في الرياض تحديدًا حركة بناء هائلة، فمنذ خروجك من المطار الدولي تكتحل العينان برؤية مشروع حرم جامعة الأميرة نورة بنت عبدالرحمن.. رافعات على مد النظر، ومبان لا تُكاد تحصر من كثرتها. ويُقال إن في داخل الجامعة (مونوريل) أي قطارًا معلّقًا لنقل الطالبات والمنسوبات من نقطة إلى أخرى. وجامعة الملك سعود تعيش هي الأخرى ثورة بنيان لها، وللوقف الذي بدأت مشواره بخطى سريعة تسابق الزمن، إضافة إلى وادي التقنية الذي شرع هو الآخر في القفز فوق عوائق الزمان والمكان. وأمّا مشروع أبراج مركز الملك عبدالله المالي، فهو مثير فعلاً للغيرة والغبطة معاً، غبطة لأنه مشروع استثماري جبار يصب في مصلحة كل متقاعد إذ هو ملك للمؤسسة العامة للتقاعد، كما يصب في مصلحة المواطن، إذ إن عوائد هذا الاستثمار ستخدم مؤسسة حكومية عامة ستضطر الدولة إلى دعمها في حالة عدم قدرتها على الوفاء بجميع التزاماتها. ولأني من جدة، فقد أصابتني رعشة الغيرة متمنيًا أن يكون لمدينتي الحبيبة (وكل مدن الوطن حبيبات) نصيب وافر من هذه المشاريع العملاقة، خاصة تلك التي تعود للمؤسستين العامتين الكبيرتين التقاعد والتأمينات الاجتماعية. ومشروع مركز الملك عبدالله المالي يتضمن عشرات الألوف من الأمتار المربعة التي يمكن تأجيرها لعدد من قطاعات الدولة التي هي في أمسّ الحاجة إليها، خاصة تلك التي تفتقر إلى الحد الأدنى من متطلبات الاستقبال الكريم لمراجعيها والمستفيدين من خدماتها. والتي تقبع حاليًّا في مبانٍ مستأجرة لا تليق بها، ولا بالوطن الأكثر ثراءً بالنسبة لمعظم دول العالم. قائمة هذه القطاعات طويلة تبدأ بالجوازات، والأحوال المدنية، ومكتب العمل، والحقوق المدنية، وكتابات العدل، والمحكمة العامة، وفروع عدد من الوزارات مثل التجارة والصناعة، والمياه والكهرباء، والنقل وغيرها، من تلك التي تعانى من رداءة مبانيها المستأجرة التي لم تصمم أصلاً لتؤدي وظائفها على الوجه الذي ينبغي. هنيئًا للعاصمة ثورتها البنائية الهائلة، وعسى أن يكون لشقيقاتها نصيب عمّا قريب، وفي عهد الملك الطموح عبدالله بن عبدالعزيز أمد الله في عمره، وبارك له في عمله. [email protected]