نجحت إسرائيل في صرف نظر المفاوضات التي لا تزال تدور في دائرة مفرغة منذ قرابة 18 عامًا عن هدفها الأساس وهو إنهاء الاحتلال والتوصل إلى حل الدولتين الذي يضمن إقامة دولة فلسطينية حرة مستقلة قابلة للحياة على الأرض الفلسطينية التي تحتلها إسرائيل منذ حرب يونيو 67 بعاصمتها القدس الشريف ، حيث بدا للمراقب في ضوء اللقاءات الثلاثة التي عقدت بين وفدي التفاوض الإسرائيلي – الفلسطيني أن القضية الأساس في تلك المفاوضات تدور حول استمرار تجميد الاستيطان من عدمه ، فيما طرح المفاوض الإسرائيلي قضية أخرى جديدة هي ضرورة اعتراف الجانب الفلسطيني بيهودية الدولة ، وذلك ضمن الاستراتيجية نفسها التي اتبعها بنيامين نتنياهو في فترة ولايته الأولى عام 1996 التي تقوم على افتعال أزمة جديدة لإطالة أمد المفاوضات إلى أطول فترة ممكنة . الموقف الفلسطيني الراهن الذي ينص على رفض مواصلة المفاوضات ما لم تصدر موافقة إسرائيلية على تمديد الاستيطان يستحق الإشادة ، ورغم أن هذا الموقف جاء متأخرًا عن سياقه الزمني لأنه كان يفترض اتخاذه منذ استئناف المفاوضات بعد مؤتمر أنابوليس في عهد رئيس وزراء إسرائيل السابق إيهود أولمرت ، إلا أن هذا الموقف الفلسطيني الجديد ينبغي أن يستمر وأن يؤكد على أن التجميد سواءً لشهرين أو أكثر أو أقل ينبغي أن يقترن بالانتهاء بترسيم الحدود بين الدولة الفلسطينية المرتقبة وإسرائيل ، لأن إنهاء ملف الحدود يعني أن أي بناء استيطاني جديد لن يكون له أي أهمية. إذا كان ثمة مؤشرات تلوح في الأفق حول ظهور فرص للتوصل الى اتفاق امريكي اسرائيلي حول تمديد تجميد الاستيطان لفترة قد تقل عن شهرين مقابل ضمانات سياسية وأمنية كبيرة ، فإن الفلسطينيين ينبغي أن يتمسكوا بشرطهم بإعطاء الحدود على سلم أولوياتهم كما نصحهم بذلك الرئيس المصري حسني مبارك خلال خطابه بمناسبة ذكرى حرب أكتوبر. .