قدم التشكيلي المصري محمد الطراوي تجربة جديدة بعرضه خمس لوحات رسمها بألوان زيتية، ليكسر الفكرة المعروفة عنه بأنه أحد أبرز فناني المائيات في مصر، وقدم خلال معرضه “إبحار في الأبيض” المقام بقاعة بيكاسو بضاحية الزمالك بالقاهرة تجربة زيتية عبر 40 لوحة لم يبتعد فيها عن أسلوبه في التعامل مع الألوان المائية، وتقوم فكرته على نسبة وجود اللون الأبيض في اللوحة كمحور أساسي للمعرض، وعنصر بصري مهم في العمل الفني، ولكنه يتحول إلى مغزى بعيد يقصده الفنان برمزية اللون.. معتمدًا فيها على الألوان الداكنة في مساحات منها ليصل بعين المتابع لها إلى بؤرة ضوء أبيض شديد لتكون مركز اللوحة، رغم وجود ألوان ساطعة بمساحات أكبر في السماء مثلاً، ونقل خلال المعرض إلى تجربة إنسانية بوجود امرأة كعنصر أساسي في معظم اللوحات ليقدم بأسلوب تلخيصي بعدًا إنسانيًّا عميقًا عن الأماكن المفتوحة التي كان مولع بها، وقدمها في معرضه السابق، ما احتلت المناظر الطبيعية مساحة موازية في المعرض وكأنه يعرض جولة سريعة في ربوع مصر متنقلاً بين بيوت نوبية ومنزل ريفي في الواحات، وينقلك إلى مشهد سريع لقلعة قايتباى في الإسكندرية. وعن هذه التجربة واستخدام الأبيض فيها يقول الطراوي: الأساس في الفن التجريب لذلك قررت أن أقتحم خامة جديدة لم استخدمها من قبل بجرأة بعد 15 سنة من استخدام المائيات وحاولت أن أقدم نفسي بتجربة محدودة بخامة أخرى. وقد يخدع عنوان المعرض المشاهد ويسأل: لماذا الإبحار في الأبيض، ويبحث عن المساحات البيضاء الشاسعة في اللوحة، رغم تباين حجم وجوده بين اللوحات، مع أنه القاسم الأعظم الذي يجمع الأعمال، واعتمدت في ضوء المسطح الأبيض على الورق لأن الألوان المائية ليس بها درجة اللون الأبيض، فأصبح الأمر وكأني أرسم بالورق على الألوان، وأتركه يشكل نفسه وأحافظ على رقعة الضوء فتتولد منها العناصر المكانية داخل اللوحة، المعنى هنا ليس المساحات اللونية ولكن إيجاد السلام الداخلي من خلال الإبحار في صفاء اللون الأبيض، وكأني أبدأ صفحة جديدة مع الحياة بتجربة جديدة في بداية العام. وعمومًا أترك للمتلقي حرية أن يتحاور مع العمل، لأن الفكرة قابلة للتأويل على أكثر من مستوى، لأن لكل مشاهد منظورًا مختلفًا.