لا ينبغي مواجهة دعاة حرق المصحف الشريف والمناهضين لبناء المركز الثقافي الإسلامي بالقرب من مركز التجارة العالمي في نيويورك الذي دمره هجوم 11سبتمبر 2001 بنفس سلاح الكراهية الذي يرفعه هؤلاء الناس، ويعكس شكلاً من أشكال التطرف والإرهاب، فالدين الإسلامي الحنيف إنما انتشر وعم نوره أرجاء المعمورة من خلال مبادئه العظيمة التي تحض على الوسطية والاعتدال والتسامح. محاولة إلصاق تهمة الإرهاب، والتعصب، وكراهية الغير بالإسلام والمسلمين بسبب شرذمة من الخارجين عن تعاليم هذا الدين القيّم يقودها متطرفون على الجانب الآخر يقطع سلوكهم العنصري البغيض بأن التطرف ليس حكرًا على أصحاب دعاية بعينها، بل إن مَن وصموا بالتطرف الإسلامي جاءوا في غالبيتهم من خارج المؤسسة الدينية الرسمية في الإسلام، فيما نرى متطرفين مسيحيين يحضون على الكراهية وإحراق المصحف الشريف من داخل المؤسسة الدينية المسيحية في الغرب الأمر الذي يقطع بأن للتطرف أصولاً وجذورًا داخل هذه المؤسسة، لابد من التصدّي لها من قِبل المجتمعات الغربية التي تتحدث عن الديموقراطية وحرية الاعتقاد، وإلاّ باتت ديموقراطية الغرب مهددة هى ذاتها. تكمن المفارقة في الحملة الجديدة على الإسلام في أن حرق المصحف الشريف، أو حتى إحراق صفحات من الإنجيل وهو عمل إجرامي دنيء لا يرتب على فاعله في دول الغرب أية عقوبة تحت مبرر حرية التعبير، بينما إنكار المحرقة النازية والتشكيك في عدد ضحاياها من اليهود يعرض صاحبه للاعتقال والمحاكمة والملاحقة. ما يدعو إلى الاستغراب حقًا استنكار العديد من المسؤولين في دول الغرب لدعوة حرق المصحف الشريف ورفضهم سلوك ذلك القس المتطرف في ولاية فلوريدا الذي لا يزيد أتباع كنيسته عن 50 شخصًا لأن هكذا تصرف يمكن أن يشكل خطرًا على حياة جنود الناتو في أفغانستان، وليس لسبب يتعلق باحترام العرب والمسلمين ومعتقداتهم، أو مراعاة مشاعرهم الدينية بالرغم من أن قوانينهم تمنع كل عمل من شأنه الحض على الكراهية أو التحريض على العنف، وبالتالي فإنه يمكن بكل بساطة تطبيق القانون ومنع القس وأتباعه من ارتكاب الجريمة وإنهاء الأزمة التي حاول هذا القس الحاقد إثارتها لا لشىء إلاّ لإكساب الإسلاموفوبيا شحنة جديدة من الكراهية ضد المسلمين.