احتفظ بذاكرتي منذ كان عمري صغيراً. ربما نسيت أشياء عشتها قريباً أو قرأتها أخيراً، لكن صورة مكة وأنا طفل بمبانيها وعاداتها وتقاليدها وقيم أهلها لن تمحى من الذاكرة، ولذلك تجدني اليوم أحزن عندما أفتقد أشياء كثيرة في حياتنا الجديدة. * كنا أنا وأخي احمد نحوم كالفراش في مجلس والدنا الذي كان يمتلئ بالضيوف عصر كل يوم، فإذا وجد بين الحاضرين أحد مدرسينا اختفينا. كان لمعلمينا هيبة، لم ترفض أسرة أن يعاقب معلم ابنها حتى في حالة استخدامه للعصا، كان الشائع أن عصا المعلم من الجنة، وأن المعلم كاد أن يكون رسولاً. كانت الأم التي يستعصي عليها تربية ابنها تأتي إلى المدرسة لتشكوه إليها. شاهدت وأنا في المدرسة الابتدائية زملاء يعاقبون بالفلكة أمام أمهاتهم وأحيانا بحضور آبائهم والكل يرفض اليوم ذلك الأسلوب التربوي القديم وقد تحاسب الجهات التعليمية من يلجأ إليه. لكن الذي يزعجنا اليوم ان نقرأ في صحفنا بين يوم وآخر أن طالبا اعتدى على معلمه باليد أو اللسان وأن ولي أمر طالب ذهب بنفسه إلى المدرسة ليعاقب معلما ذنَّب ابنه. * كيف نعيد الاعتبار للمدرسة والمدرس؟ يجب أن يكون ذلك من أولويات إصلاح التعليم في بلادنا!.