الإنسان خلق الله أبدع سبحانه في صنعه، روح وجسد .. روح ترتقي به إلى عالم الملائكة والسمو عن الدنايا والخطايا، وجسد له متطلبات وحاجات فسيولوجية تتناسب مع طين الأرض. وفي توافق عجيب يحدث التوازن بين متطلبات الروح والجسد عندما يفهم الإنسان كُنه حقيقته ولو بشكل نسبي ( وفي أنفسكم أفلا تبصرون ) ومع الروح والجسد عقل يفكر ويخطط ويدبر ويعمل على إدارة شؤون هذا الإنسان في تناغم محكم بأمر وقدر من الله تعالى وكل ميسر لما خلق له. ولكن من منّا استطاع أن يغوص في أعماق وجدانه يبحث عن ذاته وعن ذكرياته وأحزانه وآلامه وأفراحه أيضاً. من منّا يعمد إلى أن يخلو بنفسه فيحتضنها ويحدثها ويعلم مكنوناتها ويعالج احتياجاتها ومتطلباتها.. أم أن الدنيا أخذتنا بعيداً عن ذواتنا ولا نفيق من دوامة الحياة إلا عندما يشتكي الجسد. الروح والجسد ثنائي لا يفترقان إلى أن تحين ساعة الأجل وإلى أن تأتي هذه الساعة التي لا يعلمها إلا الله، نحن بحاجة إلى مصالحة بينهما حتى نحيا حياة سعيدة هانئة مطمئنة في سلام وهدوء وسكينة. هذه بعض التأملات التي شعرت بها عندما اطلعت على فلسفة نسيج الحياة وعلاقة ما نعانيه اليوم من تزايد للأمراض في هذا العصر ( ضغط –سكر – فشل كلوي –سرطان .... وكذلك معاناة مع مشاكل نفسية وعصبية وقلق وتوتر ) علاقة ذلك كله بأفكارنا ومعتقداتنا نحو ذواتنا ودواخل أنفسنا وذكرياتنا ومشاكلنا التي قد نتجاهلها حينا من الزمن ولكن لا بد أن يأتي اليوم الذي تظهر آثارها على تصرفاتنا وعلاقتنا مع النفس ومع الآخرين رضينا أم أبينا. كل هذه الأفكار تداعت عند قراءتي لكتاب ( عفواً سيدي الامبراطور ) لسعيد العلوني في سلسلة نسيج الحياة والذي يعد المطبوعة العربية الأولى التي تشرح رؤية جديدة للصحة والسعادة. نصيحة أسديها لكل من أراد أن يعيد اكتشاف ذاته وعلاقة ما يعانيه من أمراض ومشاكل صحية أن يتأمل فيما يؤمن به من أفكار وما يخالجه من مشاعر وأحاسيس وذكريات ومعاناة قد يعيشها اليوم واقعاً ملموساً ويتجاهلها أو يدير لها ظهره، أو ماضٍ مر به في مرحلة ما من حياته ولم يتخذ قرارا مناسبا لمعالجة واقع كان يحياه ولم يواجه الحقيقة في حدث بعينه، مما قد يسبب له تراكمات من المشاكل النفسية والجسدية التي قد تخبو حينا من الدهر ولكن تظهر في مستقبل الأيام عندما يتعب الجسد وتتعب الروح. ما أروع أن نكتشف ذواتنا ونتصالح ونتصارح مع أنفسنا ونتأمل في دواخلها لترتقي الروح وترتاح ونحميها بإذن الله من الآلام والمتاعب. لنعد ترتيب أوراقنا الداخلية بشيء من التنظيم والغوص في أعماق أعماق نفوسنا ولكن بهدوء شديد مع الحرص على أخذ الوقت الكافي لفعل ذلك .. في التأني دائماً السلامة ولا تستعجلوا حصد النتائج، فالسلام والأمان مع النفس والروح قادم ولنتفاءل بمزيد من السعادة في حياتنا.