قال الضَمِير المُتَكَلِّم : مواطن يبلغ من العمر خمسة وستين عاماً اجتمع بأبنائه والصِّغَار من أحفاده ؛ ، نظر إليهم ، أخرج زَفَرَاتٍ حرّى من صدره ، وبدأ بكلمات موسيقاها الحزينة بِضْع آهات ؛ يا أولادي في هذه اللحظات بالذات أحِسّ أني مواطن مهزوم ؛ نعم أنا مهزوم جدا يا أبنائي ، فلم أحقق لكم شيئاً ؛ ولذا جمعتكم لأروي لكم حلقات من مُسَلْسَل تاريخي هزائمي : الحلقة الأولى : يا أبنائي أنا من الفئة التي تسمى بذات الدخل المحدود ( طبعاً هذا في السابق، أما اليوم فهذه الفئة حَقها أن تُعْرَف بذوي الدخل المعدوم ) المهم يا أحبابي أنا مسلم ، أُحِب وطني ، وفي عِشقه أسكب روحي ودمي ، أَعْلَم أنّ لوطني عليّ حقوقاً، ولكني أدرك أيضاً أنْ لِي عنده حقوقاً ). صدقوني أنا مواطن بسيط ، كنت وما زلت مواطناً غَْلَبان أعيش خارج محيط الزمان والمكان، لا يهمني التجارة والتجار ، ولا حتى الحِوار، لا أعرف ( العلمانية أو الليبرالية أو السلفية أو الإخْوانية ) ، أو غيرها من المصطلحات السياسية والفكرية التي يتقاتل عليها ويتقاذف بها المُترَفُون المترهلون مادياً الذين لا هَمّ لهم إلا التّحَزبات والتصنيفات ، أنا ( وأعوذ بالله من كلمة أنا) مسلم على الفِطْرة ، لا أبحث عن الشهرة . الحلقة الثانية : إياكم يا قُرّة عيني والوظيفة المدنية ؛ فقد كنت موظفاً ورغم خبرتي ومؤهلاتي وإخلاصي في العمل ذبحني نظام الخدمة المدنية بسكين التجميد في مرتبتي المتواضعة سنين طويلة؛ والحجة مسمى وظيفتي، مع أن بعض زملائي من أهل السطوة والحظوة حَوّروا مسمى وظائفهم فوصلوا إلى أعلى المراتب والرواتب في ظل نظام إداري يبدو أنه يطبق المثل المصري القائل: (تشْتغَل كثير تِغْلط كثير تِتْرِفِد، ما تِشْتغلْش ما تِغْلطش تِتْرَقى) وأنا لم أُفْصَل من عملي، ولكني بقيت أسير سجن مرتبتي الوظيفية حتى تَقَاعدي! نعم تقاعدت ولم يتقاعد نظام الخدمة المدنية البالي والمتهالك ! أعزائي من تفاصيل حكايتي يبدو أنكم أُصْبتم بالنعاس يا أعز الناس ، فلعلي أكمل لكم مسلسل هزائمي بعد غَدٍ الخميس .ألقاكم بخير والضمائر متكلمة . فاكس : 048427595 [email protected]