إن اختبار القياس والقدرات -من وجهة نظري المتواضعة- تقليدٌ غير مدروس؛ لأنه لا يقيس ما وضع لقياسه؛ فما الذي قدمناه للطالب من مهارات لنقيسه فيها.. نحن لا نقدم شيئاً غير الحشو، فهل نقصد قياس الحشو!.. فإن كان هذا هو الهدف فيعني هذا أننا نؤكد على ثقافة الحشو، وعلى أهميتها، وعدم تخلينا عنها، ونعاقبُ بالرسوب الطالبَ الذي لا يعمل وفقها؛ بينما أرى أن الذي يستحق الرسوب هو أسلوب التعليم نفسه. واسألوا عن ذلك الطلاب الذين يدرسون صباح مساء؛ ماذا تعلمتم؟! السؤال الأهم: إلى من أرسل هذا المقال، هل أرسله إلى القائمين على هذا الاختبار؟.. الإجابة: لا؛ فهم يرون أنفسهم على حق والطالب على باطل؛ ثم كيف لي أن أرسله إليهم دون أن يوجد حكم نحتكم إليه؛ أو لنقل: كيف لي أن أنازعهم في هذا وقد بات القياسُ بالنسبة لهم تجارة رابحة!.. إذن سأرسلها إلى كل من حُرِم الالتحاق بالكلية أو التخصص الذي يميل إليه هو، ويتفق وقدراته الحقيقية، لا قدرات وميول المقياس الذي لم يعدل في قياسه؛ بينما عدلت في القياس تلك السنون التي درس فيها الطالب واجتازها بنجاح. إن الذين حَرموا الطلابَ مواصلة دراستهم فيما يقدرون على دراسته، نقول لهم: ما ذنب طالب يوصم بالفشل بينما مَثَله عندكم كمثل الذي يكلف بدراسة الفيزياء ليتخرج فقيها أو قاضياً؛ ثم إنه لا يمكن أن نختبر عشرة آلاف ممتحَن، ويفشل فيه تسعة آلاف، ونقول: إن هذا الاختبار يقيس ما وضِع لقياسه، كلا؛ بل هو يقيس فشله هو ذاته.. فالمسألة أصبحت تجارة؛ حتى أن الطلاب باتوا اليوم يتلقون رسائل sms على جوالاتهم، تقول: «دع القلق وابدأ النجاح.. عزيزي الطالب/ عزيزتي الطالبة: جوال (قدرات) يقدم لكم تدريباً على شاشة جوالاتكم 10 نماذج لأسئلة اختبار القدرات بإجاباتها يومياً لرفع كفاءتكم وحفظ وقتكم بقيمة 12 ريالا شهرياً. للاشتراك أرسل 10 إلى الرقم (....). طبعاً الرسالة مليئة بالأخطاء النحوية واللغوية والإملائية؛ فقمت بتعديلها حتى لا أجرح ذائقتكم، كما أجرح أنا ذائقة مصحح الصحيفة عندما يشرع في تصحيح مقالاتي. أحد الطلاب بعث إلي بهذه الرسالة رداً على رسالة ال sms يقول فيها: «يا وزارة.. هذا فوز أم خسارة.. يا خسارة ضاع عمري، ضاع جهدي في الزبالة.. يا وزارة هذا علم ومنارة.. أصبح اليوم تجارة.