* لا يوجد بيت في طول الوطن وعرضه لم يشتكِ من الارتفاع المخيف في فاتورة الكهرباء الشهرية. فمنذ بضعة أشهر والفاتورة الكهربائية ترتفع بطريقة أصابت الجميع بصدمات كهربائية قاتلة، فقد تضاعفت أرقامها إلى مبالغ لم تعدْ مقبولة، أو مفهومة، أو مبررة من قِبل المستهلكين. * وبما أن الكهرباء عصب الحياة العصرية، واعتبرها العالم أهم مخترعاته حتى نهاية القرن العشرين الميلادي، فلم يترك زميل كاتب، ولا صحيفة يومية الحدث يمر دون الكتابة عنه، وتفصيل جوانبه سواء التضررية للناس، أو التعجبية منهم. * ومع ذلك فلا شركات الكهرباء أفصحت وأصدرت بيانات تبرّد كبود المستهلكين، ولا الوزارة الموقرة وزارة المياه والكهرباء تدخلت، بل أصدقكم القول إنني مع صمت الوزارة خفت ووضعت يدي على قلبي من أن يخرج أحد مسؤولي الوزارة، ويبرر الارتفاع بحالة نفسية أصابت المستهلكين..! * التفسيرات المجتمعية والتبريرات المتسربة من هنا وهناك، تُرجع أسباب الارتفاع إلى الخلط بين التجاري والسكني في بعض الشقق والمساكن، وهو تفسير لا يمكن استيعابه، فليس كل المساكن المتضررة هي القريبة من المحلات التجارية، بل جميعها لحقتها حمّى الارتفاع حتى وإن كانت فوق رأس جبل!. * كما أن الارتفاع وإن كان يفرق بين التجاري والسكني إلاّ أنه عالٍ جدًا جدًا، ويشكّل عبئًا ماليًّا كبيرًا على المحلات التجارية، وبالتالي على الحركة التجارية بأكملها؛ ممّا ينعكس على المواطن العادي والغلبان في زيادة أسعار الإيجارات، والمواد الغذائية. والمواطن بالكاد يوفي بمداخيله الضئيلة متطلباته المعيشية الأساسية..! * ومن شدة تعجّب الناس ومعاناتهم من الارتفاع المخيف في فاتورة الكهرباء انطلقت شائعات في كل الزوايا المجتمعية بأن مراقبي العدادات من فنيي شركات الكهرباء يحسبون الاستهلاك وهم في المقاهي، وعلى طريقة «شختك بختك» أي.. أي كلام!! وإن صحّت هذه الشائعات، فهي مؤشر خطير جدًا جدًا ليس فقط في انعكاساته العبئية على المواطن، بل وعلى الوطن بأكمله، حين يصبح التلاعب بفواتير الاستهلاك بهكذا شكل، حينها سهل جدًا التزوير في أي وثيقة حتى وإن كانت طبية..! * الصمت العجيب من قِبل شركات الكهرباء، وعدم تدخل وزارة المياه والكهرباء دفع ويدفع المجتمع إلى مطالبة جهات حكومية رقابية عليا التدخل العاجل، وإلزام شركات الكهرباء النظر بجدية إلى أسعار الكهرباء، خاصة وأن الدولة أعطت وتعطي شركات الكهرباء مزايا وتسهيلات لا توجد في أي مكان آخر في العالم. * إن لم يحدث تدخل فوري وعاجل وحازم في حل هذه الإشكالية، فأخشى ما أخشاه أن تستمرئ الشركات والمؤسسات التعدّي على حقوق المواطن، وسلبه اطمئنانه المعيشي، وهو ما قد يتحول إلى نقمة مجتمعية يعلم الله وحده انعكاساتها. د. عبدالرحمن سعد العرابي فاكس: 6718388 – جدة [email protected]