يُجمع الخبراء على أن انعدام الرقابة الحكومية يقود إلى إهدار وسرقة المال العام. هذه القاعدة يوضحها ببساطة المثل الشعبي الذي يقول: ”المال السايب يعلم السرقة”. وإذا كانت الديمقراطيات الغربية قد وضعت وسائل مُتعددة للحفاظ على المال العام وعدم إهداره، أو التلاعب به أهمها مبدأ الفصل المتوازن بين سلطات النظام السياسي الثلاث (التنفيذية والتشريعية والقضائية) فإن النظام الإسلامي يرتكز على أخلاقيات سامية تتمثل في الصدق والأمانة والبر والرحمة والعفو والصفح والعدل وما سوى ذلك من مكارم الأخلاق ومحاسن الصفات التي لابد من مراعاتها عند إنفاق المال العام في وجوه الصرف المختلفة. وقد سبق الإسلام تشريعات الغرب في وضع أسس التعامل مع المال العام والمرافق العامة. قال الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ) (لأنفال:27) وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “من استعملناه منكم على عمل فكتمَنا مخيطاً فما فوقه، فهو غلول يأتي به يوم القيامة”. كذلك فقد كان من سنة الخلفاء الراشدين إقامة هذه الرقابة. وإذا كان هناك نكوص عن هذه المبادئ الإسلامية فهو ليس ذنب الإسلام بل يعود إلى تردي حالة المسلمين أنفسهم. وهو ما يُذكرنا بمقولة الإمام محمد عبده عندما سافر لفرنسا: «رأيت إسلاما بلا مسلمين، ورأيت مسلمين بلا إسلام» قالها لأنه رأى جوهر هذا الدين العظيم يتحقق في غير المسلمين ورأى في المسلمين عكس ذلك. [email protected]