أكدت ثلاثون عامًا من المسيرة المباركة لدول مجلس التعاون الخليجية على أن الوحدة قدر تلك الدول وأمل شعوبها ، وأن هذه المنظومة المتميزة من الدول ذات العبقرية المكانية والاستراتيجية والاقتصادية ، المترابطة تاريخًا وتراثًا وحضارة ، قادرة على مواجهة أعتى التحديات من خلال الوقوف يدًا واحدة وصفًا واحدًا في وجه المخاطر والتهديدات ، وتعبئة كافة إمكاناتها وطاقاتها للحفاظ على مكتسباتها الوطنية ، وهو ما أثبتته أحداث العقود الثلاثة الماضية وما تخللها من حروب جرت على أراضيها أو بالقرب منها ، ومن عمليات إرهابية دون أن تفقد شبرًا من أراضيها ، أو يتزعزع أمنها ، أو تهتز وحدتها الوطنية . ولقد ظلت القمم العادية لدول مجلس التعاون الخليجية والتشاورية خلال تلك الفترة مقياسًا لنبض الوحدة الخليجية الذي تزداد قوته قمة بعد قمة ، لما تعنيه تلك الاستمرارية من تعزيز للتواصل بين القادة الخليجيين ، وتأكيد على حرصهم الدائم على المتابعة الوثيقة والمستمرة لهذه المسيرة الخيرة . الاجتماع التشاوري الثالث عشر لقادة المجلس الذي تشهده الرياض اليوم ينطوي على أهمية خاصة لأنه يتم في مرحلة دقيقة تواجهها المنطقة ، سواءً في ليبيا أو اليمن أو سوريا ، إلى جانب تعثر تشكيل الحكومة اللبنانية ، واستمرار الاضطرابات في العراق والصومال والسودان، واستمرار التهديدات والتدخلات الإيرانية في الشؤون الداخلية لدول المجلس . بيد أنه لا يمكن تجاهل بعض الأخبار السارة التي تزامنت مع عقد القمة ، والتي يأتي في مقدمتها تعافي البحرين الشقيقة من محاولات القوى الخارجية النيل من سلمها الأهلي وأمنها الوطني وزعزعة أمنها واستقرارها ، وهو ما يشكل إنجازًا أمنيًا جديدًا يضاف إلى مجموعة الإنجازات العديدة التي تحققت للمجلس خلال تلك المسيرة الخيرة ، لاسيما في ظل ما رددته بعض المصادر الدبلوماسية من توجه القادة الخليجيين في القمة الحالية نحو اتخاذ قرارات حاسمة ضد التدخلات الإيرانية في البحرين ودول الخليج، والتأكيد على أن دول المجلس كيان موحد لا ينفصل عن بعضه البعض. كما أن اجتماع التشاورية الخليجية بعد بضعة أيام من توقيع الفصائل الفلسطينية اتفاق المصالحة في القاهرة من شأنه تسهيل مهمة دول المجلس في مساعيها نحو دعم التطلعات الفلسطينية نحو الحرية والاستقلال وتحقيق حلم الدولة .