اتخاذ قراراتهم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.