امتاز النمط العمراني في جزر فرسان بأصالته وجماله ودقة إبداعه بما يعكس فناً جمالياً خاصاً جعل جزر فرسان تتميز عن سواها من محافظات منطقة جازان بمنط عمراني فريد. ولم يأتي ذلك التميز والتفرد محض الصدفة بل جاء نتيجة تواصل تام ورحلات تجارة دامت لسنوات طوال من قبل تجار الجزيرة خاصة تجار اللؤلؤ والمرجان وعلاقة بيع وشراء مع تجار دول الخليج العربي وعدد من دول المشرق والمغرب مما إنعكس على النمط العمراني بالجزيرة حيث تأثر التجار بما شاهدوه من أنماط عمرانية ومبان خاصة في بلاد الهند فعمدوا بدورهم لبناء مثل تلك المباني في جزر فرسان كل وفق إمكانياته وقدراته المادية. ويمثل منزلا الرفاعي الأثريين بجزيرة فرسان واللذان صدرت موافقة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز أل سعود حفظه الله على تحويلهما والأراضي المحيطة بهما إلى مركز ثقافي يشتمل على مكتبة عامة خلال زيارته لمنطقة جازان قبل نحو أربع سنوات دليلا على ذلك التميز في النمط المعماري الفرساني ومعلما أثريا يبرز المهارة الفنية والمعمارية لأبناء الجزيرة. ويقف المنزلان اللذان تعود ملكيتهما لكل من حسين بن يحي الرفاعي واحمد منور الرفاعي كشاهد على جمال ورونق وبراعة أبناء الجزيرة في التصميم والبناء والتنفيذ وثراء تجار الجزيرة وإرتفاع مستوياتهم المعيشية عندما كان اللؤلؤ هو التجارة الرائجة ومصدر الدخل الأساس إلى جانب صيد الأسماك لسكان الجزيرة في حقب زمنية مضت. وأعتمد الأهالي في بناء المنزل الفرساني على خامات البناء الموجوة في الجزيرة ومنها الشعاب المرجانية التي تمثل صخورا كلسية قابلة للتشكيل مما يتيح للبنائين التحكم في فنيات البناء بالإضافة إلى خام الجص والذي توجد مناجمه بفرسان حتى اليوم والذي تم استخدامه بطريقة بدائية بواسطة حرق صفائح الجص ثم طحنه بواسطة الهراوات ليصبح ناعم الملمس ويعمل على شكل خلطات لتلييس الجدران. وكما شكل الجص بعد خلطة وتركه لفترة طويلة يصل معها لمرحلة الجفاف مادة صالحة لنقش بعض الآيات والأحاديث النبوية والعبارات الترحيبية بالضيوف والرسومات الجمالية التي تزين بها واجهات وأركان المنزل. ولإضفاء لمسات جمالية أخاذه على المنزل لم يكتفي التجار وبالمواد الخام الموجوة في البيئة الفرسانية بل عمودوا لجلب مواد أخرى من بعض البلدان التي يزورونها مثل لوحات العاج والزجاج الملون والأخشاب الثمينة والاستعانة ببنائيين معماريين مهرة واصحاب خبرة فنية عالية. ويمكن للسائح والزائر لجزيرة فرسان أن يقف على ذلك الإبداع من خلال زيارة لمنزل المنور الرفاعي الذي تم الإنتهاء من بنائه في العام 1341ه وتزينه من الداخل أحزمة نقش عليها آيات من القرآن الكريم وطليت بطلاء ذهبي اللون وأحزمة أخرى من الخشب على جدار المنزل من الخارج تمثل شرائح نحتت عليها آيات قرآنية ألى جانب بعض الصور لصاحب الدار وبعض اصدقائه في كل من بريطانيا وفرنسا. وعلى مقربة من منزلي الرفاعي الأثريين بجزيرة فرسان يقف شاهد أخر على حرص وعناية الفرسانيون بالفن المعماري ذلك الشاهد هو مسجد النجدي الأثري الذي شيده تاجر اللؤلؤ إبراهيم التميمي يرحمه الله عام 1347ه وأهم ما يميز هذا المسجد هو النقوش والزخارف الإسلامية التي تشبه إلى حد كبير تلك الموجودة في مسجد قصر الحمراء.