تجربة المؤسسات الثقافية التي تشكل كيانات صغيرة في أماكن ضيقة والتي بدأت قبل سنوات في القاهرة ب “ساقية الصاوي”، وهي مؤسسة ثقافية فنية مستقلة أقيمت أسفل كوبري الزمالك بوسط العاصمة المصرية. يبدو أنها أغرت الكثيرين من المهتمين بشؤون الثقافة والفن والأدب في مصر، وبخاصة بعد النجاح الكبير والانتشار الواسع الذي حققته التجربة خلال السنوات الأخيرة، وكان تشييد الإعلامي والشاعر المصري جمال الشاعر لمؤسسته الثقافية التي اختار لها اسم “بيت الشاعر” خير مثال على حذو ذات المنهج محققًا هو الآخر نجاحًا كبيرًا بجذب عناصر ثقافية وفنية من مصر والعالم العربي رغم بداية المشروع بإمكانات محدودة. ولم يقتصر الأمر على ذلك فحسب بل امتد ليشمل مؤسسات ثقافية وكيانات أخرى جديدة تابعة لوزارة الثقافة المصرية، وهو ما حدث أخيرًا في مدينة الإسكندرية المصرية، ولكن هذه المرة كانت أسفل كوبري محرم بك بالمدينة السياحية ذات التاريخ الثقافي الطويل الضارب بجذورة في أعماق الحضارة اليونانية القديمة وعلى بعد كيلو مترات من “مكتبة الإسكندرية”الجديدة ذلك الصرح الثقافي والعلمي الكبير، فقد منح اللواء عادل لبيب محافظ الإسكندرية قطعة أرض تقع أسفل كبرى محرم بك لقصور الثقافة لكي تكون منفذًا مسرحيًا من أجل نهضة ثقافية أفضل لمحافظة الإسكندرية، متخذًا هذا القرار في حفل توزيع جوائز مهرجان التذوق المسرحي الذي اختتم فعالياته مؤخراص بالإسكندرية. وجاء هذا الدعم للمهرجان عندما شاهد شبابًا في مسابقة العلوم الدولية التي كان يرأسها شرفيًا العالم المصري د. أحمد زويل. وفي حفل توزيع جوائز الدورة الثالثة للمهرجان بعنوان “مسرح بلا إنتاج” على مسرح الجيزويت قام محافظ الإسكندرية، ومعه د. أحمد مجاهد رئيس الهيئة العامة لقصور الثقافة بتوزيع الجوائز على الفائزين في المهرجان، الذي أقيم بقصر التذوق الفني بحضور المخرج عصام السيد مدير الإدارة العامة للمسرح، وعدد كبير من نقاد المسرح. رهان على الهواة وأكد د. أحمد مجاهد رئيس الهيئة أن الرهان الحقيقي في المسرح، لا بد أن يكون على الهواة، والرهان على الهواة لا بد أن يكون رهانًا على الشباب، ومسرح بلا إنتاج وفقر الإنتاج يؤدي إلى إعمال التفكير لإيجاد بديل فني عن التكلفة العالية في إنتاج العرض، والحقيقة أن هذه هي الدورة الثالثة للمهرجان، ونحن سعداء بها، ونأمل فى السنوات القادمة في أمرين، أولهما الاتفاق على ألا يظل المهرجان مغلقًا على مستوى مصر ولكن يجب أن يمتد لكل أرجاء الوطن العربى، وأن المهرجان في العام القادم يستضيف فرقًا مسرحية من الوطن العربى في دورته القادمة. أما الأمر الثاني فهو موافقة محافظ الإسكندرية على منح قطعة الأرض التي تقع أسفل كوبري محرم بك لهيئة قصور الثقافة لتكون مسرحًا للشباب السكندري. استغلال المساحات الفارغة كما تحدث جمال ياقوت مدير قصر التذوق ورئيس المهرجان قائلًا: “أشعر بالفخر والاعتزاز من شباب الإسكندرية الرائع الذي حصل على دعم كل المؤسسات الرسمية وغير الرسمية والحقيقة أن هذا الإبداع وراءه كتيبة من شباب تفانوا في حب المسرح فأبدعوا ما يمكن إبداعه، فإن فكرة المهرجان ببساطة هي أن نعمل بفلسفة “مسرح بلا إنتاج” بمعنى أننا ندرب الشباب على إعمال خياله من أجل خلق كل الديكورات والصور الفنية الممكنة من خلال العمل على خياله فقط، لكي يخلق هذه الصورة الغنية بلا مقابل مادي، لكي يصل إلى عقل الجماهير وبالتالي تتحقق المساحة الفارغة من خلال تدريب ممثل. دقة استخدام المصطلحات من ناحية أخرى أعلن د. علاء قوقة توصيات لجنة التحكيم التي تكونت من د. سامي عبدالحليم، د. علاء قوقة، الفنان حازم شبل، والمخرج سامح بسيوني، حيث أوصت اللجنة شباب المسرحيين بالدقة في استخدام المصطلحات، وبخاصة المسميات الخاصة بالصورة المرئية، مثل استخدام مصطلح الرؤية التشكيلية، أو السينوغرافيا، عناصر الصورة، الديكور، الملابس، الإضاءة ولا تستخدم هذه المصطلحات الأخرى إلا في حالات خاصة لها صلة بطبيعة العرض، وكذلك أوصت اللجنة بمناشدة المسؤولين عن الحركة المسرحية في مصر الاهتمام بالمهرجان وتدعيمه نظرًا لكونه منفردًا عن باقي المهرجانات الفنية التي تقام في مصر، وله خصوصية ومن الممكن أن يتمخض عنه ظهور رجال مسرح موهوبين يثروا الحركة الفنية في مصر، وناشدت اللجنة الفنانين المشاركين في الاحتفال الاهتمام باللغة العربية، وهذا لا ينفي الإشادة بأحد العروض المشاركة، والتي كانت اللغة فيه منضبطة بشكل لافت. ومنحت لجنة التحكيم جائزة خاصة لعرض “شفيقة ومتولي”، جائزة الإضاءة، مركز أول إبراهيم الفرن عن “شفيقة ومتولي”، والمركز الثاني لمحمود العجمي عن “الغرقى”، كما منحت اللجنة جائزة أفضل تأليف باسم الفنان مؤمن عبده مناصفة مع سامح عثمان عن مسرحية “القطة العميا” وحسام عبدالعزيز عن مسرحية “ألون مين معايا”، بالإضافة لجائزة أفضل تقنية لإبراهيم الفرن عن مسرحية “القطة العميا”. إلى جانب جائزة أفضل ممثلة باسم الممثلة سامية جمال، حيث حصلت سارة رشاد على المركز الأول عن مسرحية “شفيقة ومتولى”، كما حصل كل من أميرة حافظ عن عرض “ألون مين معايا”، مناصفة مع رنا السيد عن عرضي “باب الفرج” و “القطة العميا” على المركز الثاني، وحصل إسلام عيسى على المركز الأول جائزة أفضل ممثل باسم الفنان ياسر ياسين عن عرض “الأيام السبعة”، كما حصل محمد خميس على المركز الثاني عن مسرحية “ألون مين معايا”، وجائزة أفضل مخرج باسم الفنان سيد الدمرداش، حصل على المركز الأول إسلام عوض عن مسرحية “الأيام السبعة”، والمركز الثاني حسام عبدالعزيز عن مسرحية “ألون مين معايا”. أما بالنسبة لجائزة أفضل عرض فاز بالمركز الأول العرض المسرحي “الأيام السبعة”، والمركز الثاني “ألون مين معايا”.